أجرى موقع "تيل كيل عربي" حوارا مطولا مع وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفة الرميد، تطرق فيه إلى مجمل القضايا ذات الطابع الحقوقي التي تشغل الرأي العام: التعذيب، العلاقات الرضائية، المثلية، الأقليات المسيحية والشيعية، الإعدام، إثبات النسب، تأنيث العدول، كما توقف طويلا عند كواليس تشكيل حكومة العثماني ، وعلاقته بالقصر وبنكيران. ننشره في ثلاثة أجزاء
أثناء تشكيل حكومة سعد الدين العثماني أثار عدد من مناضلي حزب العدالة والتنمية أسئلة كثيرة حول استقلالية قراركم الحزبي، خاصة بعد ادخال الاتحاد الاشتراكي للحكومة، هل تم بالفعل التدخل في قراركم؟
كل ما ينسب للحزب في هذا الموضوع مفتعل، وكله عديم الأساس، قلت مرارا بأن الاتحاد الاشتراكي كان مشمولا بأن يكون في الحكومة في المرحلة الأولى التي تولى فيها الأخ بنكيران مسؤولية تشكيل الحكومة، وهناك وثائق تثبت ذلك، وما يثبت ذلك أيضا هو استقبال الأخ بنكيران لإدريس لشكر مرات متعددة، وكان الأمر محسوما، لكن الإشكال وقع حينما شكل الأستاذ إدريس لشكر مع أمناء عاميين آخرين كثلة أرادت أن تتفاوض بصيغة الجمع مع رئيس الحكومة، وهو ما جعلنا نرفض هذه الصيغة بالإجماع داخل الأمانة العامة، وبعد أشهر لم يتم العثور على الصيغة الملائمة للخروج من الأزمة، وقرر جلالة الملك إعفاء الأخ عبد الإله بنكيران، والإعلان عن نيته في تعيين شخص ثان من العدالة والتنمية، كان ذلك يوم الأربعاء 15 مارس، وقد عقدنا اجتماعا للأمانة العامة يوم الخميس 16 مارس، وقررنا أن نتفاعل إيجابا مع بلاغ الديوان الملكي، وأعلنا عن ذلك في بلاغ، ويوم الجمعة مباشرة تم تعيين الأخ سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، ومكلفا بتشكيلها، ويوم السبت اجتمع المجلس الوطني، وناقش الموضوع، وأعلن مساندته للأخ سعد الدين العثماني، بعد ذلك عقد اجتماع يوم الاثنين لم يكن مبرمجا بيني وبين الأخوين عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، وإخوة آخرين، واتفقنا على أنه بالإمكان أن نفاتح المجموعات الأربعة على أن يتعاملوا مع الأخ سعد الدين العثماني بصيغة الفرد، وليس الجمع، وأنه إذا كان كذلك فسنكون ايجابيين في هذه المرحلة، وإذا بقوا على تكثلهم فسينتهي الأمر، وكلفت أنا بالاتصال بهم، ووافقوا وجاؤوا واحدا واحدا، وكان هذا بموافقة الأخ عبد الإله بنكيران ولم تفرض علينا أية جهة هذا التوجه، لكن حقا يقال أن الأخ سعد الدين العثماني حينما عين رئيسا للحكومة، ربما هناك من أوعز إليه بأن يضم الاتحاد الاشتراكي، وهذا صحيح، لكن الأخ عبد الإله بنكيران أول من أخبر بذلك، وهو الأمين العام، وقدر أن لا يخبر المجلس الوطني.
هذا ما أثار عددا من مناضلي الحزب، لماذا لم يتم اخبار المجلس الوطني بهذا المستجد، وعرضه عليه، وظل يناقش موضوع الاتحاد الاشتراكي بناء على بلاغ الأمانة العامة الذي أغلق الباب في وجهه؟
سيدي، لقد أغلق الباب في وجه الاتحاد الاشتراكي بسبب انضمامه لمجموعة الأربعة، ولم نكن قد أغلقنا الباب على الاتحاد إذا أراد أن يفاوض رئيس الحكومة بصفة منفردة.
وهل تعتقد أن المجلس الوطني إذا أخبر بهذا الأمر كان سيتخذ نفس الموقف؟
سيدي، هذا السؤال ينبغي أن تطرحه على رجلين هما الأخ عبد الإله بنكيران باعتباره أمينا عاما للحزب، والأخ سعد الدين العثماني باعتباره رئيسا للحكومة. هذا السؤال يطرح على الاخ عبد الاله بنكيران، الذي كان يتراس الحزب وقدر أن لا يخبره، وكذلك تطرحه على رئيس الحكومة، الأخ سعد الدين العثماني، الذي قدر أيضا عدم طرحه لأنه مسؤولا أولا في الحزب، وأقول لك أنه كان يمكن أن يوافق المجلس الوطني للحزب على تشكيل حكومة تضم الاتحاد الاشتراكي، وكان يمكن أن لا يوافق.
لا استطيع أن أتنبأ وأقول لك إن هذا هو الموقف الذي سيعتمد لأن هذا رجم بالغيب.
ما الذي جعلك تعارض استمرار عبد الإله بنكيران لولاية ثالثة على رأس الحزب؟
ينبغي أن تسأل هل الولاية الثالثة مشروعة في قانوننا، وجئت أنا أطالب بمنعها، أما وهي ممنوعة، فيجب أن تسأل من يريد أن يفتح بابها.
إن الأحزاب الديمقراطية تتميز بعدة ميزات، وعلى رأسها تحديد عدد الولايات، أما الأحزاب غير الديمقراطية فلا تحدد عدد الولايات، إن ما ينبغي التأكيد عليه أننا كنا من بين أوائل الأحزاب التي قررت تحديد عدد الولايات. ما الذي وقع حتى نراجع أنفسنا أيضا، ولنفترض أننا توافقنا على الولاية الثالثة فماذا سنفعل مع الرابعة والخامسة والسادسة، وهل يمكن أن نتحدث بعد ذلك عن حزب ديمقراطي؟
لقد عدت إلى تجارب دولية عديدة، ووجدت أنه كلما كان هناك انفتاح ديمقراطي يتم تحديد عدد الولايات، وكلما كانت هناك انتكاسة يتم التمديد، وسيطرة الشخص، وحكم الفرد، هذا وقع في تونس ومصر، والجزائر، ولذلك قلت أنه لو كان هناك شخص يجب التمديد له فهو نيلسون مانديلا، والذي أبى أن يتم التمديد له، رغم أن ديمقراطية جنوب إفريقيا كانت ناشئة، وقلت إن أوباما خرج من البيت الأبيض، وهو في قمة عطائه، ولو كان التمديد لا يتعارض مع الديمقراطية لمدد له.
هل حاولت اقناع عبد الإله بنكيران بالاعتذار عن "الولاية الثالثة"؟
هذا صحيح، حاولت أن أقنعه، لكنه كان يقول أنه غير معني بهذا الموضوع، وأنه كما أن هناك إخوة معارضون للولاية الثالثة هناك إخوة آخرين يؤيدونها، وهو يترك الأمر للمناضلين، هذا ما دار بيني وبينه عدة مرات، حيث أكد التزامه بالقرار الذي سيتخذه الحزب أيا كان، وأنا أشكره وأنوه به، وأقدره عاليا لأنه التزم بقرار الحزب، ولم يصدر منه أي رفض، وكان تعامله راقيا.
كيف هي علاقتك به الآن؟
علاقة عادية.
أقصد هل هناك تواصل بينكما؟
التواصل في حدود. لا أستطيع أن أكذب، طبيعي أن تتأثر العلاقة لأنني كنت أدافع عن رأيي بشدة، رغم ذلك فإنني أعرف الأخ عبد الإله وهو يعرفني. الأخ عبد الإله رجل من العيار الثقيل وأخلاقه تسمو به عن ممارسات الصغار.
كان لكم دور كبير في تشكيل حكومة سعد الدين العثماني، وكذلك استدعيت للقصر الملكي حينما عين الملك محمد السادس بنكيران رئيسا للحكومة، هل أصبحت ممثلا للإسلاميين لدى القصر؟
القصر لا يحتاج إلي، القصر يتعامل مع المسؤولين الحزبيين، والمسؤولين الحكوميين، وأنا مسؤول في الحزب وفي الحكومة، وبالتالي طبيعي أن تتعامل معي الدولة في حدود مواقعي، ولا أرى أن هناك شيئا غريبا بهذا الخصوص، لأنني إذا أردت أن لا تكون هذه العلاقة يجب أن أقطع صلتي بالحزب وبالحكومة، أما والحال أنني مسؤول فشيء طبيعي وجميل ومحبب أن يتواصل معي القصر، وهذا شرف لي ولكل من يتولى المسؤولية.
في الوقت الذي تم تشكيل حكومة سعد الدين العثماني في غضون أيام، اقتضى تعويض أربعة وزراء تم اعفاؤهم قرابة 3 أشهر ما أسباب هذا التأخر؟
المهم أن المنجمين خابوا فيما كانوا به يتنبؤون. كانوا يقولون إن أخنوش سوف يحصل على مناصب أخرى، وبأن حزب التقدم والاشتراكية سيتم إقصاؤه وسيعاقب.
وأقول لك إنني كنت حينما ألتقي برئيس الحكومة سعد الدين العثماني كنا نضحك مما يكتب، ونتساءل هل هناك أشياء تتم ولا نعرفها نحن.
ما أؤكده لك أنه منذ البداية كان رئيس الحكومة يخاطب حزبين فقط هما حزب التقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، لا حزب الاستقلال كان معنيا، ولا أي حزب آخر من أحزاب التحالف كان معنيا.
شيء طبيعي أن عملية التعديل الحكومي عرفت مشاكل، وكان فيها مخاض، لكنني لست مخولا كي أطلع الرأي العام على تفاصيل ما دار، هذا يبقى من صلاحيات الديوان الملكي، ورئيس الحكومة، والأحزاب المعنية، التي يمكن أن تعلن عن تفاصيل ذلك متى تشاء.
ما صحة التصريحات التي نسبت لك بخصوص الحسين الوردي، وزير الصحة السابق؟
ما قلته، وأقوله أن الذين يقولون إنه أحسن وزير عبر التاريخ، والذين يقولون أنه أسوأ وزير مخطئون. الرجل قدم الشيء الكثير للمغرب، وله كفاءة عالية، وبدل ما استطاع من جهد، لكن ذلك لا يمنع من القول إن هناك اختلالات في قطاع الصحة، كما هو الشأن بالنسبة لباقي القطاعات ينبغي تجاوزها، أما أن يؤخذ تصريحي مجتزئا، ويتم تقديمه بطريقة تشير إلى تهجمي على الرجل فذلك خاطئ تماما.