أعاد زلزال المغرب الذي ضرب عدة مناطق يوم الثامن من سبتمبر الجاري إلى الواجهة تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي تم نشره في عام 2018 حول "السكن في الوسط القروي: نحو سكن مستدام ومندمج في محيطه".
قسم المجلس توصياته في التقرير إلى ثلاثة محاور رئيسية: توصيات استراتيجية، وتوصيات تتعلق بالأمور القانونية والتنظيمية، وجوانب إدارة عملية.
على رأس التوصيات، وجه الاهتمام إلى وضع رؤية شاملة للسكن القروي من خلال التشاور مع أصحاب المصلحة وإعداد استراتيجية خاصة بهذا المجال، مع مراعاة خصوصيات المناطق المحلية بالتعاون مع الجهات المعنية.
وطلب من التقرير "إنشاء آليات لتشجيع تجميع المساكن داخل المناطق والحد من التشتت وتطوير مراكز مستدامة اجتماعيا واقتصاديا تلبي احتياجات السكان، وتعزيز الموارد المالية والبشرية المتاحة، وتوفير وسائل جديدة لتنفيذ هذه الاستراتيجية على الصعيدين الإقليمي والمحلي".
وشدد المجلس على ضرورة "إصلاح شامل لقطاع العقار باعتباره عنصرا حيويا للسكن القروي، وتفعيل الجهد الرامي إلى حل مشكلات العقار (مثل تعدد قوانين العقار وتعقيد الإجراءات الإدارية وتعدد الجهات المعنية بالقطاع) التي تؤثر بشكل سلبي على تطوير السكن القروي".
وشدد التقرير على ضرورة "فرض التزام استخدام الآليات المتعلقة بحماية الأراضي الزراعية من التوسع العمراني وفقدان إمكانياتها الاقتصادية بسبب تشتت المساكن، ضمن الإطار الوطني لسياسة الدولة المتعلقة بالعقار، وتقديم حلا عمليا يمكن للسكان القرويين من الوصول إلى سكن لائق، مع مراعاة اختلاف الظروف في المناطق وتنوع الاحتياجات وطبيعة المساحات القروية".
وأشار التقرير إلى أهمية "تحديد نطاقات التجمعات القروية، ولا سيما الدواوير والمراكز القروية الصاعدة، وإعداد مخططات محلية للتخطيط من أجل توجيه عمليات تطوير هذه المناطق والمجتمعات السكنية القروية التي تشهد ضغطا في مجال التخطيط".
وأوصى التقرير ب"تطبيق إجراءات إلزامية لحماية الأراضي الزراعية ذات الإنتاج القوي، مع تأمين إدارة مسؤولة للعقار المخصص للإسكان في الوسط القروي والمناطق شبه الحضرية".
كما أشار المجلس إلى ضرورة "تضمين مخاطر الكوارث الطبيعية (مثل الفيضانات والسيول والجفاف والثلوج والموجات الحرارية وزحف الرمال والزلازل) في السياسات العامة، وهذه المخاطر التي تشكل تهديدا للمساكن القروية، خاصة في المناطق الجبلية والواحات".
وطالب المجلس بـ"تعزيز رصد وتنفيذ الأحكام القانونية المعمول بها لمنع البناء في المناطق الخطرة، وخاصة داخل مجرى الأنهار والمناطق التي تشهد انجرافات كبيرة للتربة".
ونصح التقرير بـ"اعتماد معايير البناء المضادة للزلازل عند البناء في المناطق القروية في بعض الجهات، لضمان سلامة المباني التقليدية أو الحديثة المبنية بالطين وحمايتها من الهزات الأرضية والانهيارات".
وطالب بـ"تعزيز استفادة السكان القرويين المعرضين لمخاطر الكوارث الطبيعية من صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، الذي تم تنصيبه وتمميمه وفقا لقانون المالية رقم 40.08 للسنة المالية 2009، من خلال تطبيق التدابير الممنوحة لحماية البيئة والمساكن في العالم القروي، وتعزيز استخدام الممارسات البيئية في بناء المنازل (مثل استخدام الصبار والأشجار) لمواجهة تقلبات المناخ، والتأكد من أن الأسس الإسمنتية للمساكن القروية تمنع تسرب المياه ودخول مياه الصرف الصحي وبالتالي حدوث انهيارات في المباني".
وشدد على "تشجيع استخدام المواد المحلية في بناء أي منشأة جديدة سواء كانت خاصة أو عامة تستخدم لاستيعاب الجمهور عامة (مثل المساجد والمباني الإدارية والمنتجعات السياحية وغيرها)".
وأوصى بـ"التعاون مع مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي (مثل معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة والمدرسة الوطنية الفلاحية بمكناس والمعهد الوطني للتهيئة والتعمير والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط، بالإضافة إلى الجامعات وخصوصا أقسام الجغرافيا وعلم الاجتماع) في برامج بحثية ترتبط بالابتكار في مجال السكن القروي، وتوفير الدعم المالي والبشري اللازم".
وشدد على "تطوير أنشطة تستهدف الفاعلين المعنيين والسكان القرويين مع توفير موارد مالية كافية وتحديد أهداف ومؤشرات قابلة للقياس للتأثير الواضح".