يخوض الشاب السوداني عماد سالم حافي القدمين مباراة لكرة القدم في ساحة ترابية غير مجهزة في الخرطوم، وهو يحلم أن توفر له الانتفاضة في السودان فرصة لمواصلة تطوير مهاراته وقيادة بلاده إلى انتصارات رياضية.
وقبل غروب الشمس، يمكن يوميا مشاهدة مباريات ودية تخوضها فرق يرتدي لاعبوها قمصانا رياضية في أراض ترابية منتشرة بكثرة في كافة أحياء العاصمة، لكنها مليئة بالحفر وتخلو من المتطلبات البديهية مثل شباك للمرمى وخطوط تحد د الملعب، أو حتى أضواء كاشفة تسمح باللعب ليلا.
وقال سالم البالغ 17 عاما بحزن "لا توجد إمكانيات على الإطلاق. أحتاج إلى حذاء وأدوات وإعداد وتدريب وكل ذلك غير موجود"، فيما يتصاعد الغبار خلفه تحت أقدام رفاقه وهم يجرون خلف الكرة.
وتابع الفتى النحيف القادم من جزيرة توتي حيث يلتقي النيل الأزرق بالنيل الأبيض في وسط الخرطوم للعب المباراة التي انتهت بفوز فريقه بثلاثة أهداف لهدف، "لا أحد يحف زني على أن أطو ر نفسي أو أن أكون أفضل لاعب في السودان أو في إفريقيا. لا يوجد حافز ولا توجد ملاعب مجهزة".
وأضاف سالم وهو ابن مزارع فقير "أتمنى أن تغير الثورة هذا الواقع"، في إشارة إلى الانتفاضة التي أطاحت الرئيس عمر البشير بعدما حكم البلاد لنحو 30 عاما ولم تحظ كرة القدم في عهده بالاهتمام.
ولا توجد دوريات تنافسية رسمية للناشئين يمكن أن ينشط فيها سالم وأقرانه، ما يدفع النوادي الصغيرة في الأحياء لتنظيم مباريات ودية بينها باستمرار في هذه الملاعب المرتجلة، ولو أن وضعها المتردي يعرض الكثير من اللاعبين للإصابات.
وقال نائب رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم الفاتح باني إن "الميادين الترابية متاحة بكثرة والفرصة متاحة امام الناشئين للعب كرة القدم، لكنه نشاط عفوي وغير منظم وبدون تدريب أو إدارة".
وتابع في مقابلة مع وكالة فرانس برس في مقر الاتحاد الذي تعلوه قبة شيدت على شكل نصف كرة بيضاء كبيرة، أن "كرة القدم أصبحت صناعة لكن في السودان لا تزال تمارس بالفطرة. هناك غياب لمنافسات الناشئين".
وأشار باني إلى أن غياب هذه المنافسات يمنع الأندية السودانية من الاهتمام باللاعبين الناشئين، لكنه كشف أن الاتحاد ينوي تنظيم دوريات خاصة بهم بدءا من العام المقبل.
ولم يتأهل السودان أبدا لكأس العالم، رغم الشغف السوداني الكبير بكرة القدم. وفاز السودان، أحد البلدان الثلاثة المؤسسة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، مرة واحدة فقط بكأس الأمم الإفريقية (كان)، وكان في ذلك في العام 1970. وآخر مرة شارك فيها بهذه البطولة كان في العام 2012.
كما أن "المريخ" هو الفريق السوداني الوحيد الذي فاز ببطولة إفريقية للأندية، وذلك مر ة واحدة في العام 1989.
ورغم توسعة كأس الأمم الإفريقية هذا العام لتشمل 24 فريقا، عجز السودان عن المشاركة في الدورة التي أقيمت في مصر وتوجت بها الجزائر هذا الشهر.
وأثار ذلك غضبا وإحباطا لدى السودانيين الذين يرتدي الكثير منهم بشكل اعتيادي في الحياة اليومية القمصان الرياضية لأشهر الأندية العالمية.
وبرر باني تراجع الكرة بالسودان بـ"غياب الاهتمام الرسمي بكرة القدم".
وأوضح أن هناك حاليا 30 ملعب عشب خاصا للإيجار في الخرطوم.
وقال منذر حسن الذي يدرب فريقا للشباب معظم لاعبيه ضعاف البنية في حيه السكني إن "معظم المواهب في السودان لا تجد فرصة حتى تتطور وتصل لمرحلة متقدمة. هناك لاعبون مهرة لكنهم لا يجدون الإمكانيات والدعم المناسب".
وأشار إلى عدم وجود أكاديميات لكرة القدم في السودان، ما يحرم المواهب من "التعلم والتطور".
وتابع الشاب البالغ 21 عاما أن "أغلب اللاعبين السودانيين أقصى طموحهم ان يلعبوا في الهلال أو المريخ. ليس لديهم الطموح أن يصلوا إلى أوروبا"، في إشارة لأشهر ناديين في السودان.
وأشار باني إلى أنه لم يسبق أن احترف لاعب سوداني ينشط في الدوري المحلي في ناد أوروبي.
ويعتبر الدوري السوداني وجهة مفضلة ومربحة للاعبين القادمين من غرب إفريقيا الذين يستفيدون من حاجة الأندية السودانية للاعبين الجاهزين في غياب إعداد الناشئين.
من جهته، قال عضو مجلس إدارة نادي الهلال محمد هارون إن نظام البشير أضر بكرة القدم في السودان.
وقال لفرانس برس إن البشير قاد "نظاما إسلاميا يعتبر كرة القدم نشاطا تافها لا يستحق الدعم ولا يمكن الاستثمار فيه".
وأعرب عن أمله في أن "يغير النظام والبرلمان الجديدان القوانين المنظمة لكرة القدم" والتي تمنع بحسبه الأندية المملوكة أساسا للدولة من الاستثمار والتطور.
بدوره، أكد المسؤول باني أن "الرياضة تحتاج استقرارا. إذا حصل استقرار ستصبح الرياضة في حالة جيدة"، وختم "أتمنى أن تعطي الثورة دفعا قويا جدا لكرة القدم في السودان".