الشمسي: لهذه الأسباب كتبت "الضريح" مرغما وجعلت بطلها معلما

تيل كيل عربي

بمناسبة إصداره لأول عمل روائي له، يقدم الروائي والمحامي محمد الشمسي روايته هذه للقارئ،  كاشفا النقاب عن سر اختياره الضريح كعنوان، وعن القيمة المضافة التي تحملها الرواية وعن العقبات التي عاقت طريقه وهو يدخل عالم الرواية من باب الضريح، وعن مبررات استعانته بالتاريخ في روايته...

لماذا عنوان الضريح وكيف حضر الضريح كعنوان للرواية ؟

يمكن القول أني وضعت عنوان الرواية قبل كتابتها، وقد فرض الضريح نفسه عنوانا للرواية بلا أدنى مقاومة مني، لأن الضريح أقنعني بأن يكون عنوانا للرواية، فهو رمز للذاكرة وللتاريخ وللماضي وللصمود ومجابهة السنين والعقود والقرون، ورواية الضريح لا علاقة لها بأي طقس من الطقوس المرتبطة بالأضرحة، بل جاز القول أن رواية الضريح تأتي لتتصدى لفكر الخرافة والدجل المرتبط بالأضرحة.

ما هي القيمة المضافة التي قد يجدها القارئ في رواية الضريح؟

بالنسبة لكل عمل إبداعي سواء كان شعرا أو قصة أو رواية فإن القارئ هو الذي يبحث وينقب ويكتشف فيه عن القيمة المضافة ، مهمة المؤلف تنتهي بإصدار العمل الأدبي ووضعه رهن إشارة القارئ، فيتحول هذا المؤلف بعد ذلك إلى مجرد قارئ، وحتى الرسائل التي يبعثها المؤلف بين ثنايا روايته قد لا يلتقطها القارئ هي نفسها، بل إن القارئ حر في استنباط واستنتاج واستخراج ما يشاء من الدلالات ، لذلك حتى وإن تحدثت عن القيمة المضافة التي زرعتها في روايتي فإن ذلك يعنيني وحدي ولا يعني القراء في شيء، وعليه أفضل أن أترك المجال مفتوحا للقارئ ليخبرني عن القيمة المضافة التي تحملها الرواية.

كيف كان قرارك خوض تجربة التأليف وتحمل أعبائه المادية والمعنوية في زمن وفي مجتمع غير متحمس للقراءة ولاستهلاك الإبداع؟

كل ما أعرفه هو أن الدافع نحو الكتابة جرفني، ولم يكن لدي متسع من الوقت لأستحضر الأعباء والمجتمع الكافر بالقراءة، لذلك فالكتابة والتأليف ليسا خيارا لدى الكاتب أو المؤلف، إنهما حالة بالمفهوم الصوفي للحالة، إنهما قدر محتوم، وحتى تلك الأعباء يتحملها المؤلف بمتعة وشغف.

ما هي المشاكل التي واجهتك وأنت تدخل عالم إصدار أول رواية لك؟

أكبر عائق يمكنه أن يواجه كل كاتب هو مدى اطلاع المتلقي أو القارئ لمنتوجه الأدبي، والثبات أنه لا وجود لأي سياسة رسمية تحفز نشاط هرمون القراءة لدى الناس، وعليه يشعر الكاتب بكثير من الغبن وهو يعاين مجهوده مركونا في المكتبات والأكشاك تغطيه الأتربة والغبار، وعندي اليقين أن الدولة قادرة على حث الناس للإقبال على القراءة بوسائل شتى، لكن السؤال المطروح هو هل المسؤولون عن القراءة يقرؤون ؟ وهل هم مقتنعون بالقراءة ؟

هل أشخاص وأحداث الرواية مستوحاة من الواقع؟

شخصيا لا يهمني أن تكون الأحداث واقعية أو غير ذلك ، بقدر ما يهمني حجم القيم والمثل التي يمكن للقارئ الخروج بها أو غنمها من الرواية، إذا كانت الأحداث واقعية وجرى نقلها كما وقعت للقارئ فسنكون أمام تقرير، وإذا كانت الأحداث غارقة في الخيال والمثالية فسنكون قد هربنا من الواقع ووقعنا في المحظور، والبطولة هي المزاوجة بين الواقع والخيال قصد نسج رواية تسر القارئ وتقنعه.

تستدعي التاريخ في روايتك كثيرا، فما الغاية من استنادك على التاريخ في عمل روائي يفترض فيه أن يوظف اللغة ويعنى بالخيال؟

استدعيت التاريخ فعلا في روايتي حين جعلت من البطل معلما حاصلا على الماستر في التاريخ ومقبلا على نيل الدكتوراه في ذات الشعبة، استعنت بالتاريخ خلال المناظرة بين المعلم رشيد و"الشيخ الحيسن ومن معه"وهي تقنية أو محاولة مني لإقناع القارئ، واستمالته إلى ما أكتبه وجعله يثق في أعمالي، فأنا قارئ قبل أن أكون روائيا، وأعلم ما يجول في دواخل القارئ، فالقارئ يدخل مع المؤلف في صراع وهو يقرأ روايته، ويحاكمه في نهاية قراءة عمله، فإن أقنعه وثق به، وإن شعر أنه خذله وهذر شيئا من وقته تجنبه، لهذا أعول على التاريخ .

كم استغرقت من الوقت في تأليف الرواية؟

لعل قصة تأليف رواية الضريح هي رواية في حد ذاتها، فأنا كنت بصدد إصدار رواية أخرى في شكل سيرة ذاتية لطفل ما بين سن الخامسة وسن الثانية عشر من عمره، لكن فجأة تهب علي عاصفة "الضريح" وتجتثني من تربتي، وتدفعني إلى هجر السيرة الذاتية للطفل، وشرعت في كتابتها، يمكن أن أقول أن رواية الضريح استغرقت مني 3 سنوات، واقول أني كتبتها في أكثر من نسخة وصيغة، وكنت في كل قراءة أعمد إلى تغيير الوجهة، إلى أن قررت أن أطبعها مخافة الإفراط في تغيير المسار.

لماذا راهنت على معلم ليكون بطلا للرواية؟

لأني أؤمن بالتعليم وأحترم المعلم، ولأني أعتبر نفسي مدين لجميع المعلمين والمعلمات اللذين تناوبوا على تعليمي من سنة 1979 إلى سنة 1998 ، أي من القسم الأول ابتدائي إلى المستوى الجامعي لنيل ديبلوم الدراسات العليا في القانون، ثم لأن الأمم والشعوب لن تنهض ولن تقوم لها قائمة ما لم تكن قاطرة التعليم تجر كل المجتمع بقوة وسرعة وكفاءة وحكمة، ولأنه لا تنمية ولا نهضة ولا ديمقراطية ولا عدالة في غياب المعرفة والعلم، ولأنه بالعلم والمعرفة يحقق الإنسان خلافته لله في الأرض، لذلك كان بطل روايتي معلما واخترت له اسم رشيد فكان اسما على مسمى.