الصحافة التركية تنشر معلومات جديدة تورط ولي العهد السعودي في مقتل خاشقجي

مشتبه به (يمينا) يرتدي ملابس خاشقجي (يسارا)
وكالات

نشرت وسائل الإعلام التركية، اليوم الإثنين معلومات جديدة حول تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، وذلك قبل قيام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بكشف "الحقيقة كاملة" عن القضية، بحسب ما أعلن أمس الأحد.

وقال أردوغان الأحد إنه سيقدم تفاصيل جديدة في خطاب يلقيه غدا الثلاثاء عن اختفاء خاشقجي، الذي قتل بعد دخوله قنصلية بلاده في أسطنبول في 2 أكتوبر 2018، فيما وصف كاتب مقرب من أردوغان ولي العهد السعودي بأن ه "عدو لتركيا".
وبعد أكثر من أسبوعين من الصمت، اعترفت السعودية ليل السبت الأحد بأن خاشقجي قتل في قنصليتها في أسطنبول، لكن رواية المملكة ينظر إليها، حتى من قبل حلفائها، على أنها متناقضة وغير مرضية.

وقد سلطت القضية الضوء على ولي العهد الأمير محمد، الذي يقود حملة إصلاح في المملكة، لكنه يواجه الآن سلسلة اتهامات بأنه أمر بقتل كاتب الرأي في صحيفة "واشنطن بوست" وهو ما تنفيه الرياض بشدة.

وتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يقاوم الضغوط لوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية، عن تصريحه بأن رواية الرياض عن الواقعة "جديرة بالثقة"، ليعود ويشير الأحد الى "أكاذيب" في روايات الرياض حول قضية خاشقجي.

"عدو تركيا"

وقالت صحيفة "يني شفق" التركية اليومية الموالية للحكومة إن المسؤول الأمني السعودي ماهر عبد العزيز مترب، المشتبه بأنه قائد العملية، اتصل ببدر العساكر، رئيس مكتب الأمير محمد "أربع مرات بعد الجريمة". وقال أحد عناوين الصحيفة إن "الدائرة تضيق حول ولي العهد".

وقدم الصحافي عبد القادر سيلفي، الذي يتم رصد مقالاته في صحيفة "حرييت" اليومية كونه مقربا من السلطات، ما قال إنه تفاصيل جديدة مؤكدا أن على الأمير محمد تحمل المسؤولية.

وقال سيلفي إن خاشقجي تعرض للخنق من قبل فرقة اغتيال سعودية في عملية استغرقت نحو ثماني دقائق. ثم قام ضابط برتبة مقدم في قسم الطب الشرعي السعودي بتقطيع الجثة إلى 15 قطعة أثناء الاستماع إلى الموسيقى.

وأضاف سيلفي "لا يمكننا إغلاق هذا الملف حتى يزاح ولي العهد (السعودي) من منصبه ويقدم للمحاكمة. لا يمكننا أن نعيش خمسين عاما مع ولي عهد هو عدو لتركيا".

وخلال الأسابيع الماضية، أوردت وسائل إعلام تركية ومسؤولون يتحدثون إلى وسائل إعلام دولية أن تسجيلات صوتية تثبت أن خاشقجي تعرض للتعذيب قبل قطع رأسه على الرغم من عدم ظهور أدلة ملموسة على ذلك.

وفي واشنطن، قال السناتور الجمهوري بوب كوركر لشبكة "سي إن إن" الأحد "نعم، أعتقد أنه فعل ذلك"، ردا على سؤال عما إذا كان يعتقد أن الأمير محمد يقف وراء قتل خاشقحي.

وأضاف كوركر الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنه إذا كان الأمير متورطا فإنه "ينبغي أن يكون هناك رد جماعي".

لم يصل أردوغان إلى حد توجيه أصابع الاتهام مباشرة الى الرياض، إذ قال محللون إنه فضل تسريب معلومات تفيد بتورط السلطات السعودية إلى وسائل الإعلام المؤيدة لحكومته للضغط على المملكة الخليجية الغنية وأكبر مصدر للنفط في العالم.

وأجرى اردوغان مرتين محادثة هاتفية مع الملك سلمان بشأن الأزمة، ما دفع بعض المحللين للقول إن أردوغان يسعى للحفاظ على العلاقات التركية السعودية من خلال العاهل السعودي بينما يهمش ولي عهده.

وفجر السبت، أكدت الرياض، للمرة الأولى، أن الصحافي خاشقجي قتل داخل قنصليتها باسطنبول إثر "شجار".

وقالت النيابة السعودية إن المناقشات مع خاشقجي "لم تسر بالشكل المطلوب وتطورت بشكل سلبي أدى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي بين بعضهم وبين المواطن جمال خاشقجي، وتفاقم الأمر مما أدى إلى وفاته".

وبالتزامن مع الإعلان، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بإعفاء نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري ومسؤولين آخرين في جهاز الاستخبارات، بالإضافة إلى المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني، من مناصبهم، فيما ذكرت الرياض أنها أوقفت 18 سعوديا على ذمة القضية.

"تبرئة" محمد بن سلمان

وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية من الرياض، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن "الأفراد الذين قاموا بذلك (قتل خاشقجي) قاموا به خارج إطار صلاحياتهم. تم ارتكاب خطأ جسيم ازداد جسامة عبر محاولة إخفائه".

وأضاف أن الملك سلمان "مصمم على الانتهاء من هذا التحقيق، ومصمم على تأكيد الحقائق، ومصمم على محاسبة المسؤولين، ومصمم على وضع سياسات وإجراءات في الأجهزة الأمنية لمنع تكرار ما حدث مرة أخرى".

ودافع الجبير عن الأمير محمد أيضا، إذ شدد على أن ولي العهد السعودي لم يأمر بهذه العملية، رغم التقارير التي تربط بعض المشتبه بهم بأعضاء من الحرس الأمني لولي العهد.

واعتبرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في بيان، أن هناك "حاجة ملحة" لتوضيح ما حدث بالضبط للصحافي السعودي وأن الرواية السعودية "يجب أن تكون مدعومة بالوقائع لكي ت عتبر ذات مصداقية".

من جهة أخرى، ذكر المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، اليوم الاثنين، أن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جريمة قتل معقدة "تم التخطيط لها بوحشية".

وقال المتحدث عمر جليك للصحفيين في أنقرة إن المزاعم عن حدوث مفاوضات بين تركيا والسعودية في إطار التحقيق في مقتل خاشقجي غير أخلاقية، مضيفا أن الوصول إلى حقيقة القضية مسؤولية تركيا.

وذكر تلفزيون (إن.تي.في) ووسائل إعلام محلية أخرى أنه جرى العثور على سيارة تخص القنصلية السعودية في اسطنبول في حي سلطان غازي بالمدينة، مضيفة أن الشرطة ستفتش المركبة.

في ملابس خاشقجي

من جانبها، نشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، اليوم الاثنين، مقاطع مصورة تظهر أحد المشتبه بهم الـ15 في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في 2 أكتوبر الجاري، وهو يرتدي ملابس الأخير، ويخرج من الباب الخلفي للقنصلية السعودية بإسطنبول.

وقالت الشبكة الأمريكية إنها حصلت على المقاطع المصورة، التي التقطتها كاميرات مراقبة (لم تحدد مصدرها) من مصدر تركي بارز (لم تكشف هويته)، وإن تلك المقاطع تعد جزءا من الشواهد التي يبحثها التحقيق التركي الرسمي في الواقعة.

وكشفت "سي إن إن"، أن الرجل الظاهر في المقاطع المصورة، هو المشتبه به مصطفى المدني، الذي يقول محققون إنه من أعضاء "كتيبة القتل التي تم إرسالها (من الرياض) لقتل الصحفي السعودي خلال موعد استلامه وثيقة متعلقة بزواجه المقبل".

وحسب المقاطع المصورة، ظهر المشتبه به "المدني" وهو يدخل القنصلية السعودية من بابها الأمامي قبل نحو 4 ساعات من خروجه منها، من الباب الخلفي، وهو يرتدى ملابس خاشقجي.

ونقلت الشبكة عن المصدر التركي إنّ المدني (57 عاما) الذي يماثل خاشقجي (60 عاما) في الطول والبنية الجسدية، "تم إرساله إلى إسطنبول لتجسيد دور خاشقجي (بعد قتله)"، في محاولة للتستر على الحادثة.

يشار أن كاميرات المراقبة التقطت توجه "المدني"، في ثياب "خاشقجي"، إلى منطقة مسجد السلطان أحمد الشهيرة (وسط إسطنبول)، بعد ساعات من دخول خاشقجي إلى القنصلية.

وأضاف المصدر "لا تحتاج إلى جسد (للإثبات)، تقييمنا للحادثة لم يتغير منذ 6 أكتوبر، وهو القتل مع سبق الإصرار، وتم نقل الجثمان من القنصلية".