يعود مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 24 يونيو المقبل، بلحظات متعة حقيقية، موزعة بين حفلات المزج الموسيقي، والليالي الكناوية الحميمية واللقاءات الموسيقية المرتجلة، إضافة إلى النقاشات الفكرية الرصينة.
وذكر المنظمون، في بلاغ، أن "إيقاعات العالم ستهيمن على هذه الدورة الـ24؛ حيث يعود المهرجان، أخيرا، لصيغته وشكله الطبيعيين المعتادين"، مبرزين أن "موسيقيي العالم سيلتقون، مرة أخرى، بالصويرة، مستضافين من طرف زملائهم "المعلمين" الكناويين المغاربة".
وبموكبه الافتتاحي التقليدي، وبحفلاته الموسيقية الـ40 الموزعة بين منصتي ساحة مولاي الحسن، وشاطئ المدينة، وبالأمسيات الحميمية الخاصة المقامة بمقرات الزوايا الصوفية، وببرج باب مراكش، فضلا عن منتدى حقوق الإنسان، يعود المهرجان لصيغته المعتادة.
ونقل البلاغ عن منتجة ومؤسسة المهرجان، نائلة التازي، تأكيدها أنه "إذا كانت الأزمة الصحية العالمية قد أرغمتنا على تأجيل المهرجان، لثلاث سنوات متتالية، فإنها، بالمقابل، لم تنجح في كبح عزيمتنا ومثابرتنا. فمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة يتغذى من شغفنا الكبير وإصرارنا المتواصل. اليوم، وأكثر من أي زمن مضى، فإن الاستعدادات للدورة الـ24 تثبت أن روح الصمود والتحدي لم يفارقنا أبدا".
وبالفعل، وبعد سنتين من التواري الاضطراري فرضته ظروف الجائحة الصحية، أصر كل من منظمي المهرجان وجمعية "يرمى كناوة" على الاحتفاء بمعلمي كناوة، وبحدث ترتيب فنهم ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية من طرف منظمة "اليونيسكو"، عبر تنظيم حفل موسيقي تاريخي جمع أكثر من 115 فنانا. الحفل الذي تم بثه على القناة التلفزية الأولى، يوم 25 دجنبر 2021.
وفي سنة 2022، تم تنظيم جولة فنية كبرى تحت إيقاع المزج الموسيقي، زار من خلالها "المعلمين" الكناويون، مرفوقون بفنانين عالميين، من طينة فاركاتوري، وجمال الدين تاكوما، وبيرس فاتشيني، وأفيشاي كوهين، أربع مدن بالمملكة.
وأضاف المنظمون أن مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة يعتزم الاحتفاء، من جديد، هذه السنة، خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 24 يونيو المقبل، بغنى وتنوع موسيقى كناوة، وكذا بأنماط موسيقية عالمية أخرى؛ حيث ستمتزج نغمات الڭنبري والقراقب المميزين بنبرات موسيقى الجاز بكل تلاوينه وتفرعاته، وبالفلامينكو والريڭي والسالسا، وتنصهر مع إيقاعات الطوارق والتاميل.
وأوضح البلاغ أن محبي المهرجان سيكونون، إذن، على موعد مع حفلات مميزة، تستهل بحفل افتتاحي استثنائي سيجمع كلا من فرقة "طبول بوراندي اماكابا"، وعازف الساكسفون الأمريكي، جليل الشاو، والفنانة المغربية، سناء مرحاتي، والمعلمين محمد وسعيد كويو.
ورسخ مهرجان كناوة وموسيقى العالم، منذ تأسيسه سنة 1998، اسمه، كأحد أهم المواعيد الثقافية، على الصعيدين الوطني والقاري. فمن خلال برمجة فنية دقيقة ومتجانسة ومتاحة للجميع، يجذب الحدث، كل سنة، آلاف الزوار، من مختلف بقاع المعمور، إضافة إلى حضور عدد هائل من الفنانين والمثقفين؛ إذ بفضل فلسفته الأصيلة وروح التقاسم والاكتشاف التي تميزه، يشكل المهرجان تجربة فنية وروحية متفردة.
كما تشكل هذه التظاهرة فرصة للتداول والحوار الجدي والعميق المنظم في إطار المنتدى الفكري، الذي يعقد، بالموازاة مع الحدث، والذي ستتمحور تيمته الأساسية، هذه السنة، حول "الهويات المتعددة وسؤال الانتماء"، وهو موضوع راهني ملتهب في عالم تتقاذفه توترات هوياتية عميقة، ويطغى عليه شعور متفاقم برفض الآخر، من خلال هذه النقاشات، التي سيخوض فيها فنانون ومفكرون ومتدخلون سياسيون وجمعويون وثقافيون من مختلف الآفاق والبلدان، سيحاول كل من جهته العمل على محاولة بناء وإعادة تشكيل عالم أكثر اتحادا وتلاحما.
والمهرجان فخور، أيضا، بتنظيم ورشات موسيقية لفائدة الشباب والكبار، بهدف مصاحبتهم للاطلاع على هذا التراث الكناوي المتميز، واكتشاف وتعلم موسيقاه والعوالم المرتبطة به من تاريخ وأدوات وإيقاعات؛ فهو فرصة فريدة سانحة أمام الزوار للانغماس في الثقافة المغربية متعددة الروافد، ومعرفة المزيد عن الإرث الموسيقي الغني للبلاد.
وخلص البلاغ إلى أن مهرجان كناوة وموسيقى العالم يسعى، إذن، من خلال دورته الجديدة، إلى الترحيب بعشاق الموسيقى الأوفياء، وبالزوار المغاربة والأجانب، ويتطلع إلى إهدائهم طابقا فنيا متميزا وتجربة ثقافية متفردة.