وصّف حزب العدالة والتنمية، قرار المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإحداث مجموعة عمل حول مقترح مراجعة مدونة الأسرة في أفق بلورة رؤية شاملة لإصلاحها، بأن "تشكيلتها اتسمت بإقصاء لتيارات وحساسيات واسعة موجودة ومتجذرة في المجتمع المغربي مهما حاولت رئيسة المجلس تجاهلها، كما اتسمت تشكيلتها بهيمنة اتجاه فكري وسياسي لا يعكس تعددية المجتمع المغربي".
وذكر الحزب في بلاغ له، الصادر يوم أمس، أن "رئيسة المجلس صارت تتبنى الانغلاق والإقصاء والاستحواذ منهجا واختيارا ثابتا، ولا تفوت فرصة للتذكير بالمرجعيات الكونية دونما المرجعيات الوطنية".
وسجل الحزب أن "المجلس كما تقضي بذلك المادة 3 من قانونه المنظم خاضع للدستور وللمبادئ التي تنظم المؤسسات الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها ولاسيما منها "مبادئ باريس" ومبادئ بلغراد"، وأن مبادئ باريس المتعلقة بمركز هذه المؤسسات في "أحكام التشكيل وضمانات التعددية" الواردة في نصها، تصر على توفر الضمانات اللازمة للتمثيل التعددي للقوى الاجتماعية، ولتيارات الفكر الفلسفي والديني، وهو المنطق الديمقراطي والتعددي البعيد عن ممارسة السيدة رئيسة المجلس التي تدعي في بلاغها اعتماد "مجموعة العمل" على المقاربة التشاركية وهو ادعاء مخالف للحقيقة".
وأشار الحزب إلى أن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان كما ينص على ذلك الفصل 161 من الدستور هو مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تمارس اختصاصها في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية قبل المرجعيات الكونية في مجال حقوق الإنسان، وهو ما أكدته المادة 2 من القانون 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي التعددية التي تصر رئيسة المجلس على تجاهلها في خرق سافر للدستور والقانون".
ورفض الحزب ما وصفه "منهج الإقصاء والهيمنة والغلبة الذي أصبح يسم المؤسسات الوطنية ويكرس الاستفراد بها من طرف فئة معينة، وهي ملك للدولة والمجتمع، وليست ملكا لفئة متغلبة عاجزة عن قراءة التاريخ والاستفادة من دروسه وعبره، وإدانة النزعة الاستفرادية واللاديمقراطية التي تسم سلوك رئيسة المجلس حتى داخل هياكله، وهو السلوك المتسم بتهميش الجمعية العامة وأدوارها من خلال تجاوزها بإعلان تشكيل ما سمي "مجموعة عمل" خارج ما ينص عليه النظام الداخلي".
وسجل الحزب الذي يرأسه عبد الإله ابن كيران، أن "تجرأ رئيسة المجلس على موضوع "مدونة الأسرة" خارج منطق التوافق الوطني والتوازن الذي عبر عنه الخطاب الملكي هو تجاوز صريح للمنهجية التي حددها الملك، وهو الأمر الذي لا يخدم المصلحة الوطنية في شيء".
وأكد البلاغ على أن "حزب العدالة والتنمية سيستمر في أداء أدواره الوطنية المدافعة عن المرجعية الإسلامية بوصفها مرجعية الدولة والمجتمع، وهي نفسها المرجعية التي تستند إليها مدونة الأسرة المحتكمة للمذهب المالكي، وإن كان الحزب منفتحا على النقاش المعني بتعديل المدونة في اتجاه تحقيق المزيد من الإنصاف للمرأة وحماية حقوق الطفل وصيانة كرامة الرجل، فإنه سيتصدى لكل محاولات الهيمنة والاستقواء والإقصاء الممارسة ضده وضد ما يمثله من حساسية مجتمعية واسعة لا يمكن تجاهلها بمجرد التحجيم الانتخابي المدبر الذي ووجه به الحزب".
وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الثلاثاء الماضي، عن تشكيلة مجموعة العمل على مقترح مراجعة مدونة الأسرة، التي ستتولى التداول والنقاش التعددي، بين مختلف الكفاءات الوطنية، في أفق إعداد مذكرة تبلور رؤية شاملة لإصلاح مدونة الأسرة، وتحييد الثغرات القانونية، التي تشوبها.
وتتكون مجموعة العمل، التي تشرف على تنسيق أعمالها، مليكة بن الراضي، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من سلمى الطود، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة تطوان الحسيمة، وعضوتي المجلس، زهيرة فونتير ونزهة جسوس، بالإضافة إلى زهور الحر، منسقة الآلية الوطنية الخاصة لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة.
وتتألف المجموعة أيضا من لطيفة الجبابدي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد العمل النسائي، وجميلة كرمومة، نائبة رئيسة فيدرالية رابطة حقوق المرأة، وأمين لطيف، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، فضلا عن الأستاذين الجامعيين، حسن رحو ومحمد الساسي.