يسلط الطبيب عدنان العلوي الإسماعيلي، رئيس تحرير المجلة الصحية المغربية، في هذا الحوار، الضوء على جهود عدد من الأساتذة والأطباء في ترجمة المقالات والدراسات العلمية إلى اللغة العربية التي تنشر في كبريات المجلات الدولية ووضعها رهن إشارة مهنيي قطاع الصحة من أجل متابعة آخر ما ينشر حول فيروس "كورونا" المستجد.
كيف جاءت فكرة ترجمة الدراسات العلمية بخصوص فيروس "كورونا" المستجد؟
فكرة الترجمة ليست جديدة، لأن الهدف العام للجمعية المغربية للتواصل الصحي هو تعريب العلوم الطبية والصحية بصفة عامة، وعليه فإن ترجمة هذه الدراسات هو فقط نشاط من بين الأنشطة التي تقوم بها الجمعية المغربية للتواصل الصحي.
وبما أن العالم الآن مشغول بجائحة فيروس "كورونا" المستجد، فقد اخترنا أن نواكب هذا الموضوع من خلال ترجمة آخر المقالات العلمية ذات العلاقة بفيروس "كورونا" المستجد التي تنشر في كبريات المجلات العلمية.
من يشرف على هذا العمل؟
هناك فريق متكامل يضم أكثر من عشرين أستاذا في كليات الطب والصيدلة وعددا من الأطباء المقيمين، الذين لهم تجربة في ترجمة المقالات العلمية، لأن ترجمة مقال علمي ليس سهلا بل يتطلب عمل فريق متكامل.
ما هي معايير اختيار المقالات العلمية من أجل ترجمتها؟
الذي يشرف على هذه العملية هو فريق من الأساتذة يعملون بشكل يومي ويختارون المقالات وفق شروط معينة، لأن البحوث والدراسات حول "كوفيد-19" عديدة ومتنوعة، لكن يتم انتقاء الأهم منها، شريطة أن يكون قد نشر حديثا، فلا يمكن مثلا أن نقوم بترجمة مقال مرت أشهر على نشره، فالمعيار الذي وضعناه هو أن لا يكون قد مر على المقال أكثر من عشرة أيام، وأن يكون محتواه صالح لجميع فئات الأطباء والطلبة؛ أي أن لا يكون مقالا متخصصا في نقطة دقيقة جدا.
بعد اختيار المقال العلمي من طرف الأساتذة يتم إرساله للجنة الترجمة التي تضم بعض الأطباء الشباب المتخرجين حديثا، منهم أطباء عامون وأطباء مقيمون في طور التخصص، سبق لهم أن قدموا أطروحاتهم باللغة العربية، ثم هناك فريق آخر يسهر على التدقيق اللغوي للترجمة كي تكون سليمة وخالية من الأسلوب الركيك ، قبل أن يتم نشره.
ما هي الفئة المستهدفة من هذا العمل؟
بصفة عامة نستهدف مهنيي الصحة، سواء كانوا أطباء أو طلبة أو متخصصين.
يلاحظ أنكم تترجمون جميع المقالات من اللغة الإنجليزية. كيف هي وضعية الانجليزية في كليات الطب والصيدلة بالمغرب؟
في الحقيقة، لا نترجم المقالات والدراسات كاملة، فهذا يتطلب وقتا أكثر. ما نقوم به هو ترجمة الملخصات ليسهل الفهم على من أراد الرجوع لقراءة المقالات العلمية والدراسات الأصلية.
وبخصوص الانجليزية، فجميع البحوث الآن بالانجليزية، وإذا أردت أن يقرأ لك العالم مقالا فيجب أن تنشره بالانجليزية، أما الفرنسية فلم يعد لها مكان.
في المغرب مازلنا "مفرنسين"، ومازالت الإنجليزية مرتبطة بالمجهود الشخصي الذي يبذله كل طالب أو طبيب من أجل متابعة المستجدات.
عدد من الدراسات حول "كوفيد-19" تبدو متناقضة مع بعضها البعض. لماذا في نظرك؟
هذا الأمر يعزى إلى ظروف اشتغال الباحثين والبيئة التي يشتغلون فيها، لذلك من الطبيعي أن توجد بعض الاختلافات.
ما مدى إمكانية تدريس الطب بالعربية في المغرب مستقبلا؟
من خلال تجربتي الشخصية، ومن خلال تجربة الجمعية المغربية للتواصل الصحي، أعتقد أن تدريس الطب بالعربية ممكن لأن جميع دول العالم المتقدمة تدرس العلوم بلغاتها الوطنية.
إذن، تدريس الطب باللغة العربية ممكن، خاصة أن المصطلحات العلمية في المقررات لا تتجاوز 3 في المائة، وما تبقى كلام عادي، ولكن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي شجاع.
لكن معظم الطلبة قد لا يتقنون العربية؟
نحن لا نتحدث عن لغة الشعر والأدب. الأسلوب العلمي هو أسلوب بسيط في معظمه، كما أن 75 في المائة من المقررات تمت ترجمتها من طرف أساتذة وطلبة الطب، الذين أنجزوا أطروحات باللغة العربية.
إن الطالب المغربي يصطدم بواقع غير طبيعي، فهو يدرس باللغة الفرنسية البعيدة عن لغته الوطنية، ثم يجد نفسه أمام مقالات وبحوث علمية بالإنجليزية، لذلك أرى أنه من الأفضل التدريس بالعربية وإتقان الإنجليزية الطبية.
من خلال تجربتي مع عدد من الطلبة وجدت بأن الذين يراجعون بعض الدروس مترجمة إلى العربية يكونون أكثر استيعابا وفي وقت وجيز، لكن لا بد من التدرج في التدريس بالعربية والتعود على ذلك.
وعليه، أرى أنه من المهم تدريس المواد باللغة العربية حتى يتمكن منها الطلبة، ثم إتقان الانجليزية من أجل الانفتاح ومواكبة المستجدات.