الغلوسي: الفساد يتغلغل بمؤسسات الدولة وتقارير الافتحاص غائبة أو محتجزة

بشرى الردادي

سجل محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، اليوم الثلاثاء، أن هناك جهات وجماعات ومؤسسات ومرافق عمومية ووزارات تدير أموالا ضخمة لم يصدر المجلس الأعلى للحسابات بشأنها أي تقارير إلى حدود الساعة، رغم الأصوات المرتفعة المطالبة بضرورة إجراء افتحاص شامل لها، وذلك في إطار تفاعله مع ما نشر حول إصدار رئيس النيابة العامة تعليماته بإحالة جميع تقارير المجلس والمفتشية العامة للداخلية على الشرطة القضائية لإنجاز الأبحاث القضائية الضرورية، ومطالبته الوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف التي تتوفر على أقسام جرائم المال العام بضرورة تسريع الأبحاث في الملفات التي استغرقت وقتا طويلا.

وأشار الغلوسي، في تدوينة فيسبوكية، إلى أن المجلس أنجز تقارير بخصوص بعض الجهات، لكنه لم ينشرها، ولم يقم بإحالة ما يكتسي منها طابعا جنائيا على رئيس النيابة العامة؛ وهو ما يثير تساؤلات مشروعة حول المعايير المعتمدة في اختيار المؤسسات التي يتم افتحاصها، وتحديد التقارير التي تُحال على القضاء.

وأوضح المتحدث نفسه أن مدونة المحاكم المالية لا تُلزم الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات بإحالة تقاريره ذات الصبغة الجنائية على القضاء لمتابعة المتورطين في تبديد واختلاس أموال عمومية.

وفي سياق متصل، تابع الغلوسي أن تمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية سيجعل النيابة العامة مقيدة؛ بحيث لا تستطيع التحرك إلا بناء على طلب جهات إدارية تابعة للسلطة التنفيذية (مثل المفتشية العامة للمالية والداخلية)، مشفوعا بتقارير رسمية منجزة من طرفها، موضحا أن الجهة المنجزة لها تبقى وحدها صاحبة السلطة التقديرية في قرار إحالتها على رئيس النيابة العامة من عدمه؛ حيث استدل بالمادة 111 من مدونة المحاكم المالية.

واستعاد الغلوسي تجربة سابقة لوزير العدل والحريات الأسبق، المصطفى الرميد، عندما كان رئيسا للنيابة العامة؛ حيث شكل لجنة مكونة من قضاة لدراسة تقارير المجلس الأعلى للحسابات وإحالة ما يكتسي منها طابعا جنائيا على القضاء. إلا أن هذا التوجه اصطدم بمعارضة من رئيس المجلس آنذاك، ادريس جطو، بالإضافة إلى برلمانيين، بدعوى أن المادة 111 من مدونة المحاكم المالية تفرض إحالة التقارير من طرف الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات على وزير العدل بصفته رئيسا للنيابة العامة، دون صلاحية للتحرك التلقائي.

وتابع أن النقاش حُسم حينها لصالح التوجه الذي يرى أن مكافحة الفساد يجب أن تضبط عبر تقارير تحال على القضاء، ولا تتحكم فيها النيابة العامة، بل جهات أخرى خارج الجسم القضائي.

واختتم الغلوسي تدوينته بالقول إن "نفس المعركة لا تزال مستمرة ومفتوحة"، مؤكدا أن "التوجه المستفيد من واقع الفساد والريع والإثراء غير المشروع" لا مصلحة له في إحداث اختراق أو تطور في مجال تخليق الحياة العامة، ويسعى إلى ضبط هذا المجال بدقة لعدم ترك أي مجال "للمشوشين" أو "المبتزين".

وشدد على أن هذا التوجه يحاول تمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، وإغلاق ورش الوقاية من الفساد بـ"تهريب" تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، و"إقبار أي حديث عن استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة".