اتّهم عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أمس الاثنين، حكومة أخنوش، بـ"الإخلال بالالتزامات العشر التي أعلنتها لولايتها الحكومية"، وذلك في الجلسة العمومية المخصّصة لمساءلة رئيس الحكومة، حول "الرهانات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2023".
وواجه شهيد أخنوش بما أكّده تقرير الصندوق الدولي حول عدم تجاوز نسبة النمو لـ0.8 في المائة، خلال هذه السنة، في الوقت الذي أكدت الحكومة في التزامها الأول، على الرفع من وثيرة النمو إلى معدل 4 في المائة، خلال الولاية الحكومية، والتزمت بنسبة 3.2 في المائة، خلال سنة 2022.
أما الالتزام الثاني، فيتعلّق بإحداث مليون منصب شغل صاف، على الأقل خلال الولاية الحكومية، "إلا أن حكومة أخنوش لم تستطع الإعلان عن مؤشرات واضحة في أعداد المناصب التي تم إحداثها، في ظلّ النسب المرتفعة للبطالة التي تفوق 12 في المائة، واستمرار نزيف فقدان الشغل في الوسطين الحضاري والقروي"، يضيف رئيس الفريق الاشتراكي.
وفيما يخصّ الالتزام الثالث، لفت شهيد إلى أن "الحكومة أكّدت على رفع نسبة نشاط النساء من 20 في المائة إلى أكثر من 30 في المائة، غير أنها لم تفصح إلى حدود الساعة، عن مدى التقدم في إنجاز هذا المؤشر"، مشيرا إلى أنه "على العكس من ذلك تماما، تشير التقارير الدولية والوطنية إلى التراجعات الخطيرة في وضعية النساء، خاصة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
وبخصوص الالتزام الرابع المتعلّق بتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، ساءل شهيد أخنوش، مجدّدا، عن مآل تفعيل مقتضيات الاتفاقية الموقعة أمام الملك، يوم 14 أبريل 2021، مضيفا أن الفريق الاشتراكي سجّل "تعثّر الحكومة في مواكبة هذا الإصلاح الاجتماعي الطموح واحترام الآجال المحدّدة".
ودعا رئيس الفريق الاشتراكي حكومة أخنوش إلى الإفصاح عن الرقم الذي استطاعت تحقيقه، خلال السنة الأولى من ولايتها الحكومية، بخصوص "التزامها بإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة"، لافتا إلى أنّ "الهشاشة تزايدت في أوساط الأسر الفقيرة، نتيجة الارتفاع المهول في تكاليف المعيشة".
واتّهم شهيد حكومة أخنوش بـ"الإخلال بالتزامها فيما يخصّ حماية وتوسيع الطبقة الوسطى"، بقوله: "لم تستطيعوا إعادة الاعتبار لها ولمكانتها في المنظومة التنموية، وتركتموها تواجه مصيرها أمام الغلاء المتزايد، وعدم تخفيف العبء الضريبي عنها"، متسائلا في هذا الصدد، عن "مصير الزيادة العامة في أجور موظفي القطاع العام التي لم تتحرك، منذ زيادة عام 2011، في سياق سياسيّ يعرفه الجميع، علما أن السياق الاقتصادي والاجتماعي اليوم، يفرض الرفع من أجور فئات عريضة من المجتمع، وعلى رأسها الطبقة المتوسطة التي تضرّرت قدرتها الشرائية، بشكل كبير".
ودعا رئيس الفريق الاشتراكي الحكومة إلى "تعميم المبادرة التي قاموا بها اتجاه النقابة الوطنية للتعليم العالي، مؤخرا، لتشمل فئات مجتمعية أخرى، مع اعتماد إجراءات مماثلة لما أقرّه المجلس الوزاري الأخير، بهدف تحسين الوضعية الاجتماعية للمواطنين".
أما الالتزام السابع الخاص بتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من 46.4 إلى أقل من 39 في المائة، فقال شهيد إنه "لم يتمّ الكشف عن نسبة هذا التقدم الذي تم تحقيقه على أرض الواقع، خاصة أمام ما تعرفه الجهات الهشّة؛ جهة خنيفرة بني ملال، وجهة درعة تافيلالت، وجهة كلميم وادنون، من مضاعفات سلبية، نتيجة الجفاف وندرة المياه وغياب الاستثمار وانعدام فرص الشغل، وهو ما أصبحت تعرفه كل جهات المملكة".
وفي الالتزام الثامن المتعلّق بتعبئة المنظومة التربوية لتحسين تصنيف بلادنا على الصعيد الدولي، أضاف رئيس الفريق الاشتراكي: "لا نعلم إلى اليوم، عن انطلاق أيّ تدابير اتخذتها الحكومة في هذا الاتجاه، ولا أيّ إجراءات عملية لتسريع الإصلاحات المقررة في القانون الإطار للتربية والتكوين".
وساءل شهيد أخنوش فيما يخصّ الالتزام التاسع، الذي التزمت فيه الحكومة بتعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال، ابتداء من سنّ الرابعة، عن "إمكانية تقديم إحصائيات دقيقة عمّا قامت به في هذا المجال"، مشيرا إلى أنه "إلى اليوم، لا نتوفّر على استراتيجية أو مخطط حكومي يهم الإصلاح المؤسساتي والبيداغوجي للتعليم الأولي وربطه بالتعليم الابتدائي".
وفي الالتزام العاشر والأخير، الذي يخصّ تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، من خلال إحداث صندوق خاص بمليار درهم، تأسّف رئيس الفريق الاشتراكي لـ"عدم تمكّن الحكومة، في سنتها الأولى، من تفعيل القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفية إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وهو القانون الذي مرّ على دخوله حيّز التنفيذ ثلاث سنوات، ولم تتمكّن القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات والمنشآت العمومية والهيآت الدستورية من وضع المخططات اللازمة، كما تنص على ذلك المادة 32 من القانون المذكور".
وتابع داعيا أخنوش إلى الذهاب نحو المؤسسات والجمعيات والحركات الأمازيغية، لأنها الأكثر انتظاما، بدلا من الذهاب إلى الأفراد، في إشارة منه إلى لقائه بالكثير من الفاعلين في الحركة الأمازيغية، في الأسبوع الماضي، وهو ما أثار الكثير من ردود الفعل.
وتابع شهيد مخاطبا أخنوش بالبرلمان: "حكومتكم غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها في البرنامج الحكومي؛ حيث تناسيتم الالتزامات التي من المفروض عليكم تضمينها في مشروع قانون مالية 2023، لتجنّب هدر الزمن السياسي والحكومي، لذلك، نسائلكم عن إجراءات برنامجكم الحكومي، والتي كان من المفروض الإعداد لها، منذ السنة الأولى. أين هو مدخول الكرامة بالنسبة للمسنين؛ حيث التزمتم بتحويل مبلغ شهري قدره 400 درهم، كل شهر، لفائدتهم؟ أين وصلت تعديلات التعويضات العائلية للأسر المعجوزة؛ حيث التزمتم ببدء صرف 300 درهم، شهريا، عن كل طفل، اعتبارا من الفصل الرابع لهذه السنة؟ ماذا أنجزتم بخصوص تقديم الدعم مدى الحياة للأشخاص في وضعية إعاقة، عن طريق الجمعيات، وهو الدعم الذي التزمتم بتنفيذه خلال هذه السنة؟ أين طبيب الأسرة، والبطاقة الطبية الذكية، ودور الحضانة، والجواز التعليمي الرقمي، وشهادة المدرس الرقمي، وفضاءات تشغيل الشباب، وشبابيك دار الأسرة؟ كم حقّقتم خلال السنة الأولى مما وعدتم به فيما يتعلق بإدماج القطاع غير المهيكل، وتأهيل 200 مركز قروي، وإنشاء السدود ومحطات تحلية ماء البحر، وغيرها؟ أيّ إجراءات اتخذتم لمحاربة الفساد، وإنهاء الاحتكار والريع والمضاربة، وفرض سيادة القانون، من خلال إلزام المسؤولين الإداريين بالامتثال للأحكام القضائية؟".
وختم رئيس الفريق الاشتراكي حديثه، بالتأكيد على أن "الحكومة لم تمتلك الجرأة السياسية في تفعيل الإصلاحات الكبرى، ولا تزال متمسّكة بخيارات اقتصادية ضد الأمن الغذائي للمغاربة، عبر توجيه الدعم للزراعات التصديرية، وزراعات بعينها تسهم في استنزاف الموارد والفرشات المائية، والتهرب من فرض مساهمات استثناءات للشركات التي استفادت، بشكل كبير، من الأزمة الاقتصادية؛ كالمحروقات، والمعادن، والإسمنت، والزيوت، والاتصالات، والتي توجد في وضعية شبه احتكارية للسوق".