صرحت المحكمة الدستورية بعدم مخالفة النسخة الجديدة من النظام الداخلي لمجلس النواب، باستثناء المقتضى الأخير من المادة 130 الذي ينص على إمكانية الاستماع إلى آراء "... أو فاعلين من القطاع الخاص"، حيث اعتبرته غير مطابق للدستور.
وأشارت المحكمة الدستورية في قرارها إلى أنه "يجب فصل المقتضى الأخير، الذي ورد فيه "أو فاعلين من القطاع الخاص"، والذي تم التصريح بعدم مطابقته للدستور، عن باقي مقتضيات المادة 130. وبالتالي، يجوز العمل بالنظام الداخلي لمجلس النواب بعد حذف المقتضى المذكور".
تنص مقتضيات المادة المعروضة على أنه: "يمكن للجان الدائمة بمبادرة من مكاتبها وضمن الاختصاصات الموكولة لها، أن تطلب الاستماع إلى آراء خبراء أو ممثلين عن منظمات أو هيئات أو فاعلين من القطاع الخاص".
واعتبرت المحكمة أن النص أعلاه، بدون عبارة "فاعلين من القطاع الخاص"، لا يحتوي على ما يخالف الدستور بشرط، أولا، ألا يشمل طلب الاستماع إلى آراء ممثلي الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الدستور إلا في إطار القوانين المنظمة لها، لما تتمتع به من استقلالية. وثانيا، ألا تعقد اللجان الدائمة جلسة الاستماع المنصوص عليها في هذه المادة إلا بعد عرض طلب مكتب اللجنة المعنية على مكتب مجلس النواب، الذي يعود إليه البت فيه قبل إحالته على الجهة المقصودة بالطلب. وثالثا، أن تظل الاستجابة لطلب الاستماع رهينة بالموافقة المسبقة للمعنيين بالأمر. ورابعا، أن تكون آراء الخبراء وممثلي المنظمات أو الهيئات على سبيل الاستئناس والاستفادة مما اكتسبوه من تجربة، ليس إلا. وخامسا، أن يتقيد أعضاء اللجان الدائمة بالحياد والموضوعية والنزاهة، وألا يقوموا بتسريب المعلومات أو استخدامها إلا في ما يتصل بأداء مهامهم النيابية، وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 393 من هذا النظام الداخلي والقوانين ذات الصلة.
"القطاع الخاص"
وأوردت المحكمة أن "العلاقات بين مختلف السلطات منظمة بموجب فصول الدستور، وأن اللجان الدائمة لمجلسي البرلمان لا تمارس اختصاصاتها إلا في نطاق أحكام الدستور والقوانين التنظيمية، كما هو منصوص عليه في الفصل 102 منه، الذي حصر طلب استماع هذه اللجان إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك بحضور الوزراء المعنيين وتحت مسؤوليتهم".
وأبرزت أنه "لا يوجد في أحكام الدستور ولا في القوانين التنظيمية ذات الصلة باللجان البرلمانية الدائمة ما ينظم علاقة هذه الأخيرة بالقطاع الخاص، إلا في حدود ما خوله الدستور للبرلمان من صلاحيات، وأن هذا القطاع لا يندرج ضمن فئة الخبراء أو المنظمات أو الهيئات التي يمكن للجان البرلمانية الدائمة الاستماع إلى آرائهم إلا وفق الشروط المذكورة أعلاه، كما أنه لم يرد في النصوص ما يخول لهذه اللجان الدائمة حق طلب الاستماع إلى آراء الفاعلين من هذا القطاع".
ولفتت المحكمة إلى أن "توسيع نطاق الاستماع ليشمل "فاعلين من القطاع الخاص" يمثل في حد ذاته وسيلة جديدة لا سند لها في الدستور، مما يجعل ما نص عليه هذا المقتضى الأخير من هذه المادة من إمكانية الاستماع إلى آراء فاعلين من القطاع الخاص غير مطابق للدستور".
المادة 393
تنص هذه المادة على أنه: "لا يحق للنائبات والنواب استعمال أو تسريب معلومات توجد في حوزتهم بصفة حصرية حصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهامهم النيابية بهدف تحقيق مصلحة شخصية أو مصالح فئوية معينة. كما يجب على مقرري اللجان أو المنتدبين من قبل هيئات المجلس أثناء إنجازهم للتقارير وقبل نشرها، التقيد بالحياد والموضوعية والنزاهة وعدم استعمال المعلومات التي يتلقونها أثناء تأدية مهامهم النيابية إلا فيما يتصل بأداء تلك المهام".
وذكرت المحكمة أن الدستور ينص في الفقرة الثالثة من الفصل 68 على أن: "... جلسات لجان البرلمان سرية". كما تنص الفقرة الأخيرة من المادة 11 من القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق على أن: "تكتسي أعمال لجان تقصي الحقائق وتصريحات الأشخاص الذين تستمع إليهم ومداولاتها طابعا سريا".
وشددت على أن "السر المهني، باعتباره التزاما عاما، فإن مقتضيات هذه المادة جعلته يسري على أعضاء مجلس النواب فيما يطلعون عليه من وثائق أو معلومات سرية بمناسبة ممارستهم لمهامهم الدستورية، ضمانا للثقة الواجبة في الممارسة البرلمانية. وبالتالي، فهم ملزمون بعدم إفشائه، لما في ذلك من مساس بالمبادئ الأخلاقية وإضرار بالمصلحة العامة".