انطلقت، عشية اليوم، الندوة الثالثة، ضمن فعاليات جامعة المعتمد إبن عباد المفتوحة (36)، الذي يُعد أحد أنشطة موسم أصيلة الثقافي الدولي الثالث والأربعون، حول موضوع "الخليج العربي بين الشرق والغرب المسألة الشرقية الجديدة"، تحتضنها مكتبة الأمير بندر بن سلطان، ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، من يوم الجمعة 21 إلى الأحد 23 أكتوبر 2022.
استفحال التدخل الخارجي
وقال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، وزير الخارجية الأسبق، قبل قليل، في كلمته الترحيبية، إن "هذه الندوة تنعقد بهدف تسليط الضوء على الأدوار الطلائعية التي نهضت بها الدول الخليجية العربية للمساهمة في مساعي الأمن والسلم والتنمية في المشرق العربي خلال عقود طويلة، وذلك غير أدوار الوساطة، والدعم بغرض ضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وأضافت بن عيسى: "بل وفي مجمل مناطق الأزمات والصراع عبر العالم، بيد أن دول الخليج واجهت في العقود الأخيرة عدة تحديات كبرى من أثر التحولات الإقليمية النوعية التي عرفتها المنطقة، ومن أبرزها: استفحال التدخل الخارجي للقوى الإقليمية غير العربية، التي أصبح لبعضها حضور مكين وثابت في قلب المجال الحيوي الخليجي، و التأثيرات المباشرة للأزمات الدولية الجديدة. بانعكاساتها في مجالات الطاقة، والأمن الغذائي، والعلاقات بالقوى الدولية المتصارعة ضمن موازين ورهانات الخارطة الإقليمية للمنطقة".
وأوضح أنه "لهذا باتت مواقف هذه الدول تبتعد تدريجياً عن انحيازاتها التقليدية، بما يضمن أمنها واستقرارها ومصالحها على المدى البعيد ومن هنا يأتي الحديث في الأدبيات الإستراتيجية حول "المسألة الشرقية الجديدة" التي تعني إعادة توزع القوة والمواقع الجيوسياسية على الصعيد الشرق أوسطي بمفهومه الموسع في هذا المجال الفسيح لدول الخليج العربي دور فاعل، وتأثير نوعي بحسب خطوط التحول ومسارات التشكل المستقبلية".
الإمارات وأصيلة
وأورد، أنه "يطيب لي، ونحن في بداية هذه الندوة، أن أرحب ترحيباً خاصاً وحارا بالدكتور جمال سند السويدي، مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يُشرف أصيلة ويشرف موسمها الثقافي الدولي 43 بحضوره كمتحدث رئيسي في هذا الملتقى، وله مساهمات كثيرة في الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، بعضها صدر في مؤلفات وبعضها الآخر في دراسات وأبحاث صدرت في مناسباتها".
وأشار إلى أنه "كان للدكتور جمال سند السويدي الفضل في المبادرة بإقامة أول مركز للدراسات الإستراتيجية في منطقة الخليج سنة 1994، وقد استضاف المركز عدداً كثيراً من الباحثين والمفكرين المرموقين، وأصبح المركز منارة لشهر آفاق المعرفة والبحث العلمي في المنطقة".
وأبرز أن "سكان أصيلة ممتنون لكل ما ساهمت به دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في إقامة مشاريع تنموية متعددة في السكن الاجتماعي، والنقل، والتعليم، آخرها هو مشروع "مجمع الشيخ زايد للفنون والديزاين" الذي يحتضن متحفاً وأكاديمية للفنون والذي سيفتتح قريباً للدارسين والباحثين في مجالات الفنون المختلفة".
اهتزازات وتمزقات
وفي نفس الندوة، أكد الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن "الحديث عن المسألة الشرقية موضوع حيوي وملح، ويستوجب التعرض لعدد من المفاهيم السياسية المرتبطة بالمنطقة العربية، مثل مفهوم الدولة والوطن، كوحدة فاعلة في النظام الإقليمي والمجتمع الدولي، ومفهوم الهوية الثقافية، والانتماء والولاء، وما تعرضت إليه هذه المفاهيم على خلفية اهتزازات وتمزقات نتيجة الصراع والتنافس من قبل الدول الأوروبية والدول الكبرى على ثروات ومقدرات دول المنطقة العربية قديماً وحديثاً".
القوة الناعمة
وشدّد على أن "دولة الإمارات العربية المتحدة، تبذل دوراً كبيراً لترميم النظام الإقليمي العربي من المخاطر التي نجمت عن ما سمي "الربيع العربي"، في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها بعض الدول العربية، بآليات لا تعتمد فقط على الردع والاستعداد للدفاع ضد التهديدات الأمنية والعسكرية فقط، بل باستثمار «نموذج التسامح الإماراتي، الذي هو العنصر الأهم في تعزيز القوة الناعمة الدولة الإمارات العربية المتحدة".
ولفت إلى أن "الصورة الذهنية الإيجابية للدولة، بصفتها «دولة تسامح» تعمل على بناء جسور التعاون والتواصل بين الثقافات والأديان المختلفة، وتنبذ خطاب العنف والكراهية والتطرف، والتي كانت من بين العوامل الرئيسية التي جعلت دول العالم المختلفة تشرع أبوابها أمام المواطنين الإماراتيين من دون خوف أو تردد مثلما يحدث مع دول أخرى كثيرة تعاني انتشار نزعات التطرف والكراهية في مجتمعاتها".