قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، اليوم الاثنين، في الجلسة العمومية المخصّصة لمساءلة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، حول "الرهانات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2023"، إنّ "هناك مكامن خلل وضعف متعدّدة في عمل الفريق الحكومي، وإخفاقات وتعثرات بالوفاء بالتزامات الحكومة، وعجز عن إبداع الحلول العملية لمعالجة مشاكل المغاربة؛ حيث تمّ الاكتفاء بمواجهتها بأجوبة لا تخرج إلا عن منطق التّبرير".
وتابع شهيد في الجلسة المنعقدة طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل الـ100 من الدستور، ومقتضيات النظام الداخلي للمجلس، ولاسيما المواد من 278 إلى 283 منه: "نحن اليوم كفريق اشتراكي، سنركّز على مدى تقدمكم في تنفيذ برنامجكم الحكومي، بعد انصرام السنة الأولى من ولايتكم الحكومية، والتي تمثل 20 في المائة من عمرها، وسنترك التناول التفصيلي لمالية 2023 إلى حينه، احتراما للمسطرة الدستورية المتعلقة بعرض ومناقشة والتصويت على مشروع قانون المالية؛ إذ لنا في الأسابيع المقبلة ما يكفي من الوقت".
ولفت شهيد نظر أخنوش إلى أن مشروع قانون مالية 2023، الذي ركّزت الحكومة في تقديمه أمام البرلمان، على تحقيق 3 أهداف كبرى؛ هي استكمال مشروع الحماية الاجتماعية، ودعم الاستثمار، وتعبئة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة الإصلاحات، لم يلتزم برسالة الحكومة التأطيرية التي ركزت على 4 أوليات؛ حيث ساءله عن "سبب سحب تكريس العدالة المجالية من أولويات مشروع قانون مالية 2023"، مشيرا إلى أن "البرنامج الحكومي التزم بتوطيد خيار الجهوية كخيار دستوري وديمقراطي، وكبديل تنموي لتعثّر السياسيات العمومية المركزية والممركزة في القضاء على التفاوتات المجالية".
وساءل أخنوش: "أين أنتم السيد رئيس الحكومة من الالتزام بما أعلنتموه لنقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة، وتحويل الموارد المالية والبشرية الكافية لها، لضمان استقلاليتها؟ أيّ عجز هذا السيد رئيس الحكومة، وأنتم حكومة مؤلفة من 3 أحزاب هي التي تسيّر الجهات؟ ما كاين باس السيد رئيس الحكومة.. غير حولوا المال والموارد والصلاحيات، راه ما ضاع والو".
كما ذكّر رئيس الفريق الاشتراكي بأن الحكومة أكّدت أن برنامجها يستند إلى 5 مبادئ موجهة، على رأسها تحصين الاختيار الديمقراطي، وتعزيز آلياته، إلا أنّها وبدلا من الوفاء بالتزامها، أحجمت طيلة سنة كاملة، عن التواصل المنتظم مع الرأي العام الوطني، والتشاور مع الهيئات السياسية الممثلة في البرلمان واطلاعها على مستجدات الوحدة الترابية والأزمة الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية الكبرى، فضلا عن عدم تفاعلها بالشكل المطلوب، مع العمل الرقابي للبرلمانيين عموما، ومع النائبات والنواب المعارضة خصوصا".
وأعرب شهيد عن أمله في "حرص حكومة أخنوش على الاستمرار في لقاء أحزاب المعارضة طيلة السنة، كما حدث اليوم الاثنين 24 أكتوبر 2022، حفاظا على البعد التعدّدي لنظامنا الديمقراطي".
من جهة أخرى، خاطب شهيد أخنوش، بالقول: "رفعتم شعار الدولة الاجتماعية، متغافلين عن أن هذا النمط من الدولة تؤسسه القوانين التي ينبغي أن تكرّس البعد الاجتماعي في مقتضياتها. الأكثر من ذلك، لم نستوعب كيف يستقيم اقتناعكم بالدولة الاجتماعية مع مواصلتكم الاستسلام للتوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية، والعجز عن إعادة التوازن الاجتماعي، بإقرار تدابير حقيقية لمواجهة الارتفاع المهول لأسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات. وبالتالي، حماية القدرة الشرائية للمواطن".
واستغلّ رئيس الفريق الاشتراكي فرصة تواجد أخنوش بالبرلمان لإبداء استغرابه الكبير من تخلّفه هو ووزير الصحة عن حضور المؤتمر العالمي للجمعية الدولية للحماية الاجتماعية، المنعقد بمراكش، اليوم الاثنين، والذي يعدّ الأول والأهم على الصعيد الإفريقي.
وتابع شهيد: "الدولة الاجتماعية تتطلّب مأسسة العمل الاجتماعي وتعزيز آليات التضامن ضمن تصور استراتيجيّ واضح، وهو ما يتعارض مع الإجراءات المالية التي انطلقت في ميزانية 2022، وأتمنى أن تعملوا على إقرارها في ميزانية 2023"، متّهما حكومة أخنوش بـ"الانحياز لسياسات عمومية تقع على النقيض من طموح الدولة الاجتماعية".
كما أكّد أن "الممارسة كشفت، مرة أخرى، أن الحكومة متشبّعة بالمرجعية الليبرالية القائمة على مبدأ اقتصاد السوق، وليس المرجعية الاجتماعية القائمة على مبدأ تضامن المجتمع".
من جهة أخرى، اعتبر رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب أنّ حضور أخنوش للتفاعل مع البرلمان "حدث دستوريّ"، معربا عن أمله بأن يتدارك هو ووزراء حكومته الإخلال بهذا الالتزام الدستوري، خلال السنة الفارطة.