بعد أن اختتمت مساء أمس الأحد، 17 فبراير 2019، فعاليات الدورة الخامسة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء. "تيل كيل عربي" راجع مع حسن الوزاني، مدير الكتاب، حصيلة هذه الدورة، بما لها وما عليها...
"المغاربة عاشوا 10 أيام بحضرة الكتاب والقراءة والقراء"، يقول حسن الوزاني، مدير الكتاب، في اتصال "تيل كيل عربي"، مضيفا "سجلنا على مستوى الزوار رقما مهما، الذي هو 560 ألف زائر، مقابل 520 ألف زائر المسجلة السنة السابقة، وبزيادة بنسبة 62% مقارنة مع سنة 2017؛ أي أكثر من النصف في ظرف سنتين". فهل يمكن اختزال حصيلة المعرض في رقم يمثل عدد الزوار؟
"جاذبية".. ولكن
تطرح هذه "الجاذبية"، كما يصفها الوزاني، مشاكل في التنظيم، كما لا حظها العديد من زوار المعرض وعارضيه، لكن مدير الكتاب يؤكد أنه "ليس هناك فوضى، وهذا هو المعرض.. معرض له جاذبية، لكن لدينا مشكل، ربما مساحة الفضاء لا تساير هذا التطور".
وعند السؤال عن البديل، يجيب بعدم إمكانية "بناء فضاء" (من طرف الوزارة)، "ولا توجد هناك فضاءات داخل الدارالبيضاء"، ويزيد" ولا يمكننا أن نحول معرضا دوليا إلى معرض وطني أو نغامر به وننقله إلى مكان آخر ويكون ذلك على حساب أشياء أخرى"، وحسم بالقول "الازدحام لا يمكن أن ندبره".
رسالة إلى الناشرين
وجوابا على سؤال حول إغراق المعرض بزيارات أفواج من مدارس الأطفال ومن مدن مختلفة، على حساب الزوار من الكبار، أجاب "نحاول أن ننظم ذلك مع الأكاديميات، ولكن في كل الأحوال هذه ظاهرة كل يراها حسب زاوية نظره"، موضحا أن "الناشر له حساب معين، ويعتبر ذلك إزعاجا.. ولكن لا ينبغي أن ننسى أن المعرض هو معرض للأطفال أيضا، وهناك صورة أخرى بالنسبة إلي شخصيا، وربما بالنسبة إلى الوزارة أيضا، إنها صورة انبثاق جيل من القراء. والأطفال يحضرون ويقتنون الكتب".
وشدد على أن "الأمر إيجابي لأنه يعبر عن وجود قراء من جيل جديد. وهذا يسائل الجميع. وهذه رسالة للناشرين الذين من المفروض أن يتوجهوا إلى كتاب الطفل، الذي لا يعرض أغلبه داخل المعرض. فما يعرض لا يمثل إلا 14 في المائة من الإنتاج، وهي إما كتب أطفال صادرة في لبنان أو في مصر أو فرنسا. وبدل أن يقف الناشرون عند فكرة الإزعاج، المفروض أن يلتقطوا هذه الرسالة. هناك سوق مربحة، حتى بالمنطق التجاري، ونحن نضيعها. الآن في المغرب هناك داران للنشر فقط وهذا عيب وأمر مهين وغير معقول في بلد لديه ملايين الأطفال".
وخلص المتحدث، على هذا المستوى، إلى أن "الناشرين بدل الاحتجاج على وجود الأطفال عليهم أن يلتقطوا الرسالة"، مقابل ذلك، ذكّر بأن وزارة الثقافة ستطلق، كما أعلن ذلك وزير الثقافة محمد الأعرج، مجلة خاصة بالأطفال.
مئات الكتاب
مدير الكتاب بوزارة الثقافة توقف طويلا عند البرنامج الثقافي للمعرض أنه كان هناك 1077 لقاء في كل الأروقة، بمشاركة أكثر من 2000 كاتب من المغرب والكتاب المغاربة المقيمين في الخارج وكتاب من العالم العربي والخارج، بالإضافة إلى 120 لقاء للأطفال.
وشدد على أهمية الرصيد الوثائقي الهام لضيف شرف المعرض إسبانيا، فضلا عن برنامجه الثقافي، الذي شارك فيه 40 كاتبا من المغرب وجارته الشمالية، "في إطار التقاطعات بين الأدب في البلدين"، على حد تعبيره.
وقد شارك في المعرض، حسب بلاغ لوزارة الثقافة، أكثر من 720 عارضا مباشرا وغير مباشر، ينتمون إلى 42 بلدا، قدموا رصيدا وثائقيا جاوز 128.000 عنوان، تمثل نسبة الصادر منها خلال السنوات الثلاث الأخيرة 30%.
الدين والفلسفة على قدم المساواة
وقد غطت العناوين المعروضة مختلف الحقول المعرفية، حيث مثل منها حقل الأدب نسبة 21 %، يليه كتاب الطفل بنسبة 17%، والعلوم الاجتماعية بنسبة 14 %، والديانات بنسبة 7%، والعلوم الحقة والتطبيقية بنسبة 8%، والتاريخ والجغرافيا بنسبة 7%، والفلسفة بنسبة 7%، والاقتصاد والقانون بنسبة 7%، واللغات بنسبة 6%، والفنون بنسبة 2 %، بالإضافة إلى العموميات بنسبة 4 %.
وفي الوقت الذي كان لافتا العدد الكبير للكتب الدينية في المغرض، وكذا الأقبال عليها، قال حسن الوزاني "بخلاف الحديث عن الهيمنة، الدين لابد أن يحضر ولا يمكن أن نكون أوصياء على الناس في اختياراتهم ". وأوضح أن كتب الفلسفة تتقارب في النسبة مع الكتب الدينية، خلال الدورات الثلاث الأخيرة، وخلال الدورتين الأخيرتين تم تسجيل النسبة نفسها.
الحريق و"حسن التنظيم"
معرض الكتاب لهذا العام شهد اندلاع حريق بأحد الأروقة، وهو ما اعتبره البعض مؤشرا على سور تدبير هذا الفضاء السنوي، غير أن الوزاني، اعتبر في حديثة لـ"تيل كيل عربي"، أن الحريق الذي مس أحد الأروقة "لا يدخل في سوء التنظيم نهائيا، لأن حدثا مماثلا يمكن أن يقع في أي معرض. وقد نشب بسبب تماس كهربائي "، قبل أن يستطرد "ومن حسن التنظيم أنه تم التحكم فيه في أقل من دقيقتين، وإلا كان الحريق سيلتهم المعرض كله". وأوضح أنه "في أقل من ربع ساعة، كان الرواق جاهزا بالموكيط وبكل شيء وبسرعة".
"من حسن الحظ، يقزل الوزاني، أنه تم التدخل بعد اندلاع الحريق، وحل المشكل مباشرة، وأرسلنا بيانا توضيحيا إلى الصحافة. والأمر الجيد أن ذلك اليوم، وكان يوم جمعة، ومباشرة بعد الحريق، كان المعرض مملوءا بالزوار، وسجل رقما هاما. وظل الناس في المعرض ولم يغادروه"، لكن مدير الكتاب عاد في نهاية حديثه، وبعد كل الذي سرده من معطيات، إلى الإقرار بأن "هناك مشاكل ..المساحة تطرح مشكلا.. وفيضان الزوار يصعب التحكم فيه وتدبيره".