أعلنت الشركة الكندية "Aya Gold & Silver Inc"، يوم أمس الثلاثاء، عن أداء مالي وتشغيلي غير مسبوق لأنشطتها بالمغرب، خلال الربع الأول من سنة 2025.
وشكّل منجم زكوندر نقطة التحوّل الكبرى في الأداء العام للشركة، إلى جانب التوسع في مشروع بومدين متعدد المعادن، وحصولها على تمويل تنموي كبير من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
وترسّخ هذه النتائج موقع المملكة كأكبر قاعدة تشغيلية للشركة عالميا، وتكشف عن تحولها إلى منصة استراتيجية للتوسع الإنتاجي والاستكشافي طويل الأمد.
قفزة مالية غير مسبوقة
وحسب بلاغ الشركة الذي اطلع "تيلكيل عربي" على نسخة منه، سجّلت "Aya" إيرادات قياسية بلغت 33.8 مليون دولار أمريكي، خلال الربع الأول من سنة 2025، محققة زيادة سنوية بلغت 566 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مدفوعة بالارتفاع الكبير في إنتاج الفضة وتحسّن متوسط الأسعار المحققة.
وحققت الشركة الكندية صافي دخل قدره 6.9 ملايين دولار، بعد أن كانت قد سجلت خسارة صافية بلغت 2.6 مليون دولار، في الربع الأول من سنة 2024؛ ما يمثل تحولا واضحا في الأداء المالي.
وبلغ التدفق النقدي التشغيلي للشركة 7.9 ملايين دولار، كما انخفضت تكلفة إنتاج أونصة الفضة إلى 18.93 دولارا، مقارنة بـ20.31 دولارا، في نفس الفترة من السنة الماضية. وفي نهاية الربع، بلغ الرصيد النقدي للشركة 36.6 مليون دولار، بينما بلغت الحسابات المستحقة القبض 11.6 مليون دولار، نتيجة مبيعات تمت في الأيام الأخيرة من مارس الماضي، وتم تحصيلها في بداية الربع الثاني؛ مما يعزز استقرار الوضع المالي ويدعم التوسع الاستثماري.
زكوندر يقود التحوّل
وسجّل منجم زكوندر إنتاجا غير مسبوق، خلال الربع، بلغ 1,068,652 أونصة من الفضة، مقارنة بـ366,362 أونصة، في نفس الفترة من سنة 2024؛ ما يمثل نموا بنسبة 192 في المائة.
ويعود هذا الإنجاز إلى دخول المصنع الجديد في مرحلة الإنتاج التجاري، منذ 29 دجنبر 2024؛ حيث بلغ معدل المعالجة اليومية 2,775 طنا، بنسبة تشغيل تجاوزت 90 في المائة.
ومع ذلك، بلغ معدل الاسترجاع 82.4 في المائة، وهو أقل من الهدف المرجعي المحدد في دراسة الجدوى (89 في المائة)، بسبب ضعف أداء محطة الأوكسجين الذي أثّر على جودة الترشيح.
وأكدت الشركة أن المحطة تخضع، حاليا، للصيانة، وأنه من المتوقع تحسّن معدل الاسترجاع بمجرد عودتها للعمل بكامل طاقتها.
3000 طن يوميا
وبلغ حجم الخام المستخرج خلال الربع الأول 194,661 طنا، بمعدل يومي بلغ 2,163 طنا، وجاء الإنتاج من مصادر متعددة شملت المنجم تحت الأرض، والمخزون، ومنجم الحفر السطحي.
وبلغ حجم المخزون، بنهاية مارس الماضي، 281,290 طنا من الخام غير المعالج؛ مما يوفّر قاعدة تشغيلية قوية لبقية العام.
وفي المنجم السطحي وحده، تم استخراج 133,848 طنا من الخام، بمتوسط تركيز بلغ 155 غراما/طن. ومع إدخال معدات جديدة، في أبريل الماضي، ارتفع معدل الحفر السطحي إلى 30,000 طن من المواد يوميا. ومن المقرر أن يتجاوز 40,000 طن يوميا، قبل نهاية سنة 2025، مع هدف لإنتاج أكثر من 2,000 طن من الخام يوميا من المنجم السطحي.
نتائج حفر استثنائية
وواصلت "Aya" برنامجها الاستكشافي قرب منجم زكوندر؛ حيث تم تنفيذ 2,916 مترا من الحفر الماسي، خلال الربع الأول، بهدف استكشاف الامتدادات العمقية والجانبية للتمعدن.
وأسفرت النتائج عن اعتراضات عالية الجودة، من أبرزها 911 غراما/طن على امتداد 10 أمتار، و1,082 غراما/طن على 8.5 أمتار؛ ما يؤكد وجود امتدادات نوعية خارج حدود الموارد الحالية.
كما تم تنفيذ 1,059 مترا من الحفر الإقليمي ضمن تراخيص زكوندر، في إطار برنامج يغطي 10,000 متر، خلال سنة 2025. وتم تنفيذ خرائط ميدانية وتقصي جيولوجي في منطقتي طورشقال وزكوندر الشرق؛ حيث تم تحديد أهداف حفر جديدة واعدة.
مرحلة النضج
وفي مشروع بومدين بشرق المغرب، نفّذت الشركة 39,600 مترا من الحفر الماسي و6,607 مترا من الحفر الدوراني، خلال الربع؛ ما أدى إلى توسيع نطاق التمعدن في منطقة تيزي من 2.0 إلى 2.2 كيلومتر.
وتم الإعلان، في فبراير الماضي، عن تحديث كبير للموارد، تضمن5.2 مليون طن من الموارد المؤشّرة بمعدل 91غ/طن فضة، و2.78غ/طن ذهب، و2.8 في المائة زنك، و0.85 في المائة رصاص، بالإضافة إلى 29.2 مليون طن من الموارد المستنتجة بمعدل 82غ/طن فضة، و2.63غ/طن ذهب، و2.11 في المائة زنك، و0.82 في المائة رصاص، فضلا عما يعادل نحو 452 مليون أونصة من الفضة المكافئة (AgEq)، موزعة بين موارد مؤشّرة ومستنتجة.
توسيع نطاق الاستكشاف
ووسعّت الشركة مساحتها الإجمالية في مشروع بومدين إلى 272 كيلومترا مربعا، من خلال الاستحواذ على أربع رخص تعدين جديدة، كما حصلت على رخصة استكشاف إضافية بمساحة 600 كلم² جنوب المشروع؛ حيث تم تحديد أهداف حفر عالية القيمة في مناطق لم تُستكشف بعد بشكل معمق.
25 مليون دولار
وحصلت الشركة الكندية على تمويل تنموي بقيمة 25 مليون دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، مخصص لتطوير مشروع بومدين؛ ما يعكس ثقة دولية واضحة في آفاق مشروع "Aya" في المغرب.
ويدخل هذا التمويل ضمن شراكة طويلة الأمد بين الطرفين، ويُعد دعما مباشرا لتسريع وتيرة التوسعة مع الحفاظ على قوة الميزانية.
من إنتاج الفضة إلى قيادة إقليمية
وتطمح الشركة إلى رفع قدرة المعالجة اليومية إلى 3,000 طن من الخام، بحلول نهاية سنة 2025، مع تحسين معدل الاسترجاع بعد إصلاح محطة الأوكسجين. وتعتزم إصدار تقرير تقني جديد لمنجم زكوندر، لاحقا هذه السنة، يتضمن مراجعة للموارد، وربما كشف تمعدنات قريبة.
كما تخطط الشركة لإعداد تقييم اقتصادي أولي لمشروع بومدين، في سنة 2026؛ ما يضعه على طريق التحول إلى مشروع تعدين صناعي متكامل ومتعدد المعادن؛ ما يعزز قدرة المغرب على استضافة سلاسل إنتاج معدنية كاملة.
المغرب ليس موقعا للتعدين فقط
وقال الرئيس التنفيذي، بنواء لاسال، إن ما تحقق، خلال الربع الأول من سنة 2025، "يتجاوز التوقعات على كافة المستويات"، مؤكدا أن المغرب ليس مجرد موقع إنتاج، بل "شريك استراتيجي في بناء نموذج تعدين حديث ومسؤول".
وأوضح لاسال أن التمويل الجديد من "EBRD"، وتوليد تدفقات نقدية قوية، وتقليص التكاليف، كلها مؤشرات على أن "Aya" تمضي، بثبات، في بناء مستقبل قوي ومستدام في المغرب، يحقق قيمة للمساهمين والمجتمعات المحلية والاقتصاد الوطني.
كيف تُسوّق "Aya" للمغرب دوليا؟
ويحمل تصريح بنواء لاسال في طيّاته إشارات قوية إلى أن المغرب بات يمثل أصلا استراتيجيا للشركة، وليس فقط موقعا للإنتاج. فعندما أشار إلى التمويل الأوروبي بوصفه "تصويتا بالثقة"، فهو لا يشيد بقدرات "Aya" فقط، بل يروّج ضمنيا لبيئة الأعمال في المغرب.
كما أن استخدامه لتعبير "Accelerate development at Boumadine while maintaining a strong balance sheet" يعكس قدرة الشركة على تحقيق نمو فعلي مع التوازن المالي، وهو خطاب يُقرأ دوليا كمؤشر على نضج البيئة الاستثمارية في المملكة.
وكان تصريح الرئيس التنفيذي بمثابة خطاب تسويقي للمغرب بلسان رأس الشركة، يوجه رسائل للمستثمرين والجهات التمويلية بأن الرهان على التعدين في المملكة لم يعد رهانا على الموارد فقط، بل على الربحية والاستقرار والشراكة المؤسسية أيضا.