بلغ عدد السياح الوافدين إلى المغرب 17.4 مليون سائح حتى نهاية دجنبر 2024، محققاً بذلك الهدف الطموح الذي كان من المتوقع بلوغه في 2026، قبل موعده المحدد بسنتين.
المغرب يسجل زيادة 20 بالمائة في عدد الوافدين ويتفوق على مصر سياحياً
في هذا السياق، أشار الزوبير بوحوت، الخبير السياحي، إلى أن تسجيل المغرب 17.4 مليون وافد يعد إنجازاً مهماً، حيث يمثل زيادة بنسبة 20 بالمائة مقارنة بعام 2023. وأضاف أن هذا الرقم يؤكد صدارة المغرب على مستوى إفريقيا، وهي المرتبة التي بدأنا نحتلها منذ منتصف العام، مع تسجيل أرقام تفوقت على تلك المسجلة في مصر. يُذكر أن مصر حققت 14.9 مليون وافد في 2023، بينما سجل المغرب 14.5 مليون، مما يعكس تطوراً إيجابياً في النشاط السياحي الوطني.
وذكر بوحوت، أنه عند التدقيق في هذا الرقم، يتضح أن 8.8 مليون من الوافدين هم سياح دوليون، و8.6 مليون منهم مغاربة العالم، أي أن مغاربة العالم يمثلون 49 بالمائة من هذا العدد. وبالمقارنة مع عام 2019، حيث كانت نسبة مغاربة العالم تبلغ 45 بالمائة، ويظهر أن هناك زيادة بين عامي 2019 و2024، مما يعكس مساهمة كبيرة لمغاربة العالم في هذا الرقم.
ونوه بوحوت، أنه في عام 2019، بلغ عدد السياح 12.9 مليون، منهم 7 ملايين سائح دولي و5.9 ملايين من مغاربة العالم، بينما ارتفع العدد في 2024 إلى 17.4 مليون، حيث سجل السياح الدوليون 8.8 ملايين، بزيادة 1.8 مليون، ومغاربة العالم 8.6 ملايين، بزيادة 2.7 مليون. وأكد أن هذه الزيادة المطلقة البالغة 4.5 ملايين خلال الفترة تعود أساساً إلى المساهمة الكبيرة لمغاربة العالم.
وقال الخبير إن الملاحظة الإيجابية تكمن في أن 68 بالمائة من الوافدين، أي حوالي 11.8 مليون من أصل 17.4 مليون، استخدموا النقل الجوي، مما يعكس نجاعة الخطة التي اعتمدت على هذا القطاع. وأضاف أن النقل الجوي بدوره سجل زيادة بنسبة 23 بالمائة، وهو رقم مهم يعكس نجاح هذا التوجه.
وأضاف الخبير أن هناك رقماً يستدعي المزيد من التدقيق، وهو المتعلق بالوافدين عبر باب سبتة وباب وبني نصار، حيث بلغ عددهم 3.342 مليون. وأثار تساؤلاً حول تأثير هذا النشاط على المدن القريبة من هذين المعبرين. وأشار إلى أنه من خلال المقارنة، يُنتظر أن تستقر ليالي المبيت على العموم في حدود 28 مليون تقريباً.
واستطرد قائلاً إن النشاط السياحي الحقيقي، الذي يُقاس بليالي المبيت، يعاني من خلل واضح. ويتجلى هذا الخلل عند المقارنة مع مصر التي ذكرنا أننا تجاوزناها من حيث عدد الوافدين، حيث سجلت مصر 15.7 مليون وافد مقابل 17.4 مليون للمغرب. ومع ذلك، فإن العائدات السياحية لمصر خلال الأشهر الـ11 الأولى بلغت حوالي 14 مليار دولار، بينما من المتوقع أن يسجل المغرب نحو 11 مليار دولار فقط، أي ما يعادل 115 مليار درهم مع نهاية السنة، مما يترك فرقاً يتراوح بين 2 و2.5 مليار دولار لصالح مصر. وأكد أن هذه المؤشرات هي التي يجب العمل على تحسينها مستقبلاً.
تمركز الأسواق وخلل في توزيع الوافدين
وفي سياق متصل، أشار إلى أن هناك مؤشراً آخر يتعلق بمؤشر التوزيع، حيث تتصدر ثلاث مدن المشهد السياحي بشكل دائم، وهي مراكش، الدار البيضاء، وأكادير. على مستوى حركية المطارات، استقبل مطار مراكش 4.3 ملايين مسافر بزيادة قدرها 33 بالمائة، بينما استقبل مطار الدار البيضاء 2.5 مليون، ما يبرز تنافس مراكش مع الدار البيضاء. كما حقق مطار أكادير 1.27 مليون مسافر بزيادة 35 بالمائة. وعليه، نلاحظ أنه من أصل 11.8 مليون وافد عبر المطارات، تمركز حوالي 8 ملايين في هذه المطارات الثلاثة.
وأفاد أنه فيما يتعلق بالأسواق، لا يزال التركيز على الأسواق الرئيسية، حيث تعتبر فرنسا السوق الأول بـ 2 مليون و422 ألف وافد بزيادة 22 بالمائة، تليها إسبانيا بـ 1 مليون و500 ألف بزيادة 15 بالمائة، بينما اقتربت بريطانيا من مليون وافد بزيادة 47 بالمائة. وأوضح أن هذه الأسواق الثلاثة هي التي تتجاوز مليون وافد، في حين أن الأسواق الأخرى لا تتجاوز 500 ألف، مما يعني أنه من الضروري تحسين تنويع الأسواق وتعزيز مكانتنا في الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، الصين، اليابان، وكوريا الجنوبية.
ونوه إلى أن هذا العمل يمكن أن يُقرأ من زاويتين، الأولى هي ضرورة استمرار تنويع الاتفاقيات مع شركات الطيران، حيث تبين جدوى هذه الاتفاقيات التي أعطت نتائج إيجابية، ويجب الاستمرار في هذا الاتجاه. كما أشار إلى الجهود الترويجية التي قام بها المكتب الوطني المغربي للسياحة بالتعاون مع المهنيين، مثل حملة "المغرب أرض الأنوار" والرقمنة التي انخرط فيها المغرب، بالإضافة إلى مبادرات أخرى.
وفي الوقت نفسه، أقر بأنه يجب إعادة النظر في هدف خارطة الطريق الذي يحدد الوصول إلى 17 مليون ونصف وافد في أفق 2026. حيث وصلنا اليوم إلى 17.4 مليون، وبمقارنة مع عام 2023، أضفنا تقريباً 3 ملايين، وإذا استمررنا بنفس الوتيرة، فمن المفترض أن نصل إلى أكثر من 23 مليون وافد في 2026.
تحديث خارطة الطريق وتعزيز الاستثمارات لتحفيز النمو
وأفاد أنه يجب أولاً تحديث أهداف خارطة الطريق، مع التركيز على رفع نسبة السياح الدوليين. وأشار إلى أن تركيا، على سبيل المثال، تحقق نسبة 85 بالمائة من السياح الدوليين، بينما النسبة المتبقية هي من الأتراك الذين يعودون. ومع تنظيم التظاهرات الكبرى، من الممكن أن نتجاوز 30 مليون سائح في حدود 2030، بشرط تحقيق أمرين: أولاً، يجب أن يكون هناك تناغم على المستوى المركزي بين المهنيين ووزارة السياحة والمكتب الوطني للسياحة، بالإضافة إلى تحسين جودة استقبال الزبائن من قبل مكتب المطارات، وهو ما يجب أن يستمر. وثانياً، ينبغي على الدولة تخصيص ميزانية كافية لهذا القطاع.
وأضاف أن الملاحظة الثانية تتعلق بتسريع العمل في وثيقة الاستثمار، حيث أن ميثاق الاستثمار الذي بدأ تنفيذه في 2023 يقدم تحفيزات كبيرة للمستثمرين، ولهذا يجب القيام بتقييم شامل لهذا المشروع.
ولفت إلى أنه لا يزال هناك خلل في آلية مواكبة المشاريع التي تتراوح تكلفتها بين 10 ملايين و50 مليون درهم، حيث يتعامل ميثاق الاستثمار فقط مع المشاريع الاستثمارية التي تتجاوز تكلفتها 50 مليون درهم، في حين أن "غو سياحة" يقتصر على دعم المشاريع التي تقل عن 10 ملايين درهم.
واختتم حديثه قائلاً إن النقطة الثالثة تتعلق بالخطوط الجوية الملكية، والمشروع الطموح الخاص باقتناء 150 طائرة، حيث من المتوقع أن يتم ذلك في أفق 2037. وأكد أنه يجب تسريع هذا المشروع، مشيراً إلى أنه في السنوات الأولى، لا ينبغي توزيع الاقتناءات بشكل متساوٍ على مدى 15 سنة، بل يجب أن يتم التركيز على اقتناء أكبر عدد من الطائرات في السنوات الأولى، خصوصاً في ظل التظاهرات الكبرى التي ستساهم في تعزيز الحركة الجوية.