في تحرك دفاعي يندرج ضمن الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، سلّمت أمريكا دفعة من مركبات "M-ATV" المدرعة المضادة للألغام إلى المغرب، يوم 3 يونيو 2025، عبر ميناء الدار البيضاء، وذلك ضمن آلية صندوق المشتريات الدفاعية الخاصة (SDAF)، الهادفة إلى تسريع تسليم معدات مختارة لحلفاء أمريكا دون المساس بجاهزية قواتها، حسب تقارير دولية.
مركبات هجومية مضادة للألغام
وتمثّل مركبات M-ATV" (MRAP All-Terrain Vehicle)" جيلا متطورا من مركبات "MRAP" الأمريكية، المصممة خصيصا لتحمّل الكمائن، والألغام الأرضية، والعبوات الناسفة، خاصة في البيئات الصحراوية والجبلية. طوّرتها شركة "Oshkosh Defense" استجابة لاحتياجات القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، وجرى تحسينها لاحقا لتلائم عمليات حفظ السلام ومكافحة التمرد.
وتتميّز المركبة بهيكل مصفّح على شكل V يمتص تأثير الانفجارات، ونظام تعليق مستقل يُمكّنها من عبور التضاريس الصعبة، مع حماية عالية لطاقمها.
وأشارت التقارير نفسها إلى أنه من المُرجح أن تكون النسخة التي تسلمها المغرب من فئة M-ATV Standard Base" (SXB)" المخصّصة لمهام التدخل السريع وحماية القوافل.
"SDAF".. تمويل مرن وسريع
وتمّت الصفقة في إطار صندوق المشتريات الدفاعية الخاصة (SDAF)، وهو برنامج تديره وزارة الدفاع الأمريكية بالتعاون مع وزارة الخارجية. ويُمكّن هذا الصندوق الحكومة الأمريكية من تجهيز معدات عسكرية مختارة سلفا، ثم تسليمها لشركاء محددين فور استكمال الإجراءات التعاقدية أو في حالات الطوارئ.
وبذلك تتجنّب واشنطن سحب معدات من وحداتها الميدانية، وتحافظ على جاهزيتها العملياتية، دون تأخير احتياجات الحلفاء. وقد استُخدم هذا الصندوق مؤخرا لتسريع تسليم معدات إلى أوكرانيا، وتايوان، وعدد من الدول الإفريقية في الساحل.
تفاصيل غير مُعلنة رسميا
ورغم عدم الإعلان رسميا عن عدد المركبات أو قيمة الصفقة، تُشير تقارير استخبارات دفاعية مفتوحة المصدر إلى أن الدفعة الأولى تضم ما بين 12 إلى 20 مركبة "M-ATV"، على أن تُتبع بدفعات أخرى مستقبلا. وتُعدّ هذه المركبات إضافة نوعية إلى ترسانة القوات البرية المغربية، خصوصا في المهام المرتبطة بالأمن الحدودي ومكافحة التهديدات غير التقليدية.
وحدات النخبة المستفيدة
ومن المرجّح أن تُخصص المركبات الجديدة لوحدات التدخل السريع وقوات العمليات الخاصة العاملة في المناطق الجنوبية للمملكة؛ حيث تتزايد التحديات الأمنية على امتداد الشريط الحدودي مع الجزائر ومالي. كما يُحتمل أن تُستخدم ضمن إطار مهام إقليمية بالتنسيق مع شركاء دوليين في منطقة الساحل، خاصة في ظل الانخراط المغربي المتزايد في مهام حفظ الأمن الإقليمي.
شراكة دفاعية متصاعدة
وتمثل هذه الصفقة حلقة جديدة في سلسلة التعاون الدفاعي المتنامي بين المغرب والولايات المتحدة. فقد سبق أن أبرم البلدان صفقات شملت مقاتلات "F-16 Viper Block 70" المطوّرة، إلى جانب برامج تدريبية مشتركة؛ في مقدّمتها مناورات "الأسد الإفريقي"، التي تُعدّ الأكبر في القارة. كما حصل المغرب على منظومات دفاع جوي متقدمة، وطائرات بدون طيار من طراز "MQ-9B SeaGuardian".
ويحظى المغرب بتصنيف "حليف رئيسي من خارج الناتو"؛ ما يتيح له الوصول إلى تقنيات ومعدات عسكرية أمريكية متقدمة بشروط تفضيلية، ويعزز موقعه كشريك إقليمي موثوق في شمال إفريقيا والساحل.