الملاعب تحت رحمة "كورونا"

أمينة مودن
30 يونيو الماضي، كان تاريخ تسجيل أول إصابة بفيروس "كورونا" بالبطولة الوطنية الاحترافية، التي تطلب قرار استئنافها مشاورات لأشهر طويلة،  بين جامعة الكرة المغربية باعتبارها الجهاز الوصي على اللعبة والجهات الحكومية ممثلة بوزارتي الداخلية والصحة، بالإضافة إلى وزارة الشباب والرياضة.
ويعد فريق إتحاد طنجة، أول نادي يٌعلن إصابة واحد من أفراده بالفيروس(حامل أمتعة الفريق ومكلف بالتعقيم)، بعد أقل من أسبوع من تاريخ فتح المركز الرياضي لـ"فارس البوغاز"، وبرمجة حصص تدريبية انطلقت عبر مجموعات صغيرة، وصولاً إلى تجميع اللاعبين بعد إجراء اختبارات الكشف عن "كورونا".
إعلان الإصابة الأولى بـ"كورونا" بالبطولة وتأكد انتقال العدوى للاعبي الفريق الطنجاوي، أعاد الجدل بين متتبعي الشأن الكروي حول جدوى استئناف الموسم الكروي بالمغرب، في ظل الوضع الوبائي غير المستقر، وإمكانية مساهمة المباريات في نشر الفيروس بين اللاعبين، والأطر التقنية، والحكام، وغيرهم من الفاعلين بالمجال الكروي، فضلا عن العائلات، وهو ما ردت عليه جامعة الكرة، بخطابات الطمأنة، والتأكيد على أن احترام البروتوكول الصحي قد يٌساهم بشكل كبير في تجنب الإصابات، إلى حين إنهاء البطولة الاحترافية بقسميها الأول والثاني، شهر شتنبر المقبل، ناهيك عن كون هذا التوجه هو الذي اختارته دوريات أوروبية كبرى، مثل ما حدث في  إسبانيا وإنجلترا وحتى إيطاليا، التي كانت ضمن أبرز الدول التي سجلت إصابات قياسية بالفيروس خلال الأشهر الأخيرة.
بدون أعراض..لاعبون فوجؤوا بالإصابة بـ"كوفيد 19"
بنبرة استغراب، قال حمزة الموساوي، لاعب المغرب التطواني الذي تأكدت إصابته بفيروس "كورونا"، الثلاثاء الماضي، ساعات فقط قبل  مباراة ناديه أمام الرجاء الرياضي، إنه لم يشعر بأي أعراض متداولة بشأن الفيروس، لا خلال الأسبوع الجاري ولا في الأيام التي سبقته.
اللاعب السابق لفريق الجيش الملكي وفي حديثه مع "تيلكيل عربي" أوضح بأنه خضع رفقة باقي زملائه للمرة الثانية لاختبارات الكشف عن فيروس "كورونا"، ليفاجأ بحضور مسؤولين داخل النادي إلى ملعب التداريب، لإبلاغه بأن التحاليل التي أجراها رفقة زميل اخر كانت نتيجتها إيجابية، ووجب نقله إلى أحد مستشفيات المدينة للخضوع  للبروتوكول العلاجي.
" لم أتوقع أن أصاب يوماً بالفيروس، لقد كنت شديد الحرص على إتباع التعليمات الصحية، كما أن غياب أعراض المرض من  ارتفاع الحرارة أو فقدان حاستي الشم والتذوق، والإجهاد، جعلني مطمئنا قبل الموعد الكروي الهام الذي كان ينتظرني رفقة باقي اللاعبين" يتابع الموساوي.
 اللاعب اعترف بأن كل المخاوف  التي ترتبط ب "كورونا" والمضاعفات التي يمكن أن يتسبب فيها الفيروس، أدخلته دوامة من الشك والخوف قبل نقله إلى المستشفى الذي سيقضي به فترة العزل الصحي قبل إعادة الاختبارات مجدداً بعد أسبوع للتأكد أن جسمه خال من الفيروس أم لا.
حمزة الموساوي، شدد على أن ال 48 ساعة التي قضاها بالمستشفى، كانت كافية لطرد أثار الخوف والدهشة، في انتظار توصله بأخبار تهم عائلته الصغيرة التي ستخضع بدورها لاختبارات الكشف عن الفيروس، بعد أن كانوا ضمن مخالطيه بالفترة الماضية.
عطلة نهاية الأسبوع تجر على "الكاك" 4 إصابات بالفيروس
لم يكن الطاقم التقني للنادي القنيطري يتوقع أن يتسلل فيروس كورونا إلى قلعة فارس سبو بعد  عطلة نهاية الاسبوع التي منحها للاعبيه بعد مباراة ودية أمام شباب المحمدية، حيث تم تسجيل إصابة 4 لاعبيين بـ"كوفيد 19" قبل 3 أيام من موعد أول مباراة للمجموعة، بعد قرار استئناف الموسم الكروي.
وتعود أول حالة "كورونا" في صفوف الفريق القنيطري إلى تاريخ 24 يوليوز الماضي، بعد أن أثبتت التحاليل المخبرية أن اللاعب زكرياء حيجوب مصاب بالفيروس، حيث تم نقله على إثرها إلى مستشفى ابن سليمان لمواكبة حالته الصحية، بالإضافة إلى عائلته التي كانت نتيجة الكشف عن الفيروس في صفوفها إيجابية بالنسبة لعدد من أفرادها.
الإعلان عن ثاني حالة إصابة لم يستغرق أكثر من 24 ساعة، بعد أن توصل النادي بنتائج باقي عناصر الفريق، من بينهم اللاعب أنس لمرابط، الذي قضى عطلة نهاية الأسبوع رفقة عائلته بمدينة تطوان وتأكد بعدها إصابة كل من زوجته وطفله الرضيع، ووالدا زوجته أيضا بالفيروس، ليتم نقلهم إلى مستشفى بنكرير، من أجل تلقي العلاج والمواكبة الصحية.
متاعب النادي القنيطري استمرت بعدها بأسبوع،  حيث أكدت مسحة جديدة أجرتها المجموعة إصابة عنصرين جديدين، ساعات فقط قبل مباراتهم أمام وداد تمارة، التي تم توقيفها بعد صافرة البداية بدقائق فقط، من طرف السلطات المحلية للمدينة.
ولجأ الفريق القنيطري إلى العزل المنزلي للمرة الثانية خلال 10 أيام، إلى حين إعادة الاختبارات لجميع العناصر الكروية، واستئناف التداريب، كما ينص على ذلك  البروتوكول الصحي الذي أصدرته جامعة الكرة قبل استئناف البطولة.
منير الجعواني:  الفيروس ليس وهما  وعشت مأساة
بدوره لم يتردد منير الجعواني، الإطار الوطني والمدرب الحالي لفريق المغرب الفاسي، في توجيه رسالة للمواطنين بعد نهاية استشفائه من الفيروس وتوليه رسمياً قيادة التداريب يوم الأربعاء الماضي، بعد  معاناته من فيروس كورونا رفقة 5 لاعبين من صفوف النادي.
مدرب "الماص" اختار حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، ليؤكد بأن الفيروس ليس وهما كما يدعي البعض، مشددا على أنه لا يتمنى أن يعيش أي شخص تجربة المرض التي وصفها بـ"المأساة" بالنسبة إليه.
وكانت إصابة الجعواني  بـ"كوفيد 19" رفقة 5 من لاعبي الفريق، إضافة إلى عنصرين من الطاقم الإداري، قد تأكدت  قبل أسبوعين تقريبا، خضع خلالها إلى فترة مواكبة طبية بمدينة مكناس، مشيرا إلى أنها كانت تجربة صعبة بالنسبة إليه ولعائلته، التي تبث فيما بعد خلو أفرادها  من الفيروس رغم مخالطتهم للمدرب فترة قصيرة قبل تأكد إصابته.
واضطرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى تأجيل مباراة الفريق الفاسي الأولى بعد استئناف الموسم الكروي في قسمه الثاني، بالنظر إلى عدد الإصابات المرتفع داخل صفوف النادي من بينهم المدرب الجعواني، وهو القرار الذي لم يعارضه الفريق الخصم، جمعية سلا، بل  أعلن أن لا مشكلة لديه في تغيير تاريخ المباراة.
كرة القدم أم صحة اللاعبين؟
رد مسؤول جامعي جيد الإطلاع على سؤال "تيلكيل عربي" أيهما أهم بالنسبة للجهاز الكروي المشرف على اللعبة هل صحة اللاعبين والفاعلين داخل المنظومة الكروية أم استكمال الموسم رغم مخاوف تسجيل إصابات جديدة، بالإشارة إلى أن الجدل حول الموضوع أخذ أبعادا أخرى، وتم تضخيمه.
وحسب المسؤول ذاته الذي نقل الموقف الرسمي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فإن صحة اللاعبين والمواطنين هي الأولوية، لكن استكمال الموسم الكروي لن يكون له ضرر ، كما تم الترويج له من طرف معارضي استكمال آخر المباريات لموسم  2020-2019، إن تم الالتزام بالتوجيهات الصحية من طرف جميع الفاعلين.
واعتبر المتحدث ذاته، أن الجهاز الكروي وطيلة أشهر كان ينتظر قرار الجهات الحكومية، والتي أعطت الضوء الأخضر لاستكمال مباريات الموسم في 23 يونيو المنصرم، بناء على معطيات دقيقة حول الوضع الوبائي في المملكة، وأيضا بعد الإطلاع على تفاصيل البروتوكول الصحي الذي تسعى الجامعة إلى تطبيقه بشكل صحيح من طرف الفرق، طيلة مرحلة استكمال المباريات التي تستمر إلى غاية 13 شتنبر المقبل.
المصدر ذاته سلط الضوء أيضا على الجانب الاقتصادي للأندية الوطنية التي عانت جلها من تبعات توقف الدوري، وماجرته من تعليق عقود المستشهرين، مشدداً على أن الجهاز الكروي وبعد التشاور مع جميع الأطراف خلص إلى ضرورة تقديم دعم إضافي لإكمال أجندة الموسم، على غرار عدد من الدوريات التي أنهت موسمها رغم الجائحة، وتم التعايش مع القوانين الجديدة والتدابير الاحترازية بشكل سلس.
وكانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قد منحت المصالح الصحية سلطة التقدير بخصوص تأجيل اي مباراة، في حال اكتشاف إصابات بفيروس كورونا في صفوف أحد الفريقين أو هما معاً قبل أي مباراة، وهو ما حصل في لقاء الرجاء الرياضي والمغرب التطواني، يوم الأربعاء الماضي، عندما أشرت المندوبية الجهوية لمدينة تطوان على إجراء اللقاء الكروي رغم تسجيل إصابتين بالفيروس في صفوف "الماط"، وإلزام جميع من حضر المباراة بإجراء اختبارات الكشف عن الفيروس قبل مغادرة مقر إقامتهم.
تأثير "كوفيد 19 " على الرياضيين 
 البروفيسور فيلهيلم بلوخ، من جامعة الرياضة الألمانية، كان ضمن أبرز من حذر لاعبي كرة القدم والرياضيين عامة، من آثار الفيروس التي يُمكنها أن تظهر لاحقا على المصابين بـ"كورونا".
الباحث الألماني أكد بأن تأثر الرئتين بالفيروس وارد جداً حتى بعد الشفاء التام من "كورونا"، مشدداً على أن الأمر غير مؤثر بالنسبة للأشخاص العاديين، عكس الرياضيين الذين يصبحون أكثر عرضة إلى تلف أنسجة القلب والكبد والكلى، لذا وجب التعامل بحذر معهم، ومراقبتهم بشكل دوري تفادياً لأي مشاكل يمكن أن تتطور لأشياء خطيرة.
كما أوصى بلوخ الأطباء داخل الأندية، بوضع برامج خاصة  وغير مرهقة للاعبين المتعافين من الفيروس، يمتد لـ4 أسابيع، قبل العودة إلى النشاط البدني المعتاد، أو منحهم فترة راحة.
نجاح ضيف الله، طبيبة عامة في القطاع الخاصة، بدورها قالت لـ"تيلكيل عربي" إن الدراسات التي لازال يجريها عدد من الخبراء والأطباء في العالم، خلصت إلى أن بعض المصابين بفيروس "كورونا" قد يعانون لاحقا من أضرار جانبية، لا تستثني فئة الشباب ولا حتى الرياضيين.
كما أشارت المتحدثة ذاتها إلى  أن الرياضيين، و من بينهم لاعبي كرة القدم، عليهم  إجراء فحوصات وتخطيط للقلب بعد التعافي التام من فيروس "كورونا"، قبل استئناف نشاطهم، لأن مخاطر الفيروس قد يكون لها تأثير متأخر عليهم، خصوصا وأن الباحثين في العالم بأسره لازالوا في مرحلة دراسة واكتشاف الوباء الجديد عليهم.
واعتبرت نجاح ضيف الله أن  التغذية مهمة جدا في تعزيز مناعة الرياضيين، تزامنا مع استئناف الأنشطة الكروية التي تتطلب جهداً، بعد فترة توقف طويلة كان لها تأثير على الجانب البدني للاعبين، وجاهزيتهم التامة لاسترجاع الإيقاع الصحيح خلال المنافسات الاسبوعية.