زكرياء شكر الله – ترجمة: امحمد خيي
يعود خالد الناصري، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في هذه الدردشة إلى تبعات الزلزال السياسي الذي أطاح بالأمين العام للحزب من منصبه الوزاري، ليقول إن الحزب يبرئ وزراءه من سوء التدبير، ولن يؤثر الإعفاء في وضعية الأمين العام، مادام يطبق البرنامج الذي كلفه به المؤتمر الوطني الذي انتخبه.
دام اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أمس (الخميس) سبع ساعات دون أن يحسم في البقاء في الحكومة من عدمه، فماذا تنتظرون؟
لو أن المسألة طرحت في اللجنة المركزية لاتخذت قرارا فوريا. إننا نحرص على جودة حزبنا الذي يتوفر على بنيات داخلية ديمقراطية وقوانين تنظيمية واضحة، تجعل قرار الاستمرار في الحكومة من عدمه، من صلاحيات اللجنة المركزية، فقرر المكتب السياسي بعد اجتماعه الدعوة إلى انعقادها بأقصى سرعة ممكنة، أي السبت المقبل (4 نونبر 2017)، وسنطرح المسألة بكل الصراحة والوضوح اللازمين.
ماذا عن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، ألم تتلقوا أي اتصال منه بعد القرارات الملكية؟
يجب طرح السؤال إلى المعني الرئيسي بهذا الموضوع، وهو الأمين العام للحزب (نبيل بنعبد الله)، الذي شمله بدوره قرار الإعفاء من مسؤولية وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
ماهي السيناريوهات المتوقعة؟
لم نناقش هذا التفصيل المحدد، إنما قمنا بتحليل شامل للمستجدات، والأساسي بالنسبة إلينا كان هو طرح قضية اشتغالنا ضمن إطار مؤسساتي يرتكز على نص دستوري يحظى بالإجماع. بالنسبة إلينا، في هذا السياق، المهم الاستمرار في احترام تدخلنا للدستور، وبالتالي لم يكن الأمر هو الحسم في هل يريد المكتب السياسي الاستمرار في الحكومة أم الانسحاب منها، فالأمر يذهب أبعد من ذلك، ويتعلق بمقاربتنا في علاقتها بالمؤسسات.
بدا بلاغ المكتب السياسي للحزب شجاعا، من حيث قولكم إن وزراء الحزب قاموا بعمل جيد، في وقت أحنى كثير من المسؤولين رأسهم أمام العاصفة...
الأمر ليس مسألة شجاعة، إنما الحقيقة والنتائج، فوزيرا الحزب المعفيان (نبيل بنعبد الله والحسين الوري، وزير الصحة)، تقدما أمام المكتب السياسي بتوضيحات أظهرت نيتهما الطيبة، ولا يمكن، بتاتا، القول إنهما أساءا استخدام السلطة أو مارسا سوء التدبير، فذلك ليس من شيم حزب التقدم والاشتراكية، وقناعتنا الراسخة أننا حزب متشبث بالمؤسسات، وفي طليعتها المؤسسة الملكية.
بصيغة أخرى، تريدون القول إن الإشادة بوزرائكم ليس فيه أي تشكيك أو ارتياب تجاه المؤسسة الملكية؟
لقدر حرصنا على القول إن قرارات جلالة الملك موضوع احترام واعتبار من قبل أعضاء المكتب السياسي، إن الأمر قناعة لدينا، ولا نريد مطلقا أن ينظر إلى مقاربتنا وكأنها تدخل في منطق صدام مع الملكية، فذلك ليس من عقيدة حزب التقدم والاشتراكية.
تظهرون في الوقت ذاته كأنكم تبرزون استقلاليتكم، بالمقارنة مع باقي التشكيلات السياسية المعنية...
إن استقلالية قرارنا السياسي معطى لا يمكن نكرانه أو نقضه، فالحزب لن يكون مفيدا للبلاد ومستقبله الديمقراطي والمؤسساتي إذا لم يكن مستقلا.
إذا فهمنا جيدا، في حالة الضغط عليكم من أجل البقاء أو الخروج من الحكومة، ألن تتنازلوا؟
هذا يرتبط بمن بادر به وبأي طريقة، ومن الواضح أنه إذا كان رأيا جاء من المؤسسات التي لها منا الاحترام، فهو سيؤخذ بعين الاعتبار. ليس ممكنا نهائيا أن نقول إننا نرفض بدون أي استقراء لمختلف الآراء، والأساسي بالنسبة إلينا هو أن نعرف كيف يمكن لحزب التقدم والاشتراكية أن يخدم بلده ومؤسساته.
إذا تلقيتم إشارة بأنه من الأفضل الاستمرار، هل ستقوم بذلك؟
سنطرح هذه المسائل بكامل الوضوح اللازم على اللجنة المركزية.
لم يدافع الوزراء على نحو مفصل على تدبيرهم لمشاريع برنامج الحسيمة منارة المتوسط، التي اقتضت إعفاءهم، فماذا كانت تعليلاتهم في الاجتماع؟
لن أدخل في التفاصيل التقنية، لكنهم أوضحوا لنا أن الأمر لم يكن بتاتا منطق "بلوكاج" أو سوء تدبير تجاه المؤسسات والمشاريع، سيما أنها مشاريع تحظى مباشرة برعاية ملكية. إنه سيكون من قلة الوعي لدى حزب التقدم والاشتراكية القيام بسلوك مماثل، وذلك لن يحدث يوما.
ولكن في الوقت ذاته، وزراؤكم مسؤولون على تعثر البرنامج، ويوجد نوع من التأخر في الإنجاز، وأقر بذلك تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وقرار ملكي يوضح ذلك بشكل دقيق، قبل ترتيب المسؤوليات...
نأخذ بعين الاعتبار الآراء المعبر عنها من قبل جلالة الملك، وليست موضوع أي احتجاج، فقد كان هناك فعلا اختلال في سير المشاريع وتأخرات في تفعيل برنامج الحسيمة مناراة المتوسط، لكنها أمور لم تكن متعمدة من قبل حزب التقدم والإشتراكية.
هل سيستمر نبيل بنعبد الله في قيادة الحزب بعد إعفائه من قبل الملك من منصبه الوزاري؟
السؤال غير مطروح الآن، نحن نعتبر أن أميننا العام موجود في موقعه على رأس الحزب لأنه يطبق البرنامج المسطر من قبل المؤتمر الوطني الأخير للحزب، ولجنته المركزية ومكتبه السياسي، وليس من المنطق سحب الثقة من أميننا العام، الذي يعد في النهاية عضوا في إدارة جماعية.
ماهي المآلات المتوقعة إذا خرج الحزب من الأغلبية الحكومية أو استمر فيها؟
نحن أمام لحظة سياسية كبرى، وما أحتفظ به من بلاغ الديوان الملكي وخطاب جلالة الملك هو أننا بحاجة إلى مراجعة نظام الحكامة في بلدنا، ونموذجنا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومما لا شك فيه، أننا سننخرط في هذا المنطق. إن حزب التقدم والاشتراكية مقتنع بأنه يجب تجديد برنامج التنمية حتى يلقى الإعجاب داخل المغرب، وليس فقط في الخارج، وتحقيق ذلك يمر عبر إرساء حكامة سياسية ديمقراطية وحداثية، وجهوية مطبقة على أرض الواقع.