في الجزء الثاني من حواره مع تيل كيل عربي، يتحدث وزير الشغل ، والقيادي في حزب العدالة والتنمية، محمد يتيم، عن الأزمة الحكومية بعد تصريحات بنكيران، وموقفه من هذا الأخير، وطموحات الأحرار لتصدر المشهد السياسي في انتخابات 2021، وفقدان البجيدي لشعبيته، وعلاقته بالفايسبوك.
هل تجاوزت الحكومة أزمتها الداخلية بعد التصريحات التي أدلى بها عبد الاله بنكيران الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية؟
أولا لم تكن هناك أزمة حكومية كي تخرج الحكومة منها ، ولو كانت التصريحات من هنا أو من هناك هي التي تخلق الأزمات، لكانت الحكومة قد عصف بها منذ شهور، لأن التصريحات الصادرة من هذا الطرف أو ذاك لم تتوقف . والدليل أنه بعد الحديث عن وجود أزمة تواصل انعقاد مجلس الحكومة، ووقعت الأغلبية على ميثاقها، ويتواصل دعم الأغلبية في البرلمان للمشاريع الحكومية. وفي حكومة ائتلافية مكونة من ستة أحزاب، يعتبر تدبير الاختلافات أمرا يوميا وعاديا، وواهم من ينتظر أن تصبح أغلبية منمطة.
بدأ الحديث مبكرا عن انتخابات 2021، خاصة من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار، ألا يؤثر ذلك على الانسجام الحكومي، خاصة عندما يعلن هذا الحزب من الآن أنه سيحصل على الرتبة الأولى ؟ ثم ألا ترى بأننا نتجه بذلك نحو قطبية جديدة طرفها الأحرار والعدالة والتنمية عوض القطبية السابقة التي كان البجيدي يواجه فيها البام؟
الأحزاب المشكلة للاغلبية فضلا عن أنها جزء من الحكومة، هي أحزاب مستقلة عن بعضها البعض، من حيث التوجهات والبرامج والطموح في التصدر للمشهد السياسي. ونحن لا ننزعج من أن هذه الأحزاب أو بعضها يسعى لإعادة التموقع في المشهد السياسي ويعمل على تسويق نفسه، ونحن على العكس نسعد باستعادة الأحزاب الوطنية للمبادرة من خلال العمل الميداني والتواصل مع المواطنين ووضع برامج حقيقية قابلة للتنفيذ، وليس وعود وبضاعات فاسدة سرعان ما سيظهر الزمان عوارها وأن تكون مبنية أساسا على مناضلين حقيقين لا على أساس رحالة يدورن مع الريح حيث دارت،
نحن سنصفق إذا استطاعت الأحزاب الوطنية ان تبني نفسها بنفسها وأن تعتمد على ذاتها وأن ترفع الإدارة يدها عنها.
بنكيران بشهادة الكثيرين أعطى معنى للسياسة بخرجاته ومواقفه القوية. هل أصبح بعد هذه الأزمة ممنوعا من الكلام؟ كيف هي علاقتك الشخصية اليوم بعبد الإله بنكيران؟
لست في حاجةً الى الحديث عن شخصية بن كيران وكاريزما الأستاذ بن كيران ودوره في بناء الحزب، وقبل الحزب دوره في بناء الحركة، وفي التحولات والمسارت الكبرى لتطورهما، وشخصية مثل بن كيران لا يمكن أن يجود بها الزمان لحزب سياسي في نفس المرحلة.
من جهة ثانية، نحن لسنا حزبا ستالينيا حتى نمنع أعضاءه من الكلام. هذا في حالة إذا كان العضو عضوا عاديا، فكيف إذا كان شخصا من حجم الأستاذ بن كيران. لا يوجد شخص داخل الحزب أو خارجه يمكن أن يوقفه . كلام بن كيران أو صمته هو راجع لتقديره وقراره الشخصي، وذلك لا يمنع أننا قد نتفق أو نختلف مع ما يقوله أو يصرح به. كان هذا حين كان أمينا عاما، وحين كان رئيسا للحكومة، أو بعد أن لم يعد يتحمل أية مسوولية حزبية أو حكومية. وعلاقتي الشخصية بالأستاذ بن كيران لم تتغير لأنها مبنية على تقدير واحترام متبادل منذ أن تعارفنا في سنة 1975 إلى يوم الناس هذا.
ألا تعتقد أن البجيدي يفقد تدريجيا شعبيته: نتائج الانتخابات الجزئية... شعبية الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة....؟
أولا الحكم على شعبية البيجيدي من خلال الانتخابات الجزئية هو خطا منهجي، لأن للانتخابات الجزئية طبيعتها الخاصة، واستقراء تجربة الحزب في الانتخابات الجزئية يُبين أن لها أحكامها الخاصة، وأن عنصر المال والنفوذ له تاثيره القوي فيها، بسبب ضعف المشاركة، حتى أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يكونون على علم بها.
أين وصل الاعداد للحوار الداخلي في حزب العدالة والتنمية؟ وما هي الأهداف التي تنوون تحقيقها من خلال هذا الحوار؟
صادقت الأمانة العامة صادقت على ورقة مؤطرة للحوار، وحددت منهجيته وآلياته إنجاز قراءة جماعية للسياق الوطني العام والحزبي ، حيث حددتها في الأهداف التالية :
مساءلة المسار الديمقراطي والتنموي الذي سارت فيه بلادنا منذ 2011 وكشف عناصر القوة وعناصر التراجع فيه؛
-التقييم الشامل لتجربة الحزب وما راكمه من منجزات ومكاسب وما تخلل أداءه من قصور على المستوى السياسي العام وعلى المستوى الداخلي الخاص؛
تشخيص الذات الحزبية ورصد الصعوبات الداخلية التي كشفت عنها المرحلة السابقة من أجل بلورة مداخل الإصلاح الفكري والمنهجي والمؤسساتي والتنظيمي من شأنه أن يشكل أداة لانطلاقة متجددة للحزب؛
- تعزيز التأطير الداخلي عبر آلية الحوار الوطني.
لازالت حركة التوحيد والاصلاح تشكل خزانا انتخابيا للحزب، متى ستفصلون بين الدعوي والسياسي، وتتركوا أبواب الحركة مفتوحة لجميع المغاربة بعيدا عن التحزب؟
متى ستفصلون؟ نحن قد فصلنا منذ مدة حين قررنا أن تكون للحزب أجهزته التقريرية الخاصة وللحركة أيضا، والتي لا يتدخل في اختياراتها هذا الطرف أو ذاك. هذا من الناحية التنظيمية، أما من الناحية التصورية والمنهجية، فنحن قد قررنا بكل وعي التمييز بين الحركة والحزب على مستوى مجالات العمل والوظائف، وعلى مستوى الرموز أيضا، حيث أن الحركة تمنع أعضاءها وخاصة مسؤوليها ومسؤولي وظائفها الأساسية من تولي أية مسؤولية حزبية أو انتداب انتخابي، والحركة فعلا تنأى بنفسها عن القضايا السياسية الحزبية التي فيها استقطاب حزبي ولا تتدخل في الاجتهادات السياسية أو الاختلافات التنظيمية التي تقع داخل الحزب، وهي قناعة راسخة من منطلق أن الحركة لا تشترط في أبنايها العضوية في حزب العدالة والتنمبة كي يكونوا أعضاء فيها والعكس صحيح.
ما سر علاقة الأستاذ يتيم بالفيسبوك؟ هل تتأثر ببعض التعليقات المنتقدة خصوصا أنها تمثل الغالبية على ما أعتقد؟ ألا يسيء ذلك إلى صورة يتيم المفكر والفيلسوف والقيادي؟ ألا تخلق بعض تعليقاتك جدلا داخل قيادة الحزب، ألم ينصحك بعضهم بالتراجع عن ذلك؟
اليوم بفضل الوسائط الحديثة في التواصل أصبح التواصل الاجتماعي والسياسي والثقافي متيسرا. وأرى من الطبيعي، بل من الواجب على شخصية عمومية أن يحرص على التعامل مع هذه الوسائط، بخيرها وشرها، مع ما يتطلبه ذلك من ضريبة، وكما في الحديث النبوي الشريف " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم خير من المومن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ".
بطبيعة الحال، وكما أن لهذه الوسائط إيجابياتها، فان لها سلبياتها مثل جميع الظواهر، أما عن التعليقات، فكأي بشر أتأثر بالتعليقات المتحاملة أو المغرضة ولكن لا آبه لها ، وعدد من الأصدقاء يتأثرون، وبعضهم طلب مني الابتعاد عن هذه الوسائط، ولم أقتنع لحد الساعة، علما أن مهامي الحكومية أصبحت تأخذ أغلب وقتي، مما أثر على تتبعي ونشاطي فيها،
وكما تعلم فإن عددا كبيرا من التعليقات هي تعليقات مخدومة، ومن حسابات وهمية، تنشأ وتختفي، وبعضها الآخر يكون صادرا عن أشخاص يختلفون معي في المنطلقات الأيديولوجي والتوجهات السياسية، وهذا النمط الثاني من التعليقات لا يزعجني إذا لم تتحول إلى تحامل شخصي يتوسل بالألفاظ والأساليب ال ، وباختصار أقول إن اختيار النشاط في وسائل التواصل الاجتماعي ينبغي أن يتحمل فيه الإنسان مسؤوليته وما يترتب عنه من سلبيات وما يتحقق من خلاله من حسنات وإيجابيات