في سياق الجدل الدائر، حول قانون إحداث الصندوق المغربي للتأمين الصحي، واتهام وزارة الشغل والإدماج المهني بـ"التسرع في إخراجه دون استشارة تعاضديات الموظفين"، أوضح الوزير محمد يتيم في تصريح لـ"تيل كيل عربي" اليوم الاثنين، أنه "من صلاحيات الحكومة، التشريع بمراسيم قوانين، وهو حق دستوري تكفله المادة 81 من الدستور".
واعتبر يتيم، أن "من يتحدثون عن اخراج القانون في أجل لا يتعدى ثلاثة أيام، ويعتبرون أن هذا الأمر تسرع، يجب أن يعرفوا أن المبادرة التشريعية بمقتضى مراسيم قوانين يتم اعتمادها داخل سقف زمني لا يتجاوز ستة أيام".
واعتبر يتيم أن كل ما يتعلق بالأمن الصحة في التشريع، يجب الاسراع بإخراجه، وعدم رهنه بالإيقاع التشريعي العادي، وأضاف، أن هذا الأخير لا يتمشى مع التحديات المطروحة، وساق مثلاً على ذلك، بـ"بقاء مجموعة من النصوص التشريعية ذات الصلة بالحماية الاجتماعية معطلة لسنوات في البرلمان، وفي الأخير تتحمل الحكومة مسؤوليتها سياسياً، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في النهاية، الكلمة الأخيرة هي للبرلمان".
وشدد وزير الشغل والإدماج المهني، على أن الحكومة استعجلت بخروج مرسوم القانون، القاضي بتحويل "كنوبس" إلى الصندوق المغربي للتأمين الصحي، مرده إلى كون "مالية الصندوق لم تعد تتحمل، بعدما سجل عجزاً تقنياً قيمته 301 مليون درهم، وعجزاً صافياً في حدود 22 مليون درهم".
وأشار يتيم إلى أن وضعية الصندوق المالية لم تعد تتحمل الانتزار، لأن ذلك سوف يكلف حوالي مليوني درهم إضافية كعجز كل شهر.
وعن اتهام وزارته بـ"إقصاء" التعاضديات والنقابات من الاعداد لمرسوم القانون، و"حرمانها" من عضويته، أوضح الوزير يتيم لـ"تيل كيل عربي"، أن تركيبة المجلس لإداري للصندوق الذي تم احداثه، سوف تضم التعاضديات، واعتبر أن المتصرفين المنتخبين أغلبيهم منتمون للنقابات، لذلك، يرى الوزير أن النقابات ممثلة بشكل أو بآخر في المجلس الإداري للصندوق المغربي للتأمين الصحي.
وختم يتيم حديثه، بالتذكير على أن جميع النقط التي طرحت، يمكن نقاشها، "لأنه كما قلت في السابق الكلمة الأخيرة للبرلمان، وهذا الأخير سوف يناقش مرسوم القانون".
وبخصوص الإضافة التي سوف يقدمها، الصندوق، أشار يتيم إلى أنه "يتعين أولا الوقوف عند التحولات التي عرفها التأمين الصحي الذي كان يدبر في اطار الصيغة السابقة أي (لكنوبس)، والتي أبانت عن العديد من مظاهر القصور في تطبيق المقتضيات المتعلقة بحكامة نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الذي يتولى تدبيره الكنوبس لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات وذوي حقوقهم بالقطاع العام، والطلبة بالقطاعين العام والخاص، كذا ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان للفترة الممتدة ما بين سنة 1956 و1999 وذوي حقوقهم المستفيدين أيضا من هذا النظام بمقتضى الاتفاقية الموقعة بتاريخ 05 يوليوز 2007 بين الحكومة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان آنذاك من جهة".
وأوضح وزير الشغل والادماج المهني، أن "الصندوق من المنتظر أن يستقبل مستقبلا والدي المؤمنين بعد صدور القانون 63.16 الذي سيغير ويتمم القانون 65.00 المذكور. كذا مستخدمي 30 مؤسسة عمومية تستفيد اليوم من تغطية صحية اختيارية بموجب المادة 114 من القانون 65.00 المذكور. فضلا على أن وزارة الصحة تشرف حاليا على دراسة إمكانية ضمان التغطية الصحية الأساسية للزوجين في وضعية ضعف الخصوبة في ظل الكلفة المرتفعة للعلاجات والتشخيص، على ضوء مشروع القانون رقم 47.14 المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب. كما يمكن له ان يتولى تدبير هذا النظام لفائدة فئات اخرى غير تلك المشار اليها إليها أعلاه".
وعن الجانب المادي، كشف يتيم، أن "مساهمة الدولة والمؤسسات العمومية التابعة لها، تصل إلى أكثر من 2 ملايير درهم سنويا في تمويل نظام التأمين الإجباري الأساسي، عن المرض بالقطاع العام، أي 42 % من إجمالي الاشتراكات، كما تأخذ الدولة على عاتقها التمويل الكلي لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الطلبة بالقطاع العام وكذا ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وذوي حقوقهم".
كما أن حجم الموارد المالية التي يقوم بتحصيلها الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (أكثر من 5 ملايير درهم سنة 2017)، يضيف الوزير يتيم، والتي يؤديها للمؤمنين ومهنيي الصحة بالقطاعين العام والخاص (انتقلت من 3,3 مليار درهم سنة 2006 إلى 5,1 ملايير درهم سنة 2017)، وهو ما يقتضي إحداث مؤسسة جديدة تٌعبأ لها جميع الموارد البشرية والتقنية الضرورية لضمان مواصلة تحسين جودة الخدمات المقدمة سواء على المستوى المركزي أو الجهوي وتحقيق التغطية الصحية الشاملة التي تصبو إليها الحكومة.
وبناء على كل هذا، اعتبر يتيم أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي كاتحاد لـ 8 تعاضديات، "يجعل من الصعب تحقيق هذا المبتغى، في ظرفية أصبح تأهيل مؤسسات الحماية الاجتماعية، خاصة تلك التي لها علاقة بصحة المواطنين، من أولويات الحكومة بعد خطاب العرش الأخير. كما يتطلب الضغط المسجل على التوازنات المالية للصندوق، وضع مؤسسة تتوفر على آليات للحكامة والتسيير والاشتغال أكثر نجاعة وفعالية".