قبل أيام صدر تقرير للوكالة الدولية للطاقة، لم تغب عن محرريها تأثيرات إقفال مصفاة " سامير" على الأمن الطاقي للمغرب، وأمس قدم رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لحصيلة عمل فريقه منذ عامين ونصف، دون أن يشير إلى وضعية المصفاة الوحيدة التي أغلقت منذ غشت 2015.
في هذا الحوار، مع الحسين اليماني، منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة " سامير"، نتعرف على قراءته لطريقة تعاطي الحكومة الحالية مع ملف " سامير".
كيف تعاطت حكومة سعد الدين العثماني مع ملف شركة سامير التي توجد قيد التصفية القضائية، خاصة أنكم اتخذتم مبادرات من أجل التحسيس بضرورة إنقاذ المصفاة؟
سيحتفظ التاريخ بكون حكومة عبد الله إبراهيم، التي كان عبد الرحيم بوعبيد يشغل فيها منصب وزير الاقتصاد، بادرت إلى تأسيس مصفاة « سامير » من أجل تمكين المغرب من صناعة للتكرير وتجنيبه الارتهان لتقلبات السوق الدولية، كما أن الشركة كانت تعاني في عهد حكومات عبد الرحمن اليوسفي وإدريس جطو وعباس الفاسي، من مشاكل حقيقية، إلا أن تلك الحكومات ساعدت الشركة على مواصلة نشاطهم، قبل أن تتخلى عنها حكومة عبد الإله بنكيران، وتشرع حكومة سعد الدين العثماني في إعداد الكفن لدفن تلك المعلمة، وهم يسابقون الزمن من أجل التخلص من الشركة، وكأن هناك سر ما يراد إخفاءه.
يسابقون الزمن من أجل التخلص من الشركة، وكأن هناك سر ما يراد إخفاءه
ماذا تعني بذلك؟
بغض النظر عما قلناه نحن كنقابيين أو هيئات لا تريد اختفاء هذا الصرح الاقتصادي الكبير، فإن هناك مؤسسات مهمة، مثل المجلس الأعلى للحسابات ومجلس المنافسة التي تتحدث عن صعوبات يواجهها المغربي على صعيد أمنه الطاقي. ونحن رأينا كيف أن مجلس المنافسة، آخذ على الحكومة في الرأي الذي عبر عنه في فبراير حول التسقيف، اتخاذها قرار التحرير الكلي لأسعار المحروقات، مع معرفتها مسبقا بأن السوق سيفقد شركة التكرير الوطنية الوحيدة، التي كانت تضطلع بدور حاسم في ضمان التوازنات التنافسية وعلى مستوى تموين السوق والتخزين. ونحن رأينا كيف أشارت الوكالة الدولية للطاقة في الأسبوع الماضي، لتأثيرات إغلاق مصفاة سامير على تزويد المملكة بالبترول، حيث أشارت في تقريرها إلى الدور الاستراتيجي للشركة، عبر تأمين حاجيات السوق ومساهمتها في تخزين المحروقات، حيث تتوفر على طاقة تصل إلى مليون متر مكعب من النفط الخام والمنتجات المكررة.
تطالبون الحكومة بالتدخل من أجل إنقاذ المصفاة، بينا هي تؤكد على أن المسار القضائي يمنع عليها التدخل..؟
موقف الحكومة غير سليم، فقد تم استنفاذ جميع درجات التقاضي، فحكم التصفية القضائية أكد في جميع مراحل التقاضي، ونحن لسنا في سياق تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية من أجل التأثير على أحكامها. الحكم صدر وقضي الأمر.
لسنا في سياق تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية من أجل التأثير على أحكامها
إذن، ما الداعي لتدخل الحكومة؟
المحكمة تسعى اليوم إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، عبر تفويت أصول الشركة لمستثمر جديد، من أجل إعادة بعثها، وهي تحاول عبر هذا المسار تغطية ما أمكن من الديون التي توجد في ذمة الشركة و ضمان فرص الشغل. هذا يتجاوز صلاحيات القضاء، وهو ما دفعنا إلى تقديم تعديلات في الباب الخامس لمدونة التجارة الذي طرح في البرلمان، حيث اعتبرنا أنه في ما يخص المقاولات، وخاصة الكبيرة منها، التي تصل إلى مرحلة التصفية القضائية، يفترض تشكيل لجنة بين وزارية، تضم وزارة العدل والقطاع المكلف بالاستثمار و الوزارة المعنية بالقطاع الذي تنشط فيه الشركة موضوع التصفية، تعود لها مهمة إحياء المقاولة، خاصة أن العديد من المقاولات تعاني من صعوبات بسبب السياسات العمومية التي تنهجها السلطات العمومية، فنحن نسائل الدولة، حول سياستها العمومية، في مجال تكرير البترول، إذا كانت الدولة تريد الإبقاء على هذه الصناعة، يجب العمل من أجل جلب مستثمرين، ما الذي يمنع اليوم وزيري الطاقة والمعادن والصناعة والاستثمارات والتجارة والاقتصاد الرقمي، من البحث عن مستثمرين في القطاع؟ يمكنهم السعي لدى مستثمرين عالميين وإحالتهم على المحكمة التجارة التي تتولى عملية بيع المصفاة.
نحن نسائل الدولة، حول سياستها العمومية، في مجال تكرير البترول
هل مازال المستثمرون يبدون اهتمامهم بالشركة؟
هناك حوالي ثلاثة مستثمرين مازالوا مهتمين بالشركة، هم لا يطرح لديهم التعامل مع المحكمة أي مشكل، فجميع الشروط التي وضعتها مسلم بها لديهم، سواء تعلق الأمر بالثمن أو آجال التسديد، غير أن لديهم أسئلة يطرحونها على السلطات العمومية حول مستقبل القطاع بالمغرب.
ما الذي يشغلهم حول مستقبل القطاع؟
عندما يأتي المستثمر كي يقترح ثلاثة ملايير دولار، وهو مبلغ يراهن على استرداده على مدى 15 عاما، لذلك فهو يتساءل حول القوانين خلال تلك الفترة، كأن يتساءل حول المواصفات البترولية، فهل سيجري الحفاظ على المواصفات الحالية أم سيجري تغييرها؟ فعندما اشترت « كورال » المصفاة في إطار الخوصصة، كنا نبيع الغازوال 1000 " بي بي إم"، قبل أن ننتقل إلى 350 بي بي إم، ف 10 بي بي إم. فعندما اشترت " كورال" شركة "سامير"، كانت تعلم أن المغرب سيغير المواصفات البترولية. هذا يستلزم تنفيذ استثمارات تأهيلية، ما يدفع المستثمر إلى السعي إلى التوفر على رؤية واضحة حول الإطار القانوني.
دور وزير الطاقة، كما وزراء آخرين، أن يساعد على إنقاذ معلمة صناعية يفخر بها المغاربة
لكن تصريحات وزير الطاقة والمعان حول تشير إلى أن الآلة الإنتاجية متقادمة، ما يوحد بأنها غير قابلة للاستغلال؟
صحيح، وزير الطاقة والمعادن، عزيز رباح، كانت تصريحاته غير متسقة مع الجهود التي تبذلها المحكمة من أجل بيع أصول الشركة. فبعدما كانت الحكومة تقول إنها لا تريد التدخل بسبب المسار القضائي، رأينا تصريحات الوزير التي تذهب في اتجاه تقويض الجهود المبذولة من إنقاذ المصفاة، نستغرب كيف لوزير أن يعتبر أن الآلة الإنتاجية غير مؤهلة، بينما الثابت أن الحقيقة غير ذلك، علما أن دور وزير الطاقة، كما وزراء آخرين، أن يساعد على إنقاذ معلمة صناعية يفخر بها المغاربة، لأنها تساهم في أمنهم الطاقي.
هل تجاوبت الحكومة مع مساعي اللجنة الوطنية لإنقاذ مصفاة سامير، التي تضطلعون بدور منسقها؟
أفهمنا رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بطريقة غير رسمية، بإعفائه من الخوض في وضعية شركة « سامير »، لإنه يعتبر أنه لا دخل له فيه. وطلب من وزير الطاقة والمعادن، عزيز الرباح، إعفاءه من اللقاء باللجنة الوطنية لإنقاذ سامير، بينما فوض وزير الشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي أمر اللقاء بنا للكاتب العام للوزارة.