اليوسفي: هكذا أرعب البصري الحسن الثاني من رفع الدعم عن السكر

غسان الكشوري

يعود اليوسفي في هذه الحلقة من مذكراته "أحاديث في ما جري"، التي صدرت يوم 8 مارس، إلى المشاريع التي قامت حكومته الأولى في باتخاذها، كرفع الدعم عن السكر، الذي تخوف منه الحسن الثاني.

يستحضر اليوسفي في "أحايث في ما جرى"، المشاورات الاولى لحكومة التناوب التوافقي في سنة 1998. ومع الموقع الجديد آنذاك، أي الانتقال من المعارضة إلى السلطة، أضحت المسؤولية الملقاة على عاتقه "تتطلب الجهد وعدم الاستسلام"، كما يتذكر اليوسفي.

الزعيم السياسي لا تفوته الإشارة في مذكراته، إلى الدور السلبي الذي لعبه وزير الداخلية إدريس البصري، بإعاقة كل عمل للحكومة، بما فيه تدخله في الإجراءات الاقتصادية، ومحاولة التأثير لتسير الأمور في اتجاه معين خلال الاجتماعات مع الملك.

بهذا الصدد، يتذكر اليوسفي أن الحكومة أصدرت قانون الصفقات العمومية، الذي يفسح المجال أمام جميع المقاولات الوطنية والأجنبية للتنافس على المشاريع المعروضة، لكن "تصدت له جيوب المقاومة" (أي البصري)، بحسب ما يتذكره اليوسفي.

الأولوية لشارب الشاي

من بين المشاريع التي تم تعديلها في عهد حكومة اليوسفي، مشروع يتعلق  بصندوق المقاصة الذي كان يولي أهمية للشركات على حساب المواطن في عهد الحسن الثاني. وعند دراسة هذا الملف، يضيف اليوسفي "اتضح أن الدعم المخصص للسكر، تستفيد منه العديد من الشركات التجارية التي تستهلك مئات الأطنان من السكر المدعم".

ويستحضر اليوسفي أن دعم مادة السكر في صندوق المقاصة، كان الأولى أن يوجه "بالأساس إلى المواطن المغربي الذي يستهلك السكر كجزء من غذائه اليومي مع الشاي، خاصة في العالم القروي وكان يجب أن يقتصر هذا الدعم على المستهلك العادي فقط".

الزعيم السياسي الذي غادر السياسة في سنة 2003، يعود في "أحاديثه"، ويقول أنهم اتخذوا "قرار رفع هذا الدعم عن الشركات الكبرى التي تستهلك كميات هائلة من مادة السكر في صناعة المشروبات الغازية وصناعة الحلويات". الشيء الذي أثار حفيظة وزير الدولة في الداخلية (البصري)، بدعوى أن هذا القرار "يمس مباشرة بالأمن العام، من خلال رد فعل مرتقب من طرف هذه الشركات وهو الزيادة في أسعار المواد".

تخوف الملك

التخوف من رفع الدعم عن الشركات، بحسب ما يحكيه اليوسفي، يبرره البصري، في أنه "قد يشكل خطرا على الأمن العام في كل الجهات، التي ستكون فرصة لتفجر السخط وخروج الناس للاحتجاج عبر مظاهرات ضد هذا الإجراء، وقد تكون عواقبها وخيمة".

تأثر الملك بمبررات البصري وعرضها على اليوسفي، وقال له إن "الحكومة لا تزال في بداياتها الأولى، وقد يكون من شأن قرار رفع الدعم عن السكر بالنسبة لهذه الشركات، التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين، مما قد تنتج عنه عواقب وخيمة نحن في غنى عنها".

اليوسفي حاول تطمين الملك خلال لقائه معه، وبحضور أحمد الحليمي، الذي كان مسؤولا عن هذا الملف، ويحكي أنهم شرحوا للملك أن "المغربي البسيط الذي يتناول طعامه مصحوبا بالشاي، لن يمسه القرار ولا حتى مؤسسات الإنتاج الصغرى والمتوسطة، وأن القرار سيطبق فقط على الشركات الكبرى، ومنها العالمية التي تستهلك كميات كبرى من السكر".