أحمد مدياني - أديس أبابا
دشن ساسة ومسؤولو القارة الإفريقية، اليوم الأربعاء، أشغال الدورة العادية الـ46 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، التي تمهد لانعقاد الدورة الـ38 للقمة الإفرقية على مستوى رؤساء الدول، المقرر انعقادها يوم غد الخميس وبعد غد الجمعة 13 و14 فبراير الجاري.
وتعد انتخابات مجلس السلم والأمن، المنتظر إجراؤها اليوم (تأخر حسم التصويت لساعات)، أبرز حدث بالنظر إلى قيمة هذا الجهاز داخل الاتحاد الإفريقي.
كما يدخل المغرب قمة رؤساء الدول وعينه على منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.
من عائد إلى فاعل
لم ينتظر المغرب كثيرا، حسب آراء الخبراء والمهتمين، وأيضا الزملاء الصحافيين الذين جالسهم "تيلكيل عربي" داخل مقر الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لينتقل من الجلوس على مقعد العائد إلى النهوض والتحرك بمنطق الفاعل.
يقول أحد الدبلوماسيين من دولة الغابون للموقع، تعليقا على الدور الذي أصبحت تلعبه المملكة المغربية داخل أجهزة ودهاليز الاتحاد الإفريقي، إن "قوة المغرب تستمد من الثقة التي يضعها قادة عدد من الدول داخل إفريقيا وخارجها، تجاه الملكية بالمغرب".
وأضاف المتحدث ذاته: "ملك المغرب، ومنذ قراره العودة إلى الاتحاد الإفريقي، قدم وجها جديدا للفعل الدبلوماسي، خاصة أن دول إفريقيا جنوب الصحراء وشعوبها، لديها حساسية من فرض سياسات دخيلة عليها، أو ابتزازها من أجل التعبير عن مواقفها".
واعتبر الدبلوماسي الغابوني أن هناك "قناعة بأن المغرب مصدر إلهام لضمان الاستقرار واستتباب الأمن دون التفريط في التنمية بكل مستوياتها".
وختم تصريحه بالقول: "لم يتأخر المغرب كثيرا ليصبح ضمن المعادلة الرئيسية في حسم كل ما يتعلق بحاضر ومستقبل المنظمة".
نفس الطرح، ذهب إليه مستشار لدى بعثة الكاميرون بالاتحاد الإفريقي.
إذ اعتبر، بدوره، أن "الملك محمد السادس نجح في توجيه الدبلوماسية المغربية نحو اتجاه تنزيل التآزر والتعاون بين الأفارقة وفق منهج الأخوة وليس النظرة المتعالية".
ولخص هذه النقطة بكلمات تختلط مع ابتسامة عريضة تعلو محياه، بالقول: "نحن أفارقة جنوب الصحراء ننادي بعضنا البعض بوصف أخي، وخلال السنوات الأخيرة، أصبح المغاربة يستحقون هذا الوصف، وإن كانوا من شمال القارة".
خلال حديث "تيلكيل عربي" مع عدد من الدبلوماسيين والخبراء، ومع أنهم يتحفظون على ذكر أسمائهم بالنظر إلى حساسية اللحظة الانتخابية التي تمر بها منظمة الاتحاد الإفريقي، إلا أنهم يجمعون على أن كلمة السر في حشد الثقة لصالح الدبلوماسية المغربية هي التعامل مع ملكية تفهم إفريقيا والأفارقة.
بوريطة يؤكد الاختيار
خلال كلمته، اليوم، أمام المحلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، شدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، على أن "المغرب لا يسعى إلى اكتساب القيادة في إفريقيا، بل يسعى إلى تمكين إفريقيا من القيادة".
هذا الاختيار، يرى فيه جل قادة ووزراء الدول الإفريقية، حجر الأساس في الانعتاق من التبعية للخارج، مثل ما حصل في مناطق متعددة من القارة، خاصة دول الساحل وغرب إفريقيا.
واستشهد بوريطة خلال كلمته، بالخطاب الملكي الذي ألقاه الملك في القمة الـ28 للاتحاد الإفريقي، عام 2017؛ حيث قال عاهل البلاد: "يقول البعض إن المغرب يسعى من خلال هذا الالتزام إلى كسب القيادة في إفريقيا. وأقول لهم إن المملكة تسعى إلى منح القيادة لإفريقيا".
نحو نيابة الرئيس
يطرح المغاربة، خاصة المهتمون منهم بالشؤون الإفريقية ومعهم من يتابعون خطوات المغرب داخل الاتحاد الإفريقي، السؤال حول:
لماذا اختار المغرب الآن تقديم ترشيحه لشغل منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي؟
حسب معطيات استقاها "تيلكيل عربي" من دبلوماسيين، هنا بأديس أبابا، فإن القرار "كان نتاج خلاصات اشتغال ميدانية همت كافة الأطراف".
"تحركات الدبلوماسية المغربية شملت الصديق والحليف وغيرهما". يقول مصدر للموقع.
ويضيف: "الجهود الدبلوماسية المغربية تعززت مؤخرا بالتحولات التي تشهدها القارة الإفريقية، أيضا، ما يشهده العالم من إعادة ترتيب أوراق الأقطاب، وتأثير ذلك على امتدادتها داخل إفريقيا. المملكة تستحضر دائما القارة في كل تحركاتها، سواء تجاه الغرب أو الشرق أو الشمال".
هل تملك مرشحة المغرب لطيفة أخرباش حظوظ الفوز؟
حسب وزير الخاريجة ناصر بوريطة "المغرب اتخذ خيارا مسؤولا بالمشاركة في الانتخابات من أجل تمكين المنظمة من الكفاءات الأكثر تأهيلا للمساهمة في إشعاعها وتنميتها".
كما شدد على أن "المشاركة في هذا التنافس النبيل لا تنبع من طموح هيمني، كما قد يظن البعض، بل تعكس التزاما عميقا بالبناء الإفريقي المشترك وخدمة القضايا النبيلة للقارة ومواطنيها".
"تيلكيل عربي" طرح السؤال على مجموعة من المتدخلين في مسار ترشيح المغرب، فأجمعوا على أن "دبلوماسية الواقع هي من ستحسم اختيارات الأفارقة تجاه من يتولى مسؤولية قيادة منظمتهم".