اعتبرت صحيفة "Atalayar" الإسبانية أن "مساعي وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألبارس، الذي لا يفوت أيّ فرصة لمطالبة الحكومة المغربية بوضع حد للأزمة الدبلوماسية بين البلدين، وإعادة السفيرة كريمة بنيعيش إلى مدريد، واللقاء رسميا مع نظيره ناصر بوريطة، وطيّ الصفحة، كلها مساع عبثية".
وتابعت في مقال رأي لكاتبه "بيدرو كاناليس"، أنه "حتى الإيماءات المليئة بالرمزية والنوايا الحسنة من الجانب الإسباني؛ مثل تلك التي قام بها الملك فيليب السادس الذي زار الجناح المغربي في معرض السياحة في مدريد، برفقة الملكة ليتيزيا، بالإضافة إلى العبارات المتكررة لرئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، حول "العلاقات التاريخية"، و"حسن الجوار"، و"التحالف الاستراتيجي"، وغيرها من الأمور، لم تكن ذات فائدة كبيرة أيضا، ولم تستطع إنهاء هذه الأزمة".
وأشارت إلى أن "حكومات البلدان الشريكة، أو حلفاء إسبانيا والمغرب، لا يزالون متفاجئين من استمرار الأزمة الثنائية بين مدريد والرباط. كما أن أجهزة الاستخبارات والمراقبين الدوليين غير قادرين على تمييز جذور الخلاف بين البلدين، والذي يكتسب أعراض الترسخ المستمر"، مؤكدة: "لا أحد يعرف بؤرة الأزمة، سوى البطلان الرئيسيان، الملك محمد السادس، والرئيس الإسباني بيدرو سانشيز".
وأضافت: "لمحاولة فهم ما يخفيه الغضب الثنائي، بجرعات كبيرة من الاستياء من الجانبين، يجب أن نعود إلى شهر غشت الماضي، عندما أعلن الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، عزمه على "تدشين مرحلة غير مسبوقة"، في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، والتي ينبغي أن تكون قائمة على الثقة، والشفافية، واحترام الالتزامات. بعد هذه الكلمات، كان الجميع يأمل في أن تحل الأزمة، لكنها لم تحل. فماذا حدث في الأشهر الخمسة الماضية منذ خطاب محمد السادس؟"
وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن "الخطاب الملكي احتوى على نقطتين، على الأقل، يجب ملاحظتهما. الأولى، الدعوة إلى افتتاح "مرحلة غير مسبوقة" في العلاقات بينهما؛ وهو ما لم يسبق له مثيل، في التاريخ الثنائي. ولكن لكي تدخل هذه "الحقبة الجديدة" حيز التنفيذ، كانت النقطة الثانية ضرورية؛ وهي احترام الالتزامات".
وتساءلت "Atalayar" عن ماهية هذه الالتزامات التي كان الملك المغربي يشير إليها، وهل كانت تهم الجانب الإسباني فقط، أم الجانب المغربي كذلك"، لافتة إلى أنه، "ومنذ ذلك الحين، لم يقدم الملك محمد السادس ولا رئيس الوزراء الإسباني، أية توضيحات لهذه المسألة".
وتابعت: "هناك بعض الدبلوماسيين، وخاصة من الجانب المغربي، الذين يعتقدون أن هناك، بالفعل، التزاما من جانب إسبانيا لفعل شيء ما، وهو ما لم يتم القيام به بعد ذلك، وأن الملك محمد السادس عندما تحدث عن "مرحلة غير مسبوقة"، لم يكن يقدم عرضا، بل ردا على اقتراح إسباني، أو إعلان نوايا".
وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن "أولئك الذين يعرفون العلويين، يعتقدون أن الملك محمد السادس لم يكن ليستخدم المصطلحات التي استخدمها في خطابه، إذا لم يتلق الوعد من إسبانيا بأن شيئا ما على وشك الحدوث، والذي، من ناحية أخرى، لا يمكن إلا أن يكون متعلقا بملف الصحراء المغربية. وهذا الوعد لا يمكن أن يأتي إلا من الرئيس الإسباني، الذي لديه القدرة على الوفاء به. لا يمكن لوزير الخارجية، ولا زعيم المعارضة، ولا حتى الملك فيليب السادس، أن يقدم وعدا لا يمكن أن يفي به إلا رئيس الوزراء، بالنظر إلى صلاحياته الدستورية".
واعتبرت أن "كيفية استمرار الأزمة على الرغم من اليد الممدودة للملك المغربي، يسمح لنا بأن نفترض أن الرباط كانت متأكدة من وجود اتفاق ثابت من الجانب الإسباني لإطلاق مبادرة لم تتحقق فيما بعد. لا يمكن للعاهل المغربي أن يتحدث عن شيء "غير مسبوق"، دون أن يكون له أساس متين، لأنه يهدد هيبة المؤسسة وهيبته".
وأضافت الصحيفة الإسبانية: "لكن من الذي قطع هذا الوعد للملك المغربي؟ من الواضح أنه، إذا كان هناك، فلا يمكن أن يأتي إلا من رئيس الوزراء، بيدرو سانشيز، شخصيا. فالعاهل المغربي لا يثق بوعود أي مرؤوس".
وأوضحت: "في تاريخ المغرب في القرن الماضي، كان السلاطين والملوك المغاربة يوقعون الاتفاقيات مع الملوك ورؤساء الدول فقط. وفي حالة إسبانيا، كان من يحاور الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، هو الجنرال فرانكو. وبعد وفاته، قبل الحسن الثاني بمحاورة رئيس الحكومة الإسباني، فيليبي غونزاليس، وخلفه، خوسيه ماريا أثنار، جزئيا، كمحاورين مباشرين، برضا الملك خوان كارلوس. كان هذا استثناء للقاعدة؛ حيث تعامل ملك المغرب فقط، بشكل مباشر، مع رئيسي فرنسا والولايات المتحدة، وعلى مستوى أكبر، مع رؤساء حكومات إيطاليا، وبريطانيا العظمى، وألمانيا".
وتابعت: "لا يوجد سوى وعد محتمل من الجانب الإسباني، قادر على تشجيع محمد السادس على الحديث عن "مرحلة غير مسبوقة" مع إسبانيا، هو التزام بيدرو سانشيز الشخصي بدعم مبادرة الحكم الذاتي".
وأكدت "Atalayar" في ختام مقالها: "طالما أن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز لا يتحمل هذه المسؤولية، فإن الأزمة ستبقى مفتوحة. وحتى وساطة الولايات المتحدة التي يقترحها ألباريس، لن تكون مجدية في هذه الحالة".