بالأرقام.. المراقب العام للشرطة يسقط "أسطورة جرائم الترمضينة"

بشرى الردادي

سجل بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، اليوم الأحد، بالرباط، أن مصالح الأمن الوطني سجلت، خلال شهر رمضان الماضي، 46 ألفا 434 قضية زجرية، معتبرا أنه معدل شهري منخفض مقارنة بباقي فترات السنة.

وأبرز سبيك، في مداخلة له حول تأثير التدين على معدل الجريمة، خلال ندوة تواصلية بين العلماء والخبراء في التنمية حول مشروع العلماء في خطة "تسديد التبليغ"، أن المقارنة المنجزة بين شهري رمضان وفبراير من سنة 2024 توضح أن عدد القضايا تراجع في حدود 28 في المائة، وهمّ جميع الجرائم؛ بما فيها جرائم القتل العمد (أكثر من النصف)، والاغتصاب (ناقص 31 في المائة)، والسرقة بالخطف والنشل (ناقص 37 في المائة)، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في قضايا الشيشة (في حدود 37 في المائة)، والتسول الاعتيادي (بنسبة 5 في المائة)، واستهلاك وترويج المخدرات (بنسبة ناهزت 17 في المائة(.

وتابع المتحدث نفسه أنه زيادة في التوضيح، تم إجراء مقارنة ثانية مع شهر ماي، لتؤكد الدراسة، مجددا، أن المظهر العام للجريمة كان أقل بكثير، خلال شهر رمضان المبارك، في حدود ناقص 32 في المائة.

وأوضح سبيك أن هذا الانخفاض هم جميع الجرائم المقرونة بالعنف؛ حيث تم تسجيل ناقص 42 في المائة في السرقات بالعنف، وناقص 44 في المائة في جرائم القتل العمد، وناقص 38 في المائة في جرائم الاغتصاب.

وأضاف أن القراءة المتأنية لهذه المقارنات الإحصائية تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك أن شهر رمضان يعرف انخفاضا واضحا في مؤشرات الإجرام، رغم أن المخيال الشعبي للمغاربة يتعامل بنوع من التهويل مع قضايا الجريمة في هذا الشهر، تحت مسمى "الترمضينة، إلا أن ذلك يرجع، بالأساس، إلى طبيعتها الشاذة وغير المقبولة، وليس بسبب انتشار أو تفاقم الجريمة، كما قد يعتقد البعض.

كما سجل سبيك، في نفس المداخلة، أن علاقة الدين والأمن شكلت، على امتداد قرن من الزمن، موضوع الكثير من الدراسات السوسيولوجية والقانونية، والتي كانت نتائجها متباينة بحسب السياقات الزمنية ومستوى التدين والاعتقاد لدى الأشخاص.

وتابع: "ففي سنة 1897، خلص عالم الاجتماع، إميل دوركايم، إلى أن الدين ينهض بدور مهم في مجال المحافظة على مطابقة المعايير والالتزام بالضوابط المجتمعية، لكن الدراسة البحثية التي قام بها، في سنة 1969، عالمان من جامعة واشنطن وجامعة بروكلي، والتي تناولت تأثيرات العوامل الدينية على الانحراف، أظهرت أن مستوى تأثير التدين الشخصي على الانحراف يبقى ضعيفا، بل وتكاد تنعدم العلاقة بين ارتياد الكنائس واحترام القانون وجهاز الشرطة. وفي المقابل، أظهرت دراسة سنة 1974، أنه يمكن أن يكون للدين تأثير رادع على بعض أنواع السلوكيات المنحرفة، خصوصا الجرائم التي تكون بدون ضحايا. نفس النتيجة أكدتها دراسة أخرى، سنة 1985، والتي أوضحت أن معدلات الجريمة في صفوف الأشخاص الذين يواظبون على الممارسات الدينية، مثل ارتياد الكنائس في أمريكا، تكون أقل مقارنة بغيرهم من المتدينين".

أما في ما يخص أوروبا، فتطرق سبيك إلى دراسة أنجزت، سنة 2008، حول العلاقة بين التدين والجريمة، والتي أكدت أن البلدان التي تتميز بمشاركة دينية عالية؛ مثل إيرلندا وبولونيا، كانت لديها معدلات جريمة أقل مقارنة ببلدان مثل السويد وفرنسا والنرويج؛ حيث مستوى التدين منخفض نسبيا، مضيفا: "ويمكن القول إن هذه الدراسات مجتمعة أظهرت أن التدين غالبا ما يكون له تأثير، ولو بنسب متفاوتة، على الجريمة والأمن، خصوصا عندما يكون الالتزام الديني نشطا ومنتظما".