يبوح العالم المغربي رشيد يزمي بالكثير من تفاصيل حياته منذ طفولته في حي الشهداء في فاس خلال خمسينات وستينات القرن الماضي، مرورا بمسار تكوين دراسي بدأه من ثانوية مولاي إدريس إلى جامعات كيوتو وسنغافورة.
لا يخفي هذا الرجل، القصير القامة ودائم الابتسامة، مرارته من إفلات جائزة نوبل للكيمياء من بين يديه، يرى أنها سرقت منه، ومنحت لاثنين من أصدقائه، ليشرح ببساطة غير معهودة في العلماء، ما مسه من حيف الأكاديمية السويدية الشهيرة (الجزء الثاني من الحوار).
قبل ذلك، يحكي، في هذا الجزأ الأول، كيف ولد في فاس في بيت مكون من عائلة كبيرة، امتهن كلها حرفا وصناعات تقليدية، وهو ما يرى فيه عنصرا أساسيا في التربية التي تلقاها، فرغم أن نبوغه كان أساسا في الرياضيات، إلا أنه قرر بشكل غير متوقع أن يتخصص في الهندسة الكيميائية، وينال دكتوراة الدولة الفرنسية فيها، ما فتح له أبواب المجد، ليكون أحد مؤسسي استخدام مادة الليثيوم في البطاريات القابلة للشحن، ما أحدث ثورة في استعمال الأجهزة الإلكترونية.
يتحدث رشيد يزمي، الذي استعمل مهاراته الكروية خلال دراسته في فرنسا، ليسهل اندماجه بين نخبة طلبة الرياضيات في مدينة روان عقد السبعينات، ببساطة كبيرة وحنين إلى ماضيه، وكيف تحول حلم الحصول على منصب عمل لدى مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، إلى عضو في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، والذي يمنح للأجانب نسبة تمثيلية لا تتعدى 5 في المائة.
يزمي عالم كيمياء ساهمت أبحاثه في تغيير حياة البشرية في مطلع الألفية الثالثة، لكن قليلين يعرفون مسار الرجل، ولولا تشريفه من طرف الملك سنة 2014 بوسام الكفاءة الفكرية لما عرف هنا بالمغرب، وكان قبل ذلك قد فاز بجائزة الأكاديمية الأمريكية للهندسة، يجيد تبسيط كلامه وتفسير خطابه، في الجزء الأول من حواره مع "تيلكيل عربي"، الذي أجرى على الثامنة والنصف صباحا (السبت)، لأن الرجل حط بالمغرب على عجل قبل مواصلة رحلته صوب سنغافورة، يتكلم يزمي بـ"بساط أحمدي" عن حياته واختياراته الشبابية التي قادته اليوم، ليقول (في الجزء الثاني) بملء فيه إن "نوبل للكيمياء" سرقت منه هذا العام، لكنه غير مبال، ويقول إنه في بدايته فقط.