بلغت شركة "كوسومار" سن التسعين في هذا العام، وقد مرت، في حياتها الطويلة، بمراحل متعددة، حيث كانت في ملكية الدولة قبل خوصصتها. وفي هذا الحوار مع رئيس المجموعة، محمد فيكرات، نطلع على إنجازات الشركة الحالية ومشاريعها المستقبلية، خاصة في ظل سعيها للتوسع في الخارج، بعد تحالفها مع العملاق السنغافوري "فيلمار".
ما الذي يميز مشاركة "كوسومار" في النسخة 14 من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس؟
نشارك في النسخة الرابعة عشرة من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس برواق حاولنا أن نعكس فيه مجموعة من الأنشطة التي قمنا بها لعدة سنوات، خاصة أن هذه السنة تشهد الذكرى التسعين لتأسيس "كوسيمار" التي رأت النور في 1929، حيث بدأت بمصفاة الدار البيضاء، وعاشت عدة تطورات وقطعت عدة مراحل، كانت أبرزها مرحلة الخوصصة في العشرين سنة الأخيرة، التي شاركنا فيها بعد طلب عروض دولي أطلقته الدولة، حيث مكننا من التوفر على مجموعة مكونة من خمسة مصانع والقيام بمجهود استثماري كبير، من أجل تحسين أدائنا.
شرعنا في التوسع خارج المملكة، في 2017، عبر مصفاة بالمملكة العربية السعودية على البحر الأحمر
وقد شرعنا في التوسع خارج المملكة، في 2017، عبر مصفاة بالمملكة العربية السعودية على البحر الأحمر، بمساهمة شركاء سعوديين و"فليمار" التي تعتبر المساهم الرئيسي في رأسمال "كوسومار". والهدف من ذلك هو تزويد السوق السعودي والسوق الجهوي بمادة السكر المصفى. ونحن نستغل مشاركتنا في المعرض من أجل التعريف ببعض الإنجازات المهمة في ما يخص المجال الفلاحي، خاصة أننا أطلقنا في العام الحالي مشروع رقمنة العمليات الفلاحية.
تحدثتم عن تسعين عام من حياة "كوسومار"، التي تنتج حوالي 50 في المائة من حاجيات السوق من المادة الأولية التي يوفرها المزارعون المحليون، فهل هذا كاف بالنظر لتاريخ الشركة؟
نحن نغطي 100 في المائة من حاجيات السوق المحلي؛ جزء من ذلك الإنتاج يأتي من النباتات السكرية المنتجة في خمسة مناطق، ما يعطي حوالي 50 في المائة من الإنتاج، بينما النصف الثاني يحتاج كذلك لمجهود صناعي. فنحن نستورد السكر الخام، خاصة من البرازيل التي توفر أفضل كلفة، مقارنة ببلدان مصدرة أخرى، ونقوم بتصفيته في مصنع يتوفر على صناعة غذائية ثقيلة جدا، لذلك بدأنا نستعمل قدرة إنتاجية فائضة من أجل التصدير، حيث نستورد السكر الخام، خارج منظومة المقاصة، ونقوم بتصفيته وتلفيفه، وتصديره لأكثر من 35 بلد. وتهدف هذه العمليات كلها إلى استعمال مصفاة الدار البيضاء ومعاملنا بطريقة معقلنة.
نستورد السكر الخام، خارج منظومة المقاصة، ونقوم بتصفيته وتلفيفه، وتصديره لأكثر من 35 بلد
كيف ساهم التجميع في النتائج التي تحققها "كوسومار" بالمغرب؟
تعتمد الفلاحة على ضيعات صغيرة جدا، حيث تصل إلى أقل من هكتار أو هكتارين، حسب المناطق، هذا ما نلاحظه لدى شركائنا من المزارعين، حيث نلاحظ أن 85 في المائة من المزارعين لديهم مساحة صغيرة، ما يجعل الولوج متعذرا عليهم إلى التقنيات الجديدة وتوفير المدخلات.
لذلك، فإن التجميع، يساعد على تيسير الأمور، حيث يكون هناك تنظيم يسهل التزود والتوزيع، بشكل منظم يخول تفادي المفاجآت، بالنسبة للمنتجين، في نفس الوقت الذي يتيح قوة تفاوضية كبيرة.
بالتجميع يكون هناك تنظيم يسهل التزود والتوزيع، يخول تفادي المفاجآت، بالنسبة للمنتجين، ويتيح قوة تفاوضية كبيرة
وقد أحدثنا، في 2007، الفيدرالية البيمهنية للسكر، حيث تنقسم لجناحين؛ الجناح الفلاحي المشكل من سبع جمعيات تغطي المناطق الخمس، التي توفر النباتات السكرية، والشركات المكونة لمجموعة "كوسومار". وأضحت هذه الفيدرالية مخاطبا وحيدا ومقبولا من قبل جميع الأطراف من وزارات ومزودين.
وانخرطت الفيدرالية التي يتشكل مجلس إدارتها من الفلاحين وأطر "كوسومار"، في البحث والتطوير وأحدثت مراكز للتجارب، كما هناك العديد من الآليات التي يراد منها المساعدة على تحسين أداء السلسلة.
وقد حصلنا على ميدالية من المنظمة العالمية للزراعة والأغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وهو نوع من الاعتراف، غير أن الأهم هو اعتراف الشركاء، علما أن هناك أمورا يجب تحسينها، حيث نريد الذهاب من الحسن إلى الأفضل.
كنتم تحدثتم في فترة سابقة عن السعي لتوفير تقاعد للمزارعين، أين وصل هذا المشروع؟
هذا المشروع يتطلب مجهودا وتحسيسا، ونحن نريد ترجمته عبر الفيدرالية البيمهنية للسكر، وقد قمنا بدراسات واشتغلنا مع شريك متخصص في مجال التقاعد من أجل الوصول إلى اقتراح مقبول ومفهوم من قبل المزارعين، خاصة في الجانب المتعلق بالكلفة. وقد شرعنا في توقيع العقود الأولى مع المزارعين، غير أن هذا المشروع سيتطلب نفسا طويلا، من أجل إدراك منافعه من قبل المزارعين في المستقبل.
ماذا عن الرقمنة؟
الهف من الرقمنة، هو استعمال التكنولوجيات الجديدة لتجويد وتحسين العمليات الفلاحية وتعزيز الثقة، التي تطرح في بعض الأحيان عندما لا يتم الامتثال لبعض الضوابط. وتتيح الرقمنة شفافية حول المساحات المزروعة والكميات المجمعة والناقلات المستعملة في اللوجستيك. وقد ساعد ذلك على تتبع العمليات من قبل المزارعين ومعمل السكر في كل منطقة، حيث يتوفر على شاشة كبيرة تتبح تتبع كل مرحل الزرع والنمو والقلع.
وقد أتاحت لنا هذه العملية تحرير المؤطرين من استعمال الأوراق، فقد جرى التخلي عن استعمال 250 ألف ورقة، والتركيز أكثر على تأطير المزارعين.
بفضل الرقمنة، جرى التخلي عن استعمال 250 ألف ورقة، والتركيز أكثر على تأطير المزارعين
ونحن اليوم نتوفر على قاعدة بيانات مهمة بفضل الرقمنة، سيتساعد على تحسين أدائنا أكثر.
ماذا عن مشروع بناء مصفاة لإنتاج السكر بالعربية السعودية؟
تعاني تلك المنطقة من خصاص في السكر، حيث تستورد 4 ملايين طن من حاجياتها من السكر الأبيض. ونحن نتوفر، كـ"كوسومار" و"فيلمار"، على قدرات لإنشاء مصنع بكلفة جيدة.
وسيقام المصنع على ميناء بالبحر الأحمر، يتوفر على رصيد عميق، يمكنه استقبال البواخر الكبيرة. هذا معطى مهم على مستوى اللوجستيك، زد على ذلك أننا سنتوفر على طاقة بكلفة أقل من مواقع أخرى. ويجب أن نشير إلى أن أطرنا يتوفرون على خبرة كبيرة تساعدهم على أن يتعاملوا مع مشروع مصفاة معقد، بالموازاة مع ذلك، نستفيد من خبرة "فيلمار"، في الأسواق العالمية للسكر الخام والأبيض. كل هذه العوامل تساعدنا على بناء مصنع له مكانته وبكلفة جيدة.
هل لديكم توجه نحو التوسع في إفريقيا؟
ندرس الموضوع دائما. ونحن نسعى إلى توفير مجموعة من الشروط من أجل ذلك. وإذا ما توافرت تلك الشروط سنتوكل على الله.
كيف تقيمون الموسم الجديد في مناطق الزراعات السكرية؟
هناك عامل يساعدنا على عدم التأثر أكثر بالتساقطات المطرية، علما أن الأمطار الأخيرة كانت جيدة. نحن نعتمد في السلسلة على الري، وعنما تكون حقينة السدود مساعدة وتمر عمليات السقي بطريقة مضبوطة يكون المحصول في الموعد. وقد بدأت عملية القلع منذ بداية الشهر الجاري، وقد وفرت لها كل شروط النجاح.
أين وصل النقاش حول تحرير سعر السكر مع الحكومة؟
لا يوجد نقاش خاص أو دراسة خاصة حول هذه المسألة، غير أننا نعرف أن الدولة تفكر، من جهتها، من هذا الملف، الذي ينطوي على أبعاد اجتماعية واقتصادية. ونحاول احترام ونحترم المطلوب منا، حيث نتعامل مع 80 ألف مزارع في خمسة مناطق، التي ارتفعت فيها الإنتاجية في العشرة أعوام الأخيرة من 5 آلاف طن في الهكتار إلى 12 ألف طن، ما يعني زيادة في دخل أولئك المزارعين بـ10 في المائة سنويا.
ارتفعت الإنتاجية في العشرة أعوام الأخيرة من 5 آلاف طن في الهكتار إلى 12 ألف طن، ما يعني زيادة في دخل المزارعين بـ10 في المائة سنويا
كما أننا نغطي حاجيات السوق في جميع مناطق المملكة وبالجودة المطلوبة وبالثمن الذي تحدده الدولة، أي خمسة دراهم في المتوسط، تلتزم به مصانعنا ووكالات التوزيع.
وعندما تفكر في تغيير المنظومة سنرى. ذلك لا ياتي بسهولة، فقد أنجزت "كوسومار" استثمارات كبيرة، تصل إلى 8 ملايير درهم، ونحن لدينا عقد برنامج مع الدولة، ممثلة في عدة وزارات مثل الفلاحة والصيد البحري، والاقتصاد والمالية، والصناعة والتجارة، والداخلية، والشؤون العامة والحكامة، وذلك العقد يحدث منظومة تساهم في خلق منصب الشغل وتوفير الدخل للمزارعين، الذين يتعاطون لأنشطة زراعية أخرى مثل إنتاج الحليب واللحوم.
ويجب أن نشير إلى أن نشاطنا يساهم في توفير عسل السكر، الذي يساهم في إنتاج الخميرة، كما أن السلسلة تتيح 200 ألف طن من العلف للماشية، علما أن المغرب يستورد ما بين 400 و500 ألف طن من العلف.