اضطرت السلطات إلى استعمال مكبر صوت والتجوال في أزمة الأحياء بالدارالبيضاء لحث السكان على المكوث بمنازلهم، في إطار التدابير الاحترازية للحد من انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد.
وطاف، زوال اليوم الخميس، أعوان السلطة مصحوبين بعناصر من القوات العمومية والشرطة أحياء عمالات العاصمة الاقتصادية، ليحثوا الناس عبر مكبرات صوت بضرورة البقاء في المنزل وعدم النزول إلى الشارع إلا عند الضرورة القصوى، وعدم الاستهزاء من فيروس كورونا.
كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار، عندما تأهب حشد من أعوان السلطة والقوات العمومية التابعين للمقاطعتين 58 و59 بعمالة ابن مسيك، للانطلاق في مهمة نوعية وغير مسبوقة، فهي ليست عملية محاربة الباعة المتحولين أو تفتيش ضد المترامين على الملك العمومي من أصحاب المقاهي، بل كان الاستعداد للتجول لإقناع السكان بالتزام البيوت، وعدم الاستهزاء بفيروس كورونا المستجد.
كان خطاب عون السلطة الذي صادق عليه قائد المقاطعة، يدعو السكان إلى البقاء في البيت، وتوجيه النصح للواقفين في أركان الشوارع والأزقة في منطقة ابن مسيك، بالإخلاء، لأن الفيروس خطير وخطورته تكمن في سرعة انتشار عدواه.
في عمالة تعتبر الأولى في العاصمة الاقتصادية من حيث الكثافة السكانية في الكيلومتر مربع، بدت الشوارع، كإدريس الحارثي و6 نونبر أو الطبيب الملازم محمد بوافي، خالية نسبيا، وقليلة الحركة، على غير عادتها، سواء من الراجلين أو السيارات، وهو ما علق عليه مصدر أمني لـ"تيلكيل عربي"، "يمكن القول إن ابن مسيك أكثر امتثالا من عمالات أخرى، والأمر لم يبدأ اليوم، فمنذ ثلاث أيام، بدأ السكان يقللون من تحركاتهم في الشوارع والأزقة، لكن هناك مناطق أخرى كحي التشارك ومولاي رشيد والحي الحسني، ما زال المواطنون فيها مقبلون على الخروج والتجوال".
كان عون سلطة ممسكا بمكروفون لا سلكي متصل بمكبر صوت حديث، يخاطب السكان بما يسمى اللهجة الثالثة، "عربية دارجة"، تمزج تارة بين التوسل "الله يخليكم" وتارة بين التهويل لإظهار حجم الجائحة، "راه فيروس خطير، دول كبيرة وماقدراتش عليه، لا طاليان لا مريكان لا فرنسا"، وكلها كلمات كانت تخرج من كمامة، ترتديها كوكبة السلطات، أو استعمال "الله يخليكم يلا كتبغيو ولادكم خليكم حداهم".
لم تقتصر الدعوات على التزام البيوت، بل أيضا شملت التواصل المباشر مع المواطنين في الشارع، وكان رئيس القوات العمومية يطلب من أصحاب المحلات التجارية أن يتركوا مسافة أمان مع الزبون الأول، وأن يحترم باقي الزبائن مسافة المتر كحد أدنى بينهم، وألا يتجمهروا حول المحلات التجارية، التي تواصل فتح أبوابها بشكل عاد.
رجل السلطة ذاته أقنع اصحاب عربات بيع الخضر في سوق المسعودية الصغير، بإجبار الزبائن على احترام الدور بمسافة أمان بين زبون وآخر، كما أمر بوضع مسافة بعد بين كل عربة وأخرى لا تقل عن خمس أمتار.
يقول أحد الأمنين، رافضا كشف هويته، "لا نريد من التجار أن يغلقوا محلاتهم، خاصة بائعو المواد الغذائية، كما لا يمكن أن نحرم باعة مهنيين مياومين من مصدر رزقهم، لذا يجب أن نقنعهم بضرورة اتباع تدابير سلامة تحميهم وتحمي زبائنهم".
لم يعترض عمل "الطلعة" التحسيسية للقوات العمومية أي عائق، وأبدى غالبية السكان تجاوبا وهم ينصرفون بخجل، خاصة لمن يتكئ في أركان الدروب والأزقة الصغيرة، يقول عون سلطة "ربما التوقيت يساعدنا، وأعتقد أن المساء سيكون أكثر صعوبة في إقناع المواطنين بالمكوث في منازلهم، لكن عموما يبدو التجاوب من عامة السكان، والدليل أن الشوارع والأزقة شبه فارغة من الناس، أتمنى أن نجتاز هذا الاختبار بنجاح، وتعود الأوضاع إلى سابق عهدها".