رضوان بنتهاين - متدرب
أفاد بحث بيبليومتري أنجزه الأستاذين مراد طه جنان وسميرة عتماني بجامعة محمد الخامس بالرباط والباحثة فاطمة بلمهدي من الجامعة ذاتها والمعهد المغربي للإعلام العلمي والتقني التابع للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، عن طريق دراسة بيبليومترية لموقع SCOPUS للمنشورات الأكاديمية، (أفاد) بأن المغرب، بالرغم من انضمامه المتأخر لمجموعة الدول المشاركة في الأبحاث العلمية بخصوص تصفية المياه المالحة باستعمال الطاقة الشمسية، قد حقق تقدما ملحوظا في هذا الصدد، بحيث بلغ لائحة الدول الـ25 الرائدة في المجال.
وشددت الوثيقة، التي تم نشرها على موقع ScienceDirect تحت عنوان "التوجهات العالمية للبحث العلمي حول تصفية المياه باستعمال الطاقة الشمسية: تحليل بيبليوميتري للأبحاث المنشورة فيما بين عامي 2010 و2021 مع تركيز خاص على المغرب"، على ضرورة البحث العلمي في هذا المجال على المستويين العالمي والوطني، مذكرة بالاستهلاك الطاقي العالي الذي تقتضيه التقنيات التقليدية لتصفية المياه، والذي يفوق الاستعمالات الطاقية للمياه الجوفية بـ4 أضعاف، ويتطلب ما يناهز 40 ضعفا من الطاقة المستهلكة من خلال توظيف مياه السدود، مما يدل على ضرورة إيجاد طرق بديلة أكثر فعالية لتحلية المياه وتكون كذلك أقل انبعاثا لثنائي أكسيد الكربون، والذي تصدر منه حاليا 76 مليون طن في كل سنة، مما يساهم في تدهور أزمة التغير المناخي.
ويأتي هذا الإلمام في سياق تفاقم الأزمة المائية على المستويين العالمي والوطني.
واستحضرت الوثيقة في هذا الصدد إدراج المعهد العالمي للموارد (World Resource Institute (WRI)) المغرب في الرتبة الـ19 في قائمة البلدان الـ33 التي يتوقع منها أن تواجه ضغوطات مائية "جد مرتفعة" في حدود سنة 2040. ويظهر الجانب العالمي لهاته الأزمة من خلال ارتفاع عدد دول هذه القائمة من 17 بلد في 2019 – مما شكل ربع ساكنة العالم – إلى 33 دولة في حلول العقد الخامس من الألفية الجارية.
كما أفادت دراسة أخرى قامت بمراقبة نمط الري بالأطلس المتوسط عبر العقود الأخيرة والتي نشرت في العدد 56 من مجلة تنمية المياه والأرض (Journal of Watner and Land Development) بوجود خطر واقعي لاستنزاف الفرشاة المائية بالمنطقة، مؤكدة بذلك على ضرورة تنويع المصادر المائية بالمملكة فضلا عن نهج سياسة مائية مستدامة.
وأشارت في هذا الصدد الوثيقة الحالية إلى قيام المملكة ببناء 20 محطة لتصفية مياه البحر لمكافحة الأزمة المائية.
وتشكل هذه الضغوطات المائية، وفق موقع مركز وشبكة تكنولوجيا المناخ الأممي (CTCN)، من بين العوامل المساهمة في خلق الفرص الأكثر قيمة لتصفية المياه.
وأحال الموقع ذاته إلى تحذير المنظمة العالمية من تسبب هذه التقنيات إلى تفاقم الأزمة المائية في البلدان ذات قطاعات غير فعالة لا تحتوي على سياسات مائية واضحة المعالم وتشخيصات دقيقة حول عرض وطلب المياه، إضافة إلى الخبرات التقنية الضرورية والانخفاض النسبي لتضييع المياه، مما قد يعيق إمكانية العديد من البلدان النامية في استعمال تصفية المياه بالرغم من كونها الأكثر عرضة للأزمات المائية.
وأشارت الدراسة الحالية في هذا الصدد بأن استعمال الطاقات المتجددة لتصفية المياه يحمل إمكانيات كبيرة خاصة بالنسبة للمناطق الأكثر جفافا وحرارة في الأرض، والتي تكون الأكثر حاجة إلى المياه، مما قد يؤدي إلى ازدياد نسبة المياه المحلاة للشرب المنتجة، والتي تشكل حاليا فقط 1 في المائة من المياه الصالحة للشرب في العالم.
وأفادت في هذا السياق دراسة سابقة نشرت بعام 2018 وأنجزت من طرف جامعة الأمم المتحدة: معهد البيئة والصحة والمياه بكندا (UNU-INWEH) وجامعة Wageningen بهولندا و معهد غوانغجو للعلوم والتكنولوجيا بكوريا الجنوبية (GIST) تحت عنوان The state of desalination and brine production: A global outlook، بأنه في حدود سنة نشرها كانت 48 في المائة من المياه المحلاة تنتج في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
كما أشارت إلى التأثيرات السلبية المناخية لتقنيات تصفية المياه، من بينها التخلص من كميات الماء الفائض الشديد الملوحة، وهو ما يؤثر سلبا على البيئة، بحيث يكون هذا الفائض، وفق دراسة لمجلة التقرير العلمي (Scientific Report) نشرت في العام الماضي على موقع Nature تحت الرقم20262، (يكون) أكثر حرارة وملوحة من المياه الأصلية، وبالتالي يؤدي تصريفه في مياه البحر إلى ارتفاع نسبة ملوحة المياه الطبيعية إضافة إلى تضرر البيئة البحرية.
وشددت الدراسة القيد الوصف بدورها على الأثر السلبي الذي تحمله المياه المحلاة الفائضة عند تصريفها في مياه البحر، مستحضرة عامل تسببها لافتقار الأوكسجين في المياه التي تصرف فيها، إضافة إلى حملها لمكونات كيميائية تحصل عليها خلال عملية التصفية، مؤكدة بذلك على ضرورة القيام بالمزيد من الأبحاث في سبيل تجويد طرق تصفية الماء، مستحضرة كذلك اعتماد 300 مليون شخص في العالم على المياه المحلاة لتلبية حاجياتهم اليومية من الماء.
ولكن، بالرغم من هذه العوائق، يفيد موقع مركز وشبكة تكنولوجيا المناخ الأممي بأنه من المتوقع أن ترتفع نسبة استعمال تصفية المياه خلال القرن الجاري نظرا لازدياد عدد الأبحاث الصائبة نحو إيجاد طرق أكثر تلاؤما وأقل ضررا للبيئة والمناخ.