بعد صدور كتاب للصحافي الإسرائيلي رُونْنْ بِيرْكْمَانْ، والذي يعرض فيه معطيات جديدة، حول اختطاف المهدي بن بركة، لم يتردد نجل السياسي والمعارض المغربي المختطف، بشير بن بركة، في القول إن "والده كان شوكة في قَدَمِ السلطات الإسرائيلية، وإنه فَضَحَ رغبتها في التقرب من العواصم الإفريقية، بما فيها التقدمية".
وأضاف، في حوار أجراه مع موقع ''جون أفريك''، أنه ليس ضد الفكرة التي تقول إن ''الموساد'' نصب فخا لوالده، من خلال حثه على المشاركة في وثائقيٍّ، والتي يتحدث عنها الصحفي الإسرائيلي رُونْنْ بِيرْكْمَانْ في كتاب-تحقيق، نشر مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية، مبرزا أن هناك مَسَارَاتٍ تتداول حول قضية اختفاء والده، الهدف منها التضليل ودفعه إلى التوقف عن البحث في تفاصيل القضية.
هل حمل كتاب رُونْنْ بِيرْكْمَانْ عناصرَ جديدةً، جعلتك تغير تصورك حول الظروف التي اختفى فيها والدك؟
ليس كليا، لأن رونن بيركمان، بكل بساطة، يكتب بانتظام في الصحافة الإسرائيلية. في مارس 2015، كان قد نشر مقالا، إلى جانب صحفي آخرَ، في اليومية الإسرائيلية يديعوت أحرونوت. وتعلق الأمر بتحقيق حول إمكانية مشاركة ''الموساد'' في اختفاء والدي. وتواصلت معه من خلال البريد الإلكتروني. والقاضي سِيرِيلْ بَاكُو في محكمة الاستئناف في باريس، أرسل من جانبه إنابة قضائية إلى باريس، ولكن بدون جدوى…
متى سمعت لأول مرة عن إمكانية مشاركة ''الموساد'' الإسرائيلي في اختفاء المهدي بن بركة؟
في 1967، جريدة نيويورك تايمز أخذت عناصرَ ظهرت في المجلة الإسرائيلية بُولْ في 1966. العدد تمت مصادرته، وتُوبِعَ صحفيان أمام المحكمة العسكرية، وتم تشبيههما بـ ''وِي كْلُو''، وهو عنوان مسرحية لجون بول سارتر، كانت هي مصدر مقولته الشهيرة ''الجحيم هو الآخرون''.
السلطات الفرنسية تنبهت، حينها، بسرعة إلى هذا المسار الجديد في القضية.
ومنذ ذلك الحين، تعود هذه الفرضية للظهور من حين إلى آخر. وأحد الأعضاء السابقين في ''الموساد'' في باريس صرح في التلفزيون بكلام يسير في هذا الاتجاه. ومن بين الأفكار الرئيسية التي تتأسس عليها هذه الفرضية هي الدعم اللوجستيكي الذي قدمته إسرائيل للمغرب على مستوى تبادل المعلومات.
واحد من الشخصيات-المفاتيح في تحقيق بيركمان هو مِيرْ عَمِيتْ، الذي سير لسنوات ''الموساد''، وحافظ على اتصال وثيق بالرباط. والصحفي يبحث أيضا عن معرفة هل كان لِيفِي أَشْكُولْ، رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، على علم بمشاريع عميت…
المبادلات تمت، حسب بيركمان، بِوَسَاطَةِ أحمد الدليمي، وهو جنرال سابق في القوات المسلحة المغربية، توفي سنة 1983. فهل يتناسب هذا مع العناصر المعروفة مسبقا؟
مجموعة من المسارات التي تَقَدَّمَ فيها بيركمان تتفق مع أخرى قديمة أكثر. وكان قد مَرَّ وقت ونحن نشك في السلطات المغربية، بأنها سمحت للسلطات الإسرائيلية بالاستماع إلى النقاشات والمحادثات بين رؤساء الدول المجتمعين في قمة للجامعة العربية، في شتنبر 1965 في الدار البيضاء. واسم الدليمي يظهر كثيرا.
هل هناك تناقضات مع الروايات السابقة؟
هناك فعلا اختلافات هنا وهناك. كل شيء كشف مُعَقَّدٌ. بيركمان في مقالاته للصحافة الإسرائيلية بيَّن أن الدليمي كان في باريس يوم 29 أكتوبر 1965، وهو اليوم الذي اختفى فيه والدي، ولكن الآن يظهر أنه كان في الجزائر في ذلك التاريخ.
وبيركمان يتحدث أحيانا عن شقة اقْتِيدَ إليها والدي، ولكن روايات أخرى مُتَّفَقٌ عليها تفيد أنها أُخِذَ إلى فيلا. والمشكل الذي نعرفه هو أن مسارات مغلوطة تنتشر لتضليلنا أو دفعنا إلى التوقف عن البحث.
لماذا كانت السلطات الإسرائيلية هي الأداة التي قتل بها والدك؟
بيركمان، الذي يعد صحفيا ممتازا، يركز على المساعدات الخفية بين السلطات المغربية والإسرائيلية. وهو شخص ينتقد بعض ممارسات السلطات، لكنه لا يتطرق إلى الأسئلة السياسية، ولا يتحدث عن كون المهدي بن بركة كان قد أصبح شوكة في قدم السلطات الإسرائيلية.
وفي الواقع، وفي سياق ندوة دولية في القاهرة سنة 1965، قرر أن يطرح على طاولة النقاش سؤال السياسة الإفريقية لإسرائيل. والإسرائيليون، القريبون جدا من جنوب إفريقيا، يحاولون التقرب من عواصم إفريقية أخرى تشمل حتَّى تلك التي تعتبر تقدمية، عبر إرسال خبراء فلاحيين إليها.
ومنظمة الاتحاد الإفريقي فضلت الامتناع عن الإدانة القاسية للسياسة الإسرائيلية في فلسطين. وبن بركة قدَّم تقريرا حول هذا الموضوع، لاستفزازهم لكي يقطعوا مع سياسة الاختباء، ويتحركوا على مستوى القارة الإفريقية.
ونعلم اليوم أن هذا الأمر كان سيئا جدا بالنسبة لإسرائيل، التي اعترف زعمائها البارزون علنا مثل دَافِيدْ بِينْ كُورْيُونْ بالرغبة في إقامة علاقات أوثق مع البلدان الإفريقية.
بيركمان يتحدث عن إمكانية اقتراح عملاء ''الموساد'' عن نصب فخ لبن بركة في شكل تصوير فيلم وثائقي. فهل هذا ممكن؟
بالنسبة إلي، فكرة نصب فخ لوالدي، من خلال الاقتراح عليه المشاركة في مشروع لفيلم وثائقي اسمه ''باسطا''، مصدره المغاربة، وخاصَّة المشهور العربي شتوكي، ضابط الاستعلامات المغربية. وأنا لست ضد ما يقوله بيركمان بخصوص اقتراح الإسرائيليين للفكرة المذكورة.
المصدر: موقع ''جون أفريك''.