"منذ أن كفت دول الخليج عن تحويل أموال إلى المغرب، وبسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها البلد، تبحث الدولة عن أموال، أين ستبحث عنها؟ ليس عند رؤساء المقاولات الكبار، الذين تصنع لهم القوانين كي لا يؤدوا الضريبة أو الفقراء، بل لدى الطبقة المتوسط، التي نمثلها نحن أصحاب المهن الحرة". هذا ما أكده الطبيب بدر الدين الداسولي، نائب رئيس الاتحاد الوطني للمهن الحرة، الذي يشدد على ضرورة الحذر من الخطاب الذي يتهم ممارسي المهن الحرة بتبديد أموال الدولة، مشيرا إلى أنه يجري البحث عن ضحايا، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية.
تعبئة شاملة
لم يشذ خطاب عضو الاتحاد الوطني للمهن الحرة، الطبيب عبد الرحيم بنبوجيدة، خلال لقاء نظمه الاتحاد الوطني للمهن الحرة، أول أمس الأحد بالدارالبيضاء، عما جاء على لسان الداسولي، حيث خاطب الحاضرين قائلا: "يجب توحيد الصفوف، فلم يعد لنا أسوأ من ذلك"، قبل أن يختم بالتوصية التالية في نهاية اللقاء: "يجب بذل كل المساعي السياسية والديبلوماسية مع اقتراب مشروع قانون المالية المقبل".
ضم اجتماع الأحد، الذي دعا إليه الاتحاد الوطني للمهن الحرة، الأطباء والمهندسين، والمهندسين الطوبوغرافيين، والمحاسبين الخبراء، والمحاسبين المعتمدين، والصيادلة، والمعشرين. وقد جرى الحديث، خلال الاجتماع، عن حوالي 15 مهنة ممثلة في الاتحاد، الذي يريد التصدي للدفاع عن مصالح الفاعلين في المهن الحرة.
ويوجد أصحاب المهن الحرة في مرحلة يعتبرونها مفصلية، في ظل ما شاع بينهم من توجه السلطات العمومية، نحو استهدافهم، خاصة بعد ما ترسخ من اعتقاد بلجوئهم للتهرب من أداء الضريبة. فهذا الطبيب عبد الفتاح التادلاوي، اعتبر أول أمس الأحد، أنه بالنظر لعدد الأعضاء المحتملين الذين يفترض أن ينضووا تحت لواء الاتحاد الوطني للمهن الحرة، يمكن أن يساعد على تأسيس حزب سياسي، عوض بذل مساع في كل مرة لدى هذه الجهة أو تلك من أجل الدفاع عن مصالح المهن الحرة.
ذلك مقترح أريد من ورائه إبراز القوة الكامنة بين صفوف ممارسي المهن الحرة بالمغرب، وهو ما دفع بنبوجيدة إلى التأكيد على أنه كلما التحق المهنيون بالاتحاد، كلما أمكن التوجه نحو الحصول على تمثيلية بمجلس المستشارين، على غرار ما يحصل مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
الحديث عن تأسيس حزب للمهن الحرة لم يمر دون أن يثير ملاحظة من أحد مؤسسي الاتحاد الوطني للمهن الحرة، الذي اعتبر أنه لا يمكن تأسيس حزب سياسي لتلك المهن، بالنظر لأن كل مهنة لها خصوصياتها.
ارتدادات المناظرة
وشدد متدخلون على الدور الذي يضطلع به أصحاب المهن الحرة في الاقتصاد الوطني، عبر قيمة مضافة في حدود 27 مليار درهم، مشيرين، في الوقت نفسه، إلى أنه لا يجب التركيز فقط على الضريبة على الدخل التي يؤديها المهنيون، التي تصل حصيلتها إلى 1,9 مليار درهم، فهناك من يساهمون عبر الضريبة على الشركات، ناهيك عن الضريبة على القيمة المضافة.
ويتجلى من النقاش، الذي عرفه لقاء الاتحاد الوطني للمهن الحرة، أن صفحة ما حدث خلال المناظرة الوطنية للضريبة بالصخيرات، يومي الثالث والرابع من ماي الجاري، عندما جرى انتقاء أطباء بسبب ما اعتبرا تهربا من قبلهم عن أداء الضريبة، لم تطو، فقد أحدث ذلك رجة وسط الأطباء، امتد إلى المهن الحرة الأخرى.
وقد جاء الانتقاد، بشكل خاص، من قبل الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية، زهير الشرفي، الذي دعا الأطباء، خلال المناظرة، إلى الكف عن تقديم تصريحات برسم الضريبة على الدخل لا تعكس الحقيقة، معبرا عن رفض العمل بـ"النوار" من قبل مهنيين في الطب الخاص.
وقد كان اجتماع الاتحاد الوطني للمهن الحرة فرصة لأطباء من أجل الرد مرة أخرى على انتقادات الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية، حيث اعتبر الطبيب عبد الرحيم الشايب أن ما صدر عن الشرفي، أريد من ورائه التغطية على فشل المنظومة الصحية العمومية بالمغرب.
وشدد الشايب، الذي أشار إلى مغادرة ألف طبيب للمغرب في العامين الأخيرين، على أن العديد من الأطباء في القطاع العام يعملون لفائدة المصحات الخاصة، ما يبرر أداء تعويضاتهم بـ"النوار".
سلم جبائي
وبدا من تدخلات المشاركين في لقاء، أول أمس الأحد، أن المهنيين ينخرطون من حالة من التعبئة من أجل الضغط للدفاع عن مصالحهم، قبل وضع القانون الإطار الخاص بالجباية، الذي توقعته المناظرة الوطنية للجباية.
ويراهن المهنيون على أن يكون لهم رأي في ما يجب أن يكون عليهم النظام الجبائي، الذي سيخضعون له في الخمسة أعوام المقبلة التي سيغطيها القانون الإطار، كما سيسعون إلى التأثير عند عرض مشاريع قوانين المالية على البرلمان.
وقد أشار حسن أفيلال، نائب رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، إلي ضرورة التمييز بين الضريبة على الدخل والضريبة على الدخول المهنية، حيث يعتبر أنه لا يجب معاملتها على قدم المساواة بالنظر للتحملات التي تقع على كاهل أصحاب المهن الحرة.
وأكد مشاركون في للقاء على ضرورة توضيح بعض ما جاء في توصيات المناظرة الوطنية للضريبة، خاصة في ما يتصل بالإعلان عن توسيع الوعاء الجبائي، تفاديا لرفع الضغط على أصحاب المهن الحرة.
وأوصى رشيد لزرق، المستشار القانون والجبائي، ممارسي المهن الحرة، المهنيين، بالدفاع لدى الإدارة الجبائية والسلطات العمومية،عن نوع من السلم الجبائي لمدة خمسة أعوام، موضحا أن ذلك السلم يمكن أن يأتي عبر الوصول إلى أداء الضريبة على أساس جزافي متفق عليه سلفا.
وينسجم هذا مع ما سبق أن طالب به رشيد أفيلال خلال المناظرة الوطنية حول الجبائية، الذي دعا إلى التوجه نحو نظام جبائي جزافي، يحدد سلفا سقفا لما يجب أن يؤديه الأطباء، مع تفادي المراجعات التي يمكن أن تقع في كل مرة من قبل المديرية العامة للضريبة بالمغرب.