بقلم: هادي معزوز
غيب الموت فجر يومه الجمعة، الكاتب السوري المثير للجدل حيدر حيدر، وذلك عن عمر يناهز 87 عاما بمسقط رأسه "حصين البحر" بسورية، هذا وقد عبر الوسط الثقافي العربي عن حزنه الشديد نحو الغياب الأخير لكاتب مخضرم عاصر جل الأحداث الكبرى التي طبعت العالم العربي، بل وجعل من بعضها عملا روائيا ضخما، توج بالخصوص في عمله الأدبي "وليمة لأعشاب البحر" الصادرة ببيروت عام 1983 والتي كان بطلها مناضل شيوعي متمرد ضد الأعراف السائدة، ليفر بعدئذ إلى الجزائر ويعيش جملة من المغامرات العاطفية دون أن يكف عن طرح أسئلة كبيرة حول الله والقدر والغاية من الوجود ومساءلة المصير والمآل، لدرجة أنه بعد صدورها خرج طلاب الأزهر يتظاهرون ضد مضمونها وجرأتها ومساسها بالمقدسات خاصة الدينية والثقافية منها. بل إن تأثيرها وصل أبضا إلى الوسط السياسي المصري حيث قسمته بين مؤيد لفحوى الرواية ومعارض لها، ليتوج بعدئذ بمطالبة المتظاهرين باستقالة وزير الثقافة المصري فاروق حسني بدعوى أن العمل لا يحمل بين طياته رسالة أدبية خالصة، بقدر ما أنه رأي يوجه سهام نقده المباشرة للجماعات الإسلامية بل وللإسلام بصفة عامة.
وفي ذات السياق، اعتبر الكاتب حيدر حيدر رمزا للتيار المجدد في الرواية العربية التي تنهل من التجارب الخاصة وتحولها لعمل أدبي ينهل من المدرسة الواقعية والرومانسية والوجودية، بل ويسمي الأسماء بمسمياتها وإن بدا ذلك غير مباشر داخل سياق الكتابة، لكن ثقله الكبير جعل من أعماله تحقق مبيعات مهمة داخل وخارج الوطن العربي. إلا ان المتفق عليه، هو أن الرجل تمكن حقا من أن يترك بصمته الخاصة على الأدب العربي، ليس فقط بروايته سالفة الذكر، وإنما بعمله الشهير "الزمن الموحش" الذي يجسد قمة الوجودية التشاؤمية، ومساءلة الإنسان العربي، أي مساءلة إخفاقاته في السياسة والعاطفة والاعتقاد والثقافة المتحجرة..
جدير بالذكر أن العديد من الأعلام الأدبية والإعلامية اعترفوا بأهمية إرث حيدر حيدر، مشيدين خصوصا بعمله وليمة لأعشاب البحر وفي مقدمتهم أحمد هيكل وجابر عصفور وآخرون.