أوضحت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، يوم أمس الأربعاء، أنه "تم سجيل تأويلات غير صحيحة لما جاء في بلاغها المنشور، بتاريخ 07 غشت 2023، الذي نبهت فيه إلى الإكراهات التي يطرحها الاكتظاظ المتزايد بالسجون، في ما يخص ظروف الاعتقال والتأهيل لإعادة الإدماج، وذلك بتبخيس الجهود المتواصلة المبذولة"، مبرزة أنها "قامت بتفويض تغذية السجناء إلى شركات متخصصة في هذا المجال؛ مما مكن من تحسين الوجبات الغذائية المقدمة للنزلاء، كما وكيفا".
وأضاف المصدر ذاته أن "عملية التفويض هذه وفرت على الأسر التكاليف والمشقة المرتبطة بالقفة، كما مكنت المندوبية العامة من التقليص، بشكل كبير، من حجم الممنوعات المسربة إلى المؤسسات السجنية".
وبخصوص الرعاية الصحية، سجل البلاغ أنه "تم تسجيل تطور كبير في عدد ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للنزيلات والنزلاء؛ حيث فاقت هذه الخدمات تلك المقدمة على المستوى الوطني".
وتابع بأنه، وفي ما يتعلق بالدارسة والتكوين المهني ومحاربة الأمية، برسم موسم 2022/2023، "استفاد 6748 نزيلا من برامج التعليم والتربية غير النظامية، وبلغ عدد النزلاء الحاصلين على شهادة البكالوريا أحرار ما مجموعه 633 نزيلة ونزيلا، كما بلغ عدد النزلاء المسجلين بمختلف الكليات 1685 نزيلا، علما أن عدد السجناء الحاصلين على شهادات جامعية بلغ، خلال السنوات الخمس الأخيرة، 602 سجناء".
أما في ما يتعلق بمحو الأمية، يضيف المصدر، فبلغ عدد المستفيدات والمستفيدين من هذا البرنامج، خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما مجموعه 43 ألفا و966 نزيلة ونزيلا، مشيرا إلى أنه إضافة إلى البرامج الكلاسيكية المذكورة، طورت المندوبية العامة جيلا جديدا من البرامج الخلاقة، يذكر منها على الأخص، "الجامعة في السجون" الذي بلغ دورته الـ12، و"اللقاء الوطني لفائدة السجينات" الذي بلغ دورته الرابعة، وكذا برنامج "مصالحة" الموجه لفائدة النزلاء المعتقلين على خلفية قضايا التطرف والإرهاب، والذي بلغ دورته الـ12، وبرنامج "الملتقى الصيفي للأحداث" الذي بلغ دورته السادسة، فضلا عن برنامج "سجون بدون عود" لفائدة النزلاء الأحداث، الذي أطلقت، مؤخرا، دورته الأولى.
وسجل البلاغ أن "نجاح مختلف البرامج التي تطلقها المندوبية العامة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية يبقى رهينا بتحسين ظروف الاعتقال، عبر تقليص حدة الاكتظاظ، وذلك بهدف زيادة نسبة الاستهداف وإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من النزيلات والنزلاء للاستفادة منها"، لافتا إلى أن "المندوبية العامة تؤكد، في هذا الصدد، أن وضع هذه البرامج وتنفيذها ما كان ليتأتى، لولا الانخراط والالتزام التامين لجميع أطر وموظفي هذا القطاع، وما أبانوا عنه من تضحيات ونكران للذات، رغم كل الإكراهات المرتبطة بطبيعة عملهم".
يشار إلى أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج سبق وأعلنت في بلاغ، يوم الاثنين المنصرم، أن "عدد السجناء بالمؤسسات السجنية بلغ، بتاريخ 7 غشت 2023، ما مجموعه 100 ألف وأربعة سجناء، وهو رقم قياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64 ألف و600 سرير، وذلك رغم المجهودات المتواصلة التي بذلتها المندوبية العامة لتحديث وتوسيع حظيرة السجون بالمغرب"، داعية "السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ، لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة عن المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء، والتغذية، والتطبيب، والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج".
ولتقريب الصورة أكثر إلى الرأي العام، بخصوص الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، استشهدت المندوبية بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء، الذي بلغ عدد سجنائه ما مجموعه 10 آلاف و877 سجينا، علما أن طاقته الاستيعابية لا تتعدى 3 آلاف و800 سرير"، قبل أن تخلص إلى أنه "من المرتقب أن يستمر تزايد الساكنة السجنية مستقبلا، إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع".
من جهتها، أعربت جمعية رابطة قضاة المغرب عن "تفاجئها واستغرابها لبلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون، والذي تحمل من خلاله السلطة القضائية سبب الاكتظاظ والتزايد المهول الذي تعرفه المؤسسات السجنية الناتج عن ارتفاع وتيرة الاعتقال".
ورفضت الرابطة، في بلاغ توصل موقع "تيلكيل عربي" بنسخة منه، "أي تدخل من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية، أو التأثير على قرارات قضاتها الملزمين فقط، بالتطبيق السليم والعادل للقانون، بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح".
كما رفضت "أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي، والذي لم يغيب يوما توجهات الدولة في السياسات الجنائية وإستراتيجية مكافحة الجريمة وإنزال العقاب وجعل الاعتقال استثناء وليس أصلا".
ووفق نفس المصدر، اعتبرت رابطة قضاة المغرب أن "المخاطب الوحيد للمندوبية العامة لإدارة السجون هي رئاسة الحكومة، باعتبارها الوصية على هذا القطاع، لدعوتها لتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمتين لحل هذه المعضلة".
كما أشارت الرابطة إلى أن "الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ، هو نفسه الذي طالما نادى بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين، تحسبا من كل إفلات من العقاب وتحقيقا للردع العام والخاص، سيما وأن المغرب الذي أصبحت ساكنته تناهز 40 مليون نسمة عرف، في السنوات الأخيرة، تفاقما مضطرد للجريمة، كما وكيفا".
وثمنت رابطة قضاة المغرب، في ختام بلاغها، "المبادرة التشريعية المرتقبة لتعديل القانون الجنائي على مستوى إحداث بدائل الاعتقال الاحتياطي والعقوبات السالبة للحرية، مع العمل على التسريع بدخولها حيز التنفيذ"، داعية المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى "الاطلاع على المجهودات التي يبذلها كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، في مجال ترشيد الاعتقال، وذلك من خلال الدوريات المتعددة والمتتالية الصادرة عن كلا الجهتين".