نبهت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في بلاغ صادر، اليوم الاثنين، إلى "خطورة حالة الارتباك غير المسبوقة، التي رافقت صدور القرار الأخير لمجلس بنك المغرب"، مذكرة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بـ"مسؤوليته في الحرص على التنسيق بين مختلف الأطراف، في احترام لقراراتها واستقلاليتها، وبكون التعاطي مع السياسة النقدية وآلياتها وعلاقة الحكومة مع بنك المغرب مؤطرة بمقتضى القانون، بما يضمن قيام هذه المؤسسة باستقلالية بأدوارها واختصاصاتها القانونية الحصرية، ويحقق الانسجام والتكامل اللازمين بين السياسة الحكومية في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمالي، من جانب، والسياسة النقدية من جانب آخر، ويحافظ، بالتالي، على صورة ومصداقية مختلف مؤسسات الدولة".
وأكدت الأمانة، في هذا الصدد، أن "هذه الواقعة كشفت حالة من التخبط المؤسساتي غير المقبول، والذي ينبغي أن لا يتكرر، بما يحافظ على الصورة المشرقة والإيجابية، التي تشكلت لدى مختلف الشركاء والفاعلين والمؤسسات في الداخل والخارج، بخصوص مصداقية وصلابة وجدية المنظومة المؤسساتية لبلادنا".
واعتبرت الأمانة العامة، في نفس البلاغ، أن "موجة غلاء الأسعار، التي تعرفها، منذ مدة، جل المواد الاستهلاكية، ولاسيما الغذائية منها، وعدم قدرة الحكومة على القيام بواجبها في معالجة أسبابها وتداعياتها، واستمرارها في التذكير والاحتفاء بإجراءات مالية وقانونية روتينية معتمدة، منذ عقود، والتلويح بمجموعة من الوعود الحكومية السخية، والتي فضلا عن كونها لم تتحقق إلى الآن، فإنها تساهم في تعميق أزمة الغلاء وتستفز المجتمع، وهو ما يتطلب التدخل، بشكل مستعجل، عبر إجراءات جديدة تتناسب مع هذه الوضعية الاجتماعية والمعيشية الصعبة والاستثنائية".
واقترحت الأمانة العامة لـ"البيجيدي"، في هذا الصدد، و"بشكل مستعجل، ودون انتظار السجل الاجتماعي الموحد، صرف دعم مالي للأسر الفقيرة والهشة، بالاعتماد على اللوائح والبوابة الإلكترونية، التي اعتمدت سابقا، لصرف الدعم، في فترة أزمة "كوفيد"، واستعمال الفائض المالي المحقق من المحصول الاستثنائي للضرائب والرسوم المفروضة على المحروقات والأرصدة المتوفرة بالصناديق الخصوصية ذات الصلة بدعم التماسك الاجتماعي، وذلك إلى حين الشروع في صرف الدعم المباشر المخصص في إطار ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو ما من شأنه أن يخلف حالة ارتياح لدى المواطنين عامة، ويساهم بالخصوص، في التخفيف على الفئات الهشة والفقيرة، التي تعاني من موجة غلاء المواد الاستهلاكية والغذائية، والتي تشبه في آثارها، إلى حد كبير، حالة الحجر الصحي إبان أزمة كوفيد-19".
وجددت الأمانة العامة "تنبيهها، في هذا السياق، إلى خطورة الإشكالات الكبيرة، التي تصاحب تنزيل الحكومة لورش تعميم التغطية الاجتماعية، والتي تجسدت في حرمان فئات واسعة، كانت إلى الأمس القريب، تستفيد من برنامج "راميد"، من حقها في الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية، وكذا حرمان عدد من الفئات الهشة والفقيرة من برنامجي دعم الأرامل وتيسير، واستمرار الحكومة في ربط الاستفادة من هذه البرامج، بشكل متعسف، بالتوفر على بطاقة "راميد"، في الوقت الذي لم تعد هذه الوثيقة موجودة أصلا"، داعية حكومة أخنوش إلى "إعادة صرف الدعم المكتسب لمستحقيه من النساء الأرامل في وضعية هشة، وللأسر التي لها أطفال في سن التمدرس، وتوفير الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية لجميع الأسر الفقيرة والهشة".
كما جددت تأكيدها على أن "الوضعية المختلة وغير التنافسية، التي يعيشها سوق المحروقات، والشبهات المثارة، مؤخرا، حول استيراد وتصدير الغاز الروسي، وعدم قدرة مجلس المنافسة على الاضطلاع بأدواره الدستورية، في هذا الصدد، بسبب عدم مبادرته وانتظاريته، من جهة، وبسبب تأخر الحكومة في إصدار نصوصه التنظيمية، من جهة أخرى، تعد من بين أبرز الأسباب، التي أدت وتؤدي إلى استمرار موجة الغلاء واستفحالها، بالرغم من الانخفاض المستمر في أسعار المواد البترولية على المستوى الدولي".
وأعلنت، في هذا الصدد، قرارها "تكليف رئيس المجموعة النيابية، بالتنسيق مع فرق المعارضة، قصد تفعيل الآليات الدستورية والمؤسساتية المناسبة مع ما بات يعرف بقضية الغاز الروسي".
ونبهت الأمانة العامة -مرة أخرى- إلى "خطورة المنطق المستفز، الذي استقر عند الحكومة، ورئيسها بالخصوص، في التعامل مع قضايا المواطنين والمواطنات، وفي التعاطي السلبي، والاستخفاف بالتحذيرات والتنبيهات المتكررة الصادرة عن بعض أحزاب المعارضة وممثليها بالبرلمان، وبالإصرار على الترويج لتوقعات اقتصادية ومالية متفائلة وخاطئة، وترديد الوعود السخية، والتسويق لإنجازات وهمية".
من جهة أخرى، جددت الأمانة العامة دعوتها للحكومة ووزرائها لـ"التركيز على الأولويات والانتظارات الحقيقية، التي تشغل بال المواطنين والمواطنات، والوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي، والإسراع في تبني سياسات عمومية قائمة على خدمة عموم فئات المجتمع، ولاسيما الفئات الهشة والفقيرة، والتخلي عن منطق الاحتكار والجشع واستغلال النفوذ المرتبط بزواج المال بالسلطة الخادم لفئة قليلة محظوظة على حساب باقي فئات المجتمع، وذلك عوض التمويه وتحويل الانتباه، من خلال التسابق إلى إثارة مواضيع هامشية لا تجد أدنى اهتمام بها لدى المواطنين، فضلا عن كونها لا تنسجم مع مرجعية الدولة والمجتمع المغربي".
كما استنكرت الأمانة العامة "غياب قنوات القطب العمومي عن القضايا الأساسية والراهنة، التي تشغل بال المواطنين والمواطنات، وإمعانها في تبديد الأموال العمومية في إنتاج وبث برامج مطبوعة بالتفاهة والسطحية، بدل استثمار هذا الشهر الفضيل في إنتاج مواد تربوية وتثقيفية وتوعوية تنفع البلاد والعباد".