يصمم المخرج المغربي سهيل بنبركة على عودة قوية إلى السينما من خلال فيلمه الملحمي "من رمل ونار"، الذي يبدأ عرضه في القاعات السينمائية المغربية يوم ثاني أكتوبر المقبل.
في دردشة قصيرة مع "تيلكيل عربي" يتحدث بنبركة عن أسباب اختياره لقصة تاريخية حقيقية تعود إلى مطلع القرن التاسع عشر، كما يوضح أن الفكرة الأساسية التي أثارته في مسار الجندي والجاسوس الإسباني "علي باي" هي قدم التعصب الديني، الذي دخل المشرق من الغرب.
بعد غياب دام لأزيد من 15 سنة، تعود بفيلم ملحمي ضخم الإنتاج، لماذا اختيار موضوع تاريخي في هذا الظرف؟
لقد كنت بصدد الاشتغال على فيلم يتطرق لشخصية ليون الإفريقي، الحسن الوزان، وهو الأمر الذي استغرق مني اشتغالا على القصة والسيناريو طيلة 7 سنوات.
لكن في نقاش عارض مع شريكي المنتج الإسباني، أمدني بكتاب "رحلات عبر المغرب" للجندي الإسباني بيرديغو باديا، وطلب مني الاطلاع عليه.
مباشرة بعد قراءة كتاب الرحلة غيرت وجهتي، فقررت أن أتخلى عن ليون الإفريقي، وأركز على قصة "علي باي العباسي"، وهو ما أعطى في النهاية فيلم "من رمل ونار"، الذي تطلب مني بدوره مدة اشتغال وصلت لثماني سنوات.
لقد وجدت أن شخصية علي باي مثيرة للاهتمام، ما أجبرني على التخلي عن الاشتغال على شخصية "ليون الإفريقي"، إذن بكل بساطة لهذا السبب غبت مدة تزيد عن 15 سنة.
يتحدث "من رمل ونار" عن الجاسوسية والصراع المغربي الإسباني مطلع القرن 19، لكنه يتطرق لقضايا مثل الحب والتطرف، ما فكرة الفيلم الرئيسية، التي حاولت الدفاع عنها؟
ما أثارني في قصة "علي باي" هو أنه كيف يعقل أن تكون الأصولية الدينية متواجدة بداية القرن 19، بل الأنكى من ذلك، أنها ولدت على يد أوربيين وليس مسلمين.
ففي سنة 1802 كانت سيدة أوروبية أول من نهج مذهبا أصوليا متطرفا، لقد تسببت هذه السيدة في مجازر كبيرة قتل فيها الآلاف في سوريا، وكل هذا جرى باسم الدين، والأمر مشابه لما نراه اليوم.
غالبا ما نعبر عن دهشتنا عندما نسمع أن أحد الأوروبيين انضم إلى جماعات متطرفة في المشرق، أو أنه قام بعملية إرهابية دامية، لكن لا أحد يعرف أن البداية كانت في وقت مبكر وعلى أيدي أوروبية.
إن هذه الرمزية التاريخية، التي يجهلها كثيرون، هي ما أثارني في القصة ككل.
ألا تعتقد أنه لو جرت ترجمة كلية لحوار الفيلم بالعربية، لكان بإمكانه أن يصل إلى جمهور عربي أوسع؟
لقد تعمدت أن تحتفظ كل الشخوص بلغاتها، إنها مسألة ذوق في المقام الأول، إذ لن أتقبل مطلقا أن أرى نابليون يتحدث رفقة وزير خارجيته داخل قصره الفخم وهو يتحدث العربية، والأمر نفسه بالنسبة للملك الإسباني رفقة وزيره الأول، كان الأمر سيخلق لدي نشازا، لذا رأيت أن يحتفظ كل بلغته، أن يتحدث المغاربة والسوريون بالعربية وأن يتحدث الأوروبيين الفرنسية أو الإنجليزية.
ربما في عمل مقبل يمكنني الاشتغال على حوار باللغة العربية الفصحى.
لقد أردت أن أظهر الاختلاف بين الثقافتين الشرقية والغربية سواء من خلال اللغة أو اللباس أو المعمار، وصدقا لا يمكنني تحمل مشاهدة أمريكي مثلا يتحدث العربية.