الأزمة عميقة ولا يمكن التنبؤ بتطوراتها. في هذا الحوار، يتحدث وزیر الاقتصاد والمالیة وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون، لـ"تیلكیل عربي"، عن قطاع سياحي متوقف لنسبة 100%، عن تراجع كل القطاعات التصديرية (السيارات 96-% والطيران 80-%) وعن تراجع تحويلات المغاربة بالخارج (30-%)، لكن رغم عمق الأزمة، استطاع المغرب أن ينجح في تدبيرها، في مراحلها الأولى، لكن الأصعب قادم. وفي الحوار أيضا، يقدم بنشعبون تصوره لكيفية الخروج من الأزمة بأقل الأضرار الممكنة.
نـریـد تـوصیفا لـعمق الأزمة التي نعیشھا الـیوم مـع "كوفید19". وما ھي سـیناریـوھات تطور ھذه الأزمة في المستقبل؟
كـما تـعلمون، یشھـد الـعالـم أسـوأ أزمة اقـتصادیة منذ تلك التي عـرفھا في ثـلاثینیات الـقرن الـماضي، ومازالـت امـتداداتھا تـتشعب، حـیث كـلما طـال أمدھـا، أدى ذلـك إلـى ارتـفاع حالات الإفـلاس بـین الـمقاولات والـبطالـة لـدى الأسـر، وما لذلـك مـن تبعات اجـتماعیة كـبیرة وضغوط ھائلة عـلى میزانیات الحكومات لاستعادة الاستقرار الاقـتصادي والاجـتماعي مـن خلال بـرامج الإنـقاذ والدعم المختلفة الـتي تـضطر لاعـتمادھـا. ولذلـك، فـإن درجة عـمق ھذه الأزمة یظل رھينا بمدى الانتشار الـزماني والمكاني لھذا الوباء، ومدى فعالـیة التدابیر المتخذة لمواجھـتھا، وكذا قدرة الدول على تدبیر الفترة التي تلي ھذه الأزمة.
وحـیث أن الـمغرب لـیس بـمنأى عـن ھـذه الـتطورات، بـالـنظر لارتـباط اقـتصاده بـالـتحولات الـتي یـعرفـھا الـعالـم، فـیصعب الـتكھن، فـي ھـذه الـمرحـلة، بـالتطورات المستقبلیة لامتدادات الأزمة الـتي تعصف باقـتصادیات العالم، بـغض النظر عـن مستوى تقدمھا، فـي غـیاب رؤیة واضحة والبعد الزمني الذي تستلزمه ھذه الـظرفـیة لاسـتعادة ھـذه القطاعات الاقتصادية عـافـیتھا، غـیر أن بـلادنا قـد اتخذت سـلسلة مـن الإجراءات الاستباقیة لاحتواء تـداعـیات الأزمة عبر توفـیر الشـروط الضروریة لاستقرار الاقتصاد الوطني وضمان مصادر التمویلات الكافیة له.
وفي ظل التوجيهات الملكية السامية للملك محمد السادس وحرصه الشديد على تتبع هذه الأزمة عن قرب، يمكن القول بأن الـمغرب قـد نجح فـي تـدبیر الأزمة، فـي مراحـلھا الأولـى. ولجنة الـیقظة الاقـتصادیة منكبة الآن عـلى بلورة خـطة إنعاش شمولیة ومتناسـقة لتحقیق إقلاع الاقـتصاد الوطني، مـع توفـیر آليات الدعـم الكفیلة لبلوغ ذلك. ویشار إلـى أن ھـذه الخـطة الـشمولـیة ستعتمد على مخرجات خطط الإنعاش التي یتم إعـدادھا على المستوى الـقطاعي، والـتي تأخـذ بعین الاعتبار الفترة اللازمة لإعادة استئناف كــل قـطاع من ھذه القطاعات لنشاطـه، حسب خصوصیاته. ھذا دون إغـفال تـعزیـز آلـیات تـحفیز الـطلب الـداخـلي مـع إيلاء اھـتمام خـاص لتعزیز المنتوج/المحتوى المحلي.
قـلتم مؤخرا، في حوار مع الزملاء، فـي "تیلكیل" (بالفرنسـیة) إن الأزمـة عـامـة الـیوم فـي الـمغرب. مـاھـي الـقطاعـات الأكـثر تـضررا؟ وھـل یـمكن أن نحصل عـلى أرقام جـدیدة بخصوص القطاعات الأكثر تضررا، كالسیاحة وعائدات مغاربة الخارج والصادرات المغربیة؟
في ظل الـتنامي المسـتمر لـتأثیرات انتشار الـفیروس عـلى اقـتصادات دول الـعالـم، سـتتأثر الآفاق الاقتصادیة للمغرب بالتداعـیات السـلبیة لانتشار فیروس كورونا المستجد "كوفـید19".
وھكذا، ستتضرر بعض الأنشطة غیر الفلاحیة، من خلال تعطل سـلاسل التورید التي ستؤثر على فروع الـتصدیر (النسیج، صناعـة السیارات، الإلكترونیات، صناعـة الطائرات، إلـخ)؛ وتراجـع قـطاع السیاحـة والأنشـطة ذات الـصلة (الـفنادق والـمطاعـم، الـنقل الجوي)، وذلك بعد تعلیق الـرحلات الجویة والبحریة؛ و تضرر بعض الـقطاعات المحلیة (النقل، التجارة، إلـخ) من جراء إعلان حالة الطوارئ الصحية.
حسب الاحصائيات الأخيرة، والتي تهم شهر أبريل 2020، مقارنة مع شهر أبريل 2019، فإنها تؤشر على توقف شبه تام لقطاع السياحة وتراجع كل القطاعات التصديرية، لعل أهمها السيارات (96-%) والطيران (80-%). نفس المنحى عرفته تحويلات المغاربة بالخارج (30- في المائة).
كم تتوقعون أن تكون نسبة النمو لھذه السنة؟ وما ھي تـوقعاتكم لنسب البطالة فـي ظل الجائحة؟
جـاءت الأزمة الصحیة التي سـببھا فـیروس كورونا المستجد "كـوفـید19" لتلقي بظلالھا وعـواقـبھا على محیط دولي خیمت علیه في الأساس مجموعة من الشكوك.
وتظل أي محاولـة لـتقدیر الآثار الناتـجة عن ھـذه الأزمة مـحصورة في مقاربات تقریبیة فقط. حـیث تنجـم ھذه الآثار عـن عـدة عـوامل، منھا مدة الأزمة وحجمھا، وفعالیة التدابـیر المتخـذة لمواجھتھا، وكذا قـدرة الدول على تـدبیر الفترة التي تلي ھذه الأزمة. وبذلـك تبقى جمیع نسـب النمو مفتوحة على كل السـیناریوھات. ونفس الشيء ینطبق عـلى معدلات الـبطالة المتوقـعة فـي الأشھر القادمة.
ولا یوجد المغرب بمنأى عـن الاضطرابات الـتي یعرفھا الاقـتصاد العالـمي. فـالاضطرابـات فـي سـلاسـل الإمداد والإنـتاج وإغـلاق الحدود أدت إلى توقـف مجموعة من الـقطاعـات، وأربكت أخرى. وبالتالي، فھناك تطورات قـطاعـیة آخـذة فـي الـظھور، لـكن حجمھا وعمقھا ومداھـا یتغیر بوتيرة مـتسارعـة مـما یـزیـد مـن صعوبـة وتـعقید وضـع سـیناریـوھـات للنمو الـتي ربـما سـتصبح أكثر وضوحا ارتباطا بتطورات الأزمة خلال الفترات المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أنه، منذ بدایة الأزمة، لـم یـعرف الـنشاط الاقـتصادي توقـفا تاما، حـیث مازالـت بـعض الـفروع تزاول أنشـطتھا مثل الصناعة الغدائية وشقها المصدر، مع إمكانـیة الـتدارك الـمتاحـة لـبعض الـقطاعـات بـعد انـتھاء فـترة الحجـر الـصحي. وھـكذا، فـإن مجموعـة مـن الأنشـطة، نـظرا لطبیعتھا الـحیویـة من أجل السیر العادي للحیاة الطبیعیة، لم تعرف أنشطتھا أي توقف.
أین وصل النقاش حول إعداد قانون مالیة معدل؟
بـخصوص الـلجوء إلـى قـانـون مـالـیة مـعدل، لا بد مـن التأكـید على أن عدم وضوح الرؤیـة بخصوص تطور الـوباء فـي الـزمان والمكان وكذا امتداداتـه الاقـتصادیة والاجتماعـیة، وصعوبة الـتكھن بمسار الرفع الـتدریـجي للحجر الصحي والمخاطر المرتبطة به، كلھا عـناصر تجعل من الصعب اتخاذ قرار بشأن سـیناریـو ماكـرواقـتصادي واضـح بھـذا الـشأن، لأن ذلـك یسـتلزم إعـادة الـنظر في الفرضیات الـتي سیتم اعـتمادھـا والـتي یـتوجـب أن تأخذ بعین الاعتبار كل متغیرات الظرفیة الدولیة والوطنیة، على حد سواء.
وكما ھـو واضـح أن الأزمة الصحیة الـناجمة عـن "كوفيد19" بسـبب حجـمھا وعـواقـبھا غـیر المسـبوقة، أسفرت عـن ظرفیة دولیة مضطربة، مع تزاید الشكوك حول عمق تداعـیاتھا على الاقـتصاد العالمي عموما وعـلى الاقـتصاد الـوطـني عـلى الـخصوص. وفـي ھـذا الـصدد، تجري دراسة الـعدید مـن السـیناریـوھـات، مـع تـحیین ورصـد الـتطورات عـلى المسـتوى الـوطـني بـاعـتماد فـرضیتین رئیسـیتین بـشأن تـطور الـطلب الـخارجـي الـموجـه لـلمغرب، عـلى وجـه الـخصوص، مـن طـرف شـركـائنا الـرئیسیین وكذا تـطور الطلب الداخلي.
ویجب الـتمییز بـین السـیناریـوھـات عـلى مسـتویـین، فـي ھـذه الـحالـة؛ الأول فـیما یـتعلق بتدبیر رفع الحجر الصحي وسرعة استئناف القطاعـات الاقـتصادیة لـنشاطھا والتي یمكن أن یتم وفق آفـاق زمنیة مـختلفة. كما یمكن أيضا التمییز بین مسار تطور كل قطاع مقارنة بآخر على مستوى كل سیناریو.
البرلمان منح الحكومة الضوء الأخضر لتجاوز سقف الـدین الخارجـي... مـا ھـو الـسقف الذي تتوقعون أن تصلوا إلیه؟ ألیست لدیكم تخوفات من الاقتراض؟
أود الـتأكید أولا بأن الأمر یـتعلق بـإجراء استثنائـي تملیه الظرفیة غـیر المسبوقـة التي تعیشھا بلادنا، مثلھا مثل سـائر الدول جراء جائحة فـیروس كورونا، والھدف منه ھـو الترخـیص لـتعبئة مـوارد إضـافـیة خـارجـیة مـن جـھة، لأجـل تـوفـیر مسـتوى كـاف مـن الـعملة الـصعبة یمكن اقـتصادنا من الحفاظ على قدرته على تلبیة احتیاجات بلادنا من مواد مستوردة أساسـیة وغذائـیة وطاقـیة، إضافة إلى تغطیة التزاماته الخارجیة وأداء خدمـة الدیـن الخارجـي، ومـن جھة أخرى، الـمساھـمة فـي تـمویـل عجـز الـمیزانـیة إلى جانب الـتمویل الداخلي. كما أن من شـأن التمویلات الخارجیة أن تمكن مـن ضخ سـیولـة إضافـیة بالنظام البنكي الشـيء الذي سیعزز مـن قدرته على تمويل الاقتصاد الوطني.
ولابد ھـنا من توضـیح مـسألة ھـامة، وھي أن تحديد المبالغ الـتي تـتم تـعبئتھا عبر الـلجوء إلى القروض الخارجیة، یرتبط بـتقییم حجم احتیاجات تمویل الخزیـنة لھـذه الـسنة. وبطبیعة الحال، ھذا له ارتباط بتقییم حجم آثار الجائحة على الاقـتصاد الوطـني، وعلى میزانیة الدولة، وكل ھذه المعطیات لھا علاقة مباشرة بمدى تطور جائحة كورونا.
ونحن الـیوم نشتغل على عـدة سـیناریـوھـات، إلا أنه یجب الـتأكید عـلى أن إلغاء سـقف الاقـتراض الخارجي لا یعني الإفراط في تعبئة القروض الخارجیة وذلك لأن الموارد الـخارجیة الـمتاحة لیست متوفـرة بصفة متناھـیة، خـاصـة فـي الظروف الحالـیة، حـیث أن كل الـدول تـتطلع للحصول عـلى نسـبة مـن ھـذه الـموارد. كما أن كل الجھات المقرضـة تضع أسقفا لمقترضـیھا لا یمكن تجاوزھـا وكـذلـك لأن استراتیجیة تدبـیر الدین المتبعة من طرف بلادنا، منذ عـدة سـنوات، تعتبر الموارد الداخـلیة أھم مورد تمویـل بالنسـبة للخزینة في حین أن الموارد الخارجـیة، رغم أھمیتھا، ھي موارد مكملة تدخل في إطار تنویع مصادر التمویل.
ویضاف إلـى كل ذلـك، أن وزارة الاقـتصاد والـمالـیة وإصـلاح الإدارة ستتخذ كافـة الاحتیاطـات، فـیما یـخص تـدبیر المخاطـر المرتـبطة بالدیـن، ولن یـؤثر الرفع مـن سقف القروض الخارجـیة بشكل كبیر على محفظة دین الخزینة والتي لا تتعدى حـصتھا الـحالـیة 20 في المائة مـن مجموع ھذه المحفظة.
اشـتكت العدید من المقاولات من صعوبات في الوصول إلى قروض الضمان "أوكسجین"، فیما دافعتم أنتم عنھا. بماذا تبررون ھذا الموقف؟
لقد ھمت التدابیر التي اتخذتھا لجنة الیقظة الاقـتصادیة لـفائدة المقاولات، تفعیل خط ائتماني إضافي للقروض من طرف صندوق الضمان المركـزي لفائدتھا، خاصة التي تدھـورت خـزیـنتھا بسـبب تـراجـع نـشاطھا، بما فـي ذلك المقاولات العاملة في قطاع العقار. وقد عرفـت ھـذه التدابیر إقبالا كبیرا، سواء من طرف الأشخاص الذاتیین أو من لدن المقاولات.
إلى غایة یوم الجمعة 24 أبریل، بلغت القروض الإضافـیة المضمونة من طرف الدولة، عـبر ضمان أكـسجین، والـذي تـم إحـداثـه لـمسانـدة الـمقاولات الـتي لا یـتعدى رقـم مـعامـلاتـھا 500 مـلیون درھـم 11000 قرض بمبلغ إجمالي یفوق 6 ملاییر درھم ُرفض منھا 245؛ أي حوالي 2,2 في المائة.
ھل تم تجاوز سوء الفھم كما وصفتموه بین المقاولات والأبناك؟
أود الإشارة، في البدایة، إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجموعة المھنیة للأبناك بـالمغرب یعتبران طرفـان فـاعلان في لجنة الیقظة الاقتصادیة التي تـم إحداثھا بھدف اتخاذ التدابیر الملائـمة لدعـم المقاولات والأسر في وضعیة ھـشاشة وتمكینھا من مواجھة الظروف الصعبة الناتجة عن الحجر الصحي.
ومنذ إحـداثھا، تـعقد لجنة الیقظة الاقـتصادیة اجتماعات أسبوعیة، وتلعب دورا محوریا للتشاور مـع جمیع الـفاعـلین والمعنیین بإدارة الأزمة. فبالإضافة إلى تحدید التدابیر اللازمة للتخفیف من آثار الأزمة والحمایـة الفوریة للمقاولات والمواطـنین، یولي أعـضاء لجنة اليقظة الاقـتصادیة أھـمیة قـصوى لـجودة ھـذه الـتدابـیر ومـراقـبة تـنفیذھا حتى یستفید منھا جمیع المعنیین في أحسن الـظروف. ولتدارك أي اختلال أو إكـراه أو ارتـباك مـحتمل، تـم إجراء تعدیلات لاحقة، خصوصا فی ما یتعلق بالاستحقاق وتأطیر شروط الاستفادة.
ولا یفوتني بھذه الـمناسـبة أن أنوه بالمجھودات وبروح التشاور والعمل الجماعـي الھادف السائـدة بـین مـختلف الـفاعـلین، وخاصة القطاعات الوزاریـة المعنیة، والقطاع المالـي، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وفيدرالية الغرف التجارية والصناعية والخدمات وفيدرالية غرف الصناعة التقليدية، وصندوق الضمان المركزي، والصندوق الوطني للضمان الاجـتماعي، من أجل الـتجاوب والتعاطـي بكل مسؤولـیة مع ما تملیه ھـذه الـظرفیة الـصعبة واتـخاذ مـا یلزم من الـتدابیر لمواجھة آثار ھذه الأزمة، من أجل إنجاحھا تفعیلا للتوجـیھات الملكیة السامیة بھذا الخصوص.
كیف تراقبون المقاولات التي تستفید من الدعم والقروض؟
مـن أجـل تـنظیم ومـراقـبة المساعدات المالـیة الممنوحـة للمقاولات وأجرائـھا، تـم خـلال المجـلس الـحكومـي الـمنعقد فـي 9 أبـریـل 2020، الموافقة عـلى القانـون رقـم 25.20. ومـن بـین أھم ما جـاء به ھذا القانـون، خضوع عـملیات منح المساعـدات من قـبل الصندوق الوطـني للضمان الاجتماعي للمراقـبة المالـیة من قـبل الھـیئات المختصة، وذلـك وفـقا لـلنصوص التشـریـعیة والـتنظیمیة الـجاري بھا العمل، خصوصا مـن طرف المفتشیة العامة للمالـیة والمدیـریـة العامة للضرائب. وقد تم نشر المرسوم رقم 2.20.331 بتنفیذ ھذا القانون في 27 أبریل 2020.
فضلا عـن ذلك، أحـدثت لـجنة الـیقظة الاقـتصادیة لجنة مكلفة بـالـبت فـي مـلفات الـمقاولات الـتي أعـلنت عـن تـوقـف أكـثر مـن 500 أجـیر عـن الـعمل بـشكل مـؤقـت أو تلك الـتي سجلت انـخفاضا فـي رقـم مـعامـلاتـھا یـتراوح مـا بـین 25 في المائة و50 في المائة. وتـجتمع ھـذه الـلجنة، الـتي تـتكون مـن مـمثلین عـن وزارة الاقـتصاد والـمالـیة والـشغل والـقطاعـات الـمعنیة والاتحاد العام لمقاولات الـمغرب، كـل یـوم فـي الـساعـة الـثانـیة بـعد الـزوال، بـما فـي ذلـك أیـام نـھایـة الأسـبوع، وذلـك للبت فـي الملفات الـموضوعـة خلال الیوم السابـق عـلى مستوى البوابة الإلكترونـیة للصندوق الوطـني للضمان الاجتماعي المخصصة لھذا الغرض.
ما ھي نتائج دعوتكم إلى أداء مستحقات المقاولات لضمان استمرار مناصب الشغل؟
علاوة عـلى الدعـم الموجـه إلـى مأجـوري بـعض الـمقاولات، اتخـذت الـحكومـة تـدابـیر أخـرى لـفائـدة المقاولات ھمت، على الخصوص، العمل عـلى تسـریـع وتـیرة أداء مسـتحقات المقاولات مـن أجل تـخفیف الـضغط على خزینتھا.
وفي ھـذا الصدد، تم تـوجـیه مـنشور وزاري لـحث الـقطاعـات الوزاریة والمؤسـسات والمقاولات العمومـیة على اتخاذ ما یلزم من إجراءات لتسریع صرف مستحقات المقاولات. وتـم التشدید على ضرورة الحزم في تفعیل مضامین ھذا المنشور وعـلى أن ھـذا التسریع یـجب أن یھم، خاصة المقاولات الصغیرة جدا والصغرى والمتوسطة، وتمكینھا من الوفـاء بالتزاماتھا المالـیة والحفاظ عـلى مناصب الشغل، وبالتالي التخفیف من التداعـیات الاجتماعـیة لجائـحة فـیروس "كورونا" عـلى الاقـتصاد الوطـني، لأن أي تأخـیر قـد یؤدي إلى الإفلاس، وبالتالي فقدان العدید من مناصب الشغل.
كما تمت دعـوة كافـة مـسؤولي القطاعـات الوزاریـة والمؤسـسات العمومـیة لإعـطاء تعلیمات للمصالـح المختصة قـصد الحـرص عـلى الوفاء بالالـتزامات المالية تجاه جـمیع الشركاء والموردین للطلبیات العمومیة، من مقاولات ومكاتب دراسات ومراقبة ومكاتب مھندسین.
كم صرف من صندوق مواجھة جائحة "كورونا"؟ بالنظر إلى حجم المصارف، ألا تعتقدون أن ھناك حاجة إلى دعوة جدیدة من أجل الإسھام في الصندوق؟
حرصا مـن جلالة الملك عـلى تـوفـیر الإمكانـیات المالـیة الضروریة لمواجـھة ھذه الأزمـة عـلى المسـتوى الـصحي والحـد مـن آثـارھـا عـلى الـمقاولـة الـوطـنیة وعـلى الـقدرة الشـرائـیة لأرباب الأسـر المغربـیة الذیـن توقـفوا عـن العمل بفعل ھـذه الأزمـة، أعـطى جـلالـته تـعلیماتـه الـسامـیة بـإحـداث صـندوق خـاص لـتدبـیر ومـواجـھة جـائـحة فـیروس "كورونا". وقـد حظي ھـذا الصندوق الـذي ُخـصصت لـ10 مـلایـیر درھـم مـن المیزانـیة العامـة للدولـة وسـاھـمت فـیھا الـجھات بـ1,5 مـلیار درھـم، بـانخـراط كـبیر لـكل فـئات وشـرائـح المجتمع المغربـي سـواء تعلق الأمر بالفاعلین المؤسساتیین أو القطاع الخاص أو المواطنین.
وقـد بـلغ مجـموع مـوارد ھذا الصندوق، إلـى حدود یوم الجمعة 24 أبریل، مـا مجـموعـه 32.4 ملیار درھـم، تـغطي إلـى حـد الـساعـة مجـموع نـفقاتـه الـتي بـلغت مـا مجـموعـه 7,2 ملیار درھـم، خُصصت مــنھا ملياري درھم لوزارة الــصحة لاقـتناء المعدات والمستلزمات الطبیة الضروریة لمواجـھة الجائحة. كما مكن ھـذا الصندوق مـن تـقدیـم الدعـم الـلازم للمقاولات لامـتصاص الصدمـات السـلبیة الـتي سـبّبھا ھـذا الـوبـاء، وكـذا لـفائـدة الأجـراء الـذي یـفوق عـددھـم 800.000 أجـیر ومسـتخدم مـتوقـف مـؤقـتاً عـن الـعمل. ویُتوقـع أن یـصرف الـصندوق الـخاص بتدبیر جائحة "كورونا" حوالي ملياري درھم شھریاً.
ھذا بـالإضافـة إلى دعـم أربـاب الأسـر التي تشـتغل فـي القطاع غـیر المھـیكل والمتضرریـن مـن تـداعـیات الحجـر الـصحي الـمطبق، بـتعویـض یتراوح بـین 800 درھـم و1200 درھـم وذلـك حسـب عـدد أفـراد الأسـرة. وقـد مـكنت ھـذه الـعملیة مـن اسـتفادة 4 مـلايين و300 ألـف أسـرة تعمل في القطاع غیر المھیكل من دعم ھذا الصندوق.
قـطاعـات عـدیـدة خـرجـت تشـتكي مـن عـدم الالـتفات إلـیھا فـي ظـل الأزمة: أصـحاب الـمقاھـي والمطاعم، قطاع الإعلام، التعلیم الخاص. كیف تمت معالجة ھذا الأمر؟
فــي إطار وضع خطة مــتكاملة ومتناسقة لإنعاش الاقتصاد، أطلقت لجنة الیقظة الاقـتصادية مجموعـات عـمل قـطاعـیة مـسؤولة عـن تنسـیق الاسـتجابـات الـقطاعـیة الـتي سـیتم إعـدادھـا وفـق إطـار مـوحـد، مـع ضـمان تأطـیر وإشـراف قـبلي مـن لـدن الـوزارة المشرفة. وتتمثل المھمة الـرئیسـیة لمجموعـات العمل ھـاتـه فـي اقـتراح مجـموعـة مـن الـتدابـیر الـقطاعـیة، تـراعـي خـصوصـیات كـل قـطاع وطـبیعة الـمقاولات الـمعنیة. كـما ستعمل ھذه المجـموعـات عـلى وضـع نـظام یـقظة قـطاعـي عـلى المسـتوى الـوطـني والـدولـي، وتھـیئ الـفاعـلین الـقطاعـیین لـلتدابـیر الــصحیة فــي أفــق رفــع الحجــر الــصحي. ویــنبغي أیــضا أن تقترح كذلك مخططا لحمایة المقاولات العمومـیة العاملة فـي كـل قـطاع مـن الـقطاعـات الـمعنیة ومخـططا قـطاعـیا لـتحفیز الـطلب. ویـجب أن تسـلط الـضوء عـلى الاسـتثمارات الاستراتیجیة الـتي یـجب تسریعھا، مع تحدیـد تـأثـیراتها المحتملة عـلى میزان الأداءات. كما أنھا مدعوة للشروع في التفكیر في ظروف اندماج المغرب في المشھد العالمي لما بعد "كوفید19".
ويعتبر قطاع التجارة والخدمـات واحـدا مـن القطاعـات المعنیة بإعـداد تصور قطاعـي شـامل ومندمـج یأخـذ بـعین الاعـتبار خصوصیات ھذا القطاع ویقدم حلولا ناجعة من شأنھا النھوض بالقطاع في اتجاه تحقیق نمو قوي ومستدام.
ھـناك الـیوم حـیرة عـند أصـحاب الـقرار فـي الـعالـم تـجاه الاسـتمرار فـي الحجـر والـطوارئ لـمحاصـرة الـجائـحة، لـكن الـثمن الاقـتصادي لذلك یـرتفع بـشكل رھـیب. ھـل لـدیـكم نـفس الھواجس؟
فـي ظـل الـتنامـي المسـتمر لـتأثـیرات انـتشار الـفیروس عـلى اقـتصاديات دول الـعالـم، وعـلى غـرار كـل اقـتصادیـات الـعالـم، سـتتأثـر الآفـاق الاقـتصادیـة لـلمغرب بـالـتداعـیات السـلبیة لانـتشار فـیروس كـورونـا المسـتجد "كـوفـید19". ویـصعب الـتكھن فـي ھـذه الـمرحـلة بـالـتطورات المسـتقبلیة لامـتدادات الأزمة الـتي تعصف باقـتصادیـات الـعالـم، بـغض الـنظر عـن مسـتوى تـقدمـھا، فـي غـیاب رؤیـة واضحة والـبعد الـزمـني الـذي تسـتلزمـه ھـذه الـظرفـیة لاسـتعادة ھـذه الاقـتصادیـات عـافـیتھا، مـما یـغذي الـشكوك حـول تـكلفة الخـروج مـن ھذه الأزمـة الـتي تـظل عـالـمیة ولاتـقتصر تـباعـاتـھا عـلى اقـتصاد دون آخـر، غـیر أن الأمـر یـتوقـف عـلى مـدى فـعالـیة الـتدابـیر وتـوقـیتھا والـتي اتخـذھـا كل بلد لمواجھة ھذه الجائحة.
ھـل أعـددتم خـطة لإعـادة تـدویر الاقتصاد؟ ومتى تتوقعون أن تبدأ؟ وماھـي الإمكانیات المالیة التي ستتطلبھا؟
إدراكـا منھا بأھـمیة الإجـراءات الاسـتباقـیة لما بعد الأزمة، تعمل الحكومة، تحت الـقیادة الـرشـیدة لصاحب الجلالـة، على وضـع خـطة طـموحة لإنعاش الاقـتصاد الـوطـني. وسـوف تـشكل ھـذه الخـطة رافـعة مـھمة مـن أجـل تسـریـع اسـتئناف الـنشاط الاقـتصادي الـوطـني وتـعزیـز قـدرتـه على استشراف معالم ما بعد أزمة "كورونا" التي تلوح في الأفق. وتـعتبر المقاربـة المعتمدة لـبلورة ھـذه الخـطة شـاـلة ومـتكاملة، تـعتمد عـلى آلـیات أفقیة تراعـي خصوصیات كل قطاع على حدة، كما وردت في المخططات القطاعیة.
وسـیكون مـن بـین التحدیات الـرئیسـیة، في ھذا الـصدد، الـتفكیر فـي آلیات الـتمویل الـتي سـیتم تـعبئتھا لـضمان تـوفـیر الـرسامیل الـلازمـة رھـن إشـارة الـمقاولات الـكبرى والـمقاولات الـصغرى والمتوسطة من أجل استئناف أنشطتھا، وكذا في إمكانیة الدولة لضمان ھذه الآلیات.
كـما یسـتوجـب الأمـر أیـضا الـتفكیر فـي كـیفیة اسـتخدام الـطلبیات الـعمومـیة كـوسـیلة لإنـعاش الاقـتصاد الـوطـني، وذلـك مـن خـلال مـراجـعة أسـالـیبھا وأولـویـاتـھا، مـن أجـل دعـم الإنـتاج والاستھلاك المحلیین.
وھـناك تـوجـه آخـر، تـم إقـراره خـلال آخـر اجـتماع لـلجنة الـیقظة الاقـتصادیـة، وھـو ضـرورة الاسـتفادة مـن الأزمـة لحل بعض الإشـكالیات الھـیكلیة الـتي كـشفت عـنھا ھـذه الأزمة، كـإشـكالـات الـقطاع غـیر المھـیكل والحمایـة الاجـتماعـیة، وذلـك مـن خـلال الاسـتفادة مـن التجـربة الـناجـحة لـنظام الـتعویضات الـمالـیة الـممنوحـة مـن طـرف الـصندوق الـخاص بـتدبـیر جـائـحة فـیروس "كورونا". كـما یـتوجـب أیـضاً عـلى الـمغرب أن یسـتعد لـعالـم مـا بـعد "كوفيد19"، من خـلال زیـادة حجـم الاسـتثمار فـي الـقطاعـات الاسـتراتـیجیة الـواعـدة، مـن قـبیل الـصحة والـتعلیم والـطاقـة الـخضراء والـرقـمنة. أمـا عـلى المسـتوى الـدولـي، فسـیتحتم تھـیئ الـمغرب لـلتكیف مـع الـتشكیل الجـدیـد لسـلاسـل الـقیمة الـعالـمیة، مـن خـلال جـذب اسـتثمارات دولـیة، عـلى نـطاق واسـع، والتي ھي في صدد البحث عن مراكز إنتاج جدیدة بالقرب من الأسواق الأوروبیة.