يتحدث أحمد رضا بنشمسي، مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في هذا الحوار المقتضب مع "تيلكيل عربي" عن قضية متابعة الصحافي عمر الراضي، الذي قررت المحكمة مؤخراً متابعته في حالة سراح بتهمة "إهانة أحد رجال القضاء" في تدوينة نشرها على موقع "تويتر".
بنشمسي وأمام المحكمة الابتدائية لعين السبع، حيث كانت تعقد الخميس 2 دجنبر 2019، ثاني جلسة لمحاكمة عمر الراضي، شدد على أن هناك تحولاً في سلوك الدولة تجاه المعارضين، وكيف أصبحت تتابعهم على آراء ينشرونها في مواقع التواصل الاجتماعي.
*ما هو تعليقك، من موقعك داخل منظمة "هيومن رايتس ووتش"، على محاكمة الصحافي عمر الراضي، بسبب تدوينة على موقع "تويتر"؟ وهل تلمسون، كما يقول المعارضون ذلك، توجهاً عند الدولة المغربية لـ"خنق" حرية التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي؟
هذا التحول مقلق جداً. في السنوات الأخيرة، كانت هناك متابعات لصحافيين ونشطاء تجد لهم الدولة مبررات لمتابعتهم بعيداً عن آرائهم ومواقفهم السياسية، ونجد آخر مثال على ذلك متابعة الصحافية هاجر الريسوني في ملف بعيد عن حقيقة عمق المشكل الذي لدى السلطة معها.
نفس الأمر وقع مع الصحافي حميد المهداوي وغيره، لكن في الشهور الأخيرة بدأنا نلمس بشكل جلي أن المتابعات أصبحت بشكل مباشر وصريح بسبب التعبير عن الرأي، ودون الحاجة لتهم أخرى.
اليوم السلطة تتجه بشكل مباشر لمحاسبة الناس على مواقفهم وتعبيراتهم وتحاكمهم لأنهم ينطقون بمواقف مختلفة. اليوم هناك عدد من الاستدعاءات للتحقيق والمحاكمات في كل من الدار البيضاء ومكناس وخنيفرة وبني ملال، والسبب دائماً تدوينات تم خلالها التعبير عن الرأي فقط.
المحاكمات الملتوية مرفوضة طبعاً، لكن الاستهداف المباشر بسبب الآراء نرفضه بشدة أيضاً.
*الحقوقيون يرون أن المغرب لم يعد يأخذ بعين الاعتبار رأي المنتظم الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان وحرية التعبير. ما مدى صحة هذا الرأي؟
كان من الممكن أن أؤكد ما طرحته هنا، لكن التراجع الذي وقع في قضية الصحافي عمر الراضي، وقرار متابعته في حالة سراح تأكيد على أهمية الضغط الدولي.
*هناك من يعتبر قضية عمر الراضي استثناء فقط، وكل المتابعات في مثل هذه القضايا تمت أو تتم في حالة اعتقال...
أنا أفضل رؤية نصف الكأس الممتلئ، ويجب أن نعزز إبراز الأمثلة الإيجابية وليس العكس، وأن نعطي للضغط الدولي قيمته وندفع بالعودة إلى التقارير الدولية الصادرة من المنظمات الحقوقية، والاحتكام إليها في القضايا حقوق الإنسان والدفاع عن حرية التعبير.
التقارير الدولية والدعم الدولي تدفع المسؤولين المغاربة لكي يعرفوا أن هناك متابعة مستمرة لما يقع في المغرب، وأن هناك تنديد.
*عدد من الأصوات أصبحت تتحدث عن ما يوصف بـ"الانتقام" من المخالفين لسياسات الدولة. ما صحت ذلك انطلاقا من اشتغالكم عن قرب على مجموعة من الملفات الحقوقية؟
أنا ممثل منظمة حقوقية، ولذلك نمتنع عن الخوض في التحاليل والتصنيفات السياسية، نحن نبحث دائما هل هناك خروقات لحقوق الإنسان وحرية التعبير أم لا، مهما كانت الجهة التي صدر عنها ذلك.
وإن أردنا الدخول في هذه المتاهة يصعب جداً ضبط مسار تنزيل القرارات القضائية أو الأمنية، مهمتنا التنديد وصياغة التقارير والمرافعة إن كانت هناك خروقات.
لكن هذا لا يمنع من التذكير بأنه من أهم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي أقبرت، هي أن الأجهزة الأمنية والقضائية يجب أن تدون الأوامر التي تتوصل بها في محاضر، وبموجب الحق في الحصول على المعلومة من حق المواطنين أو الجهات المعنية بها، المطالبة بالكشف عن من اتخذ هذه القرارت أو بلغ باتخاذها. لو تم تطبيق هذا الأمر سوف نطالب بالمحاسبة وليس العدالة فقط.
عمر الراضي اليوم وبعد استئناف قرار محاكمته في حالة اعتقال، ملفه لم ينته بعد، ويبدو أن هناك اختلاف في التقدير، لكن لا نعرف من أوصلنا إلى هذا الوضع.
*أصوات كثيرة تتهمكم بالانتقائية في الضغط وإطلاق الحملات الدولية للتضامن مع معتقلي الرأي؟
هذه مؤاخذة ظالمة إلى حد ما تجاه المنظمات الحقوقية الدولية ومن بينها "هيومن رايتس ووتش". هناك من يعتقد أن المنظمات الحقوقية لها موارد بشرية هائلة ومالية كذلك.
نحن لا نملك الإمكانيات لتتبع كل الحالات، ومع ذلك نشير إليها ونتحدث عنها. أنا مثلا أشتغل في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، في مصر وحدها الاعتقالات بعشرات الآلاف.
أحياناً نختار حالات لها رمزيتها لنفضح كل الانتهاكات الأخرى.