عادل أيت واعزيز - متدرب
أكد الفيلسوف عبد السلام بنعبد العالي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "الإغريق لم يكونوا يأبهون إلا بلغتهم مفتخرين بأحاديتها، معتبرين الآخر بربرا يتحدث لغة غير مفهومة، وبالتالي استحالة النقل منهم".
وأضاف الدكتور عبد السلام بنعبد العالي، في الدرس الجامعي الافتتاحي تحت عنوان "الترجمة والتأويل" أمس الخميس، كلية الآداب والعلوم الانسانية مراكش، أن "اليونان لم يطورا أي نظرية عن الترجمة، بالخصوص مع أفلاطون وأرسطو، وبخلاف وضعية قدماء العرب الذين جعلوا عملية الترجمة تتم من جانب واحد ينطلق من اللغات؛ الفارسية واليونانية".
وأوضح أن "الحركات الإصلاحية الدينية خلال القرن التاسع عشر مع البروتستانت والكاثوليك، كان الشغل الشاغل لهم بالدرجة الأولى الإهتمام بفعل الترجمة لجعل النص المقدس مفهوما لدى الشخص العادي، وإيمانهم أن إحياء التراث لا ينفصل عن الترجمة".
وشدد على أن "قوة اللغة لا تقاس بعدد المتكلمين بها، إنما قوتها تكمن في عدد المترجمين لها".
ونبه الأستاذ بنعبد العالي إلى أن "نظريات الترجمة تأتي في سياقات عديدة مع مختلف الوظائف والمعاني، أهمها، نقل المعنى وتبسيطه، ثم العمل على إحداث تفاعل في الثقافة واستنبات حياة، وضخ دماء جديدة، موازاة مع وظيفة زحزحة اللغة والمس بمقدساتها".
ولمح الدكتور أن "هذا الاستنبات شكل بوابة لإظفاء الطابع الألماني على الترجمة، وبلورة نظريات جديدة، يرصدها مع كل من فريدريك شلايمخر وغوته، خلال 19، اللذان اعتبرا الترجمة ضرورة داخلية مهمة ملقاة على عاتقهم، وكدرجة عليا للثقافة بتملك شامل للعصور القديمة ولكل ما هو أجنبي".
وأبرز أنها "اتخذت مع الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر نقلا فكريا باللغة الأخرى لاستنبات سياق آخر، وعلامة لتخطي الحدود، وجسر يربط بين ضفتين".
وفي هذا الإستعراض، وقّف بنعبد العالي على إضافات غادامير في الترجمة والتأويل، كوثبة تقفز عبر هوة ليس المطلوب فيه العثور على لفظ نموذج للتأويل، بل لنقد المعنى الأصلي للنص في أفق لغوي جديد".
يتابع كلامه، في سياق حديثه عن صاحب كتاب " الحقيقة والمنهج"، أن "مهمة الترجمة تكمن في اختراق الهوة التي تفصل اللغة فيما بينها، فكل ترجمة تتطلب فهما يمكننا شرحه وتأويله، وهو مجسد سلفا في قلب ما يفهم".
وفي خضم هذا الدرس، لم يغفل الأستاذ بنعبد العالي طرحه لإشكاليات وأسئلة على الموضوع ، حول تعدد النصوص المترجمة في كل عصر، ليؤكد أن كل ترجمة تتقدم على أخرى، وكل عصر مع مفاهيمه يتغيران - كتبادل لا متكافئ يتم في عالم التدرج والإختلاف".
وحضر الدرس، رئيس شعبة الفلسفة، محمد البوغالي، ورئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الأستاذ بنفس الجامعة مصطفى لعريصة ، إلى جانب مجموعة من الأساتذة الجامعيين والطلبة.
وقد ألقى عميد جامعة القاضي عياض للآداب والعلوم الإنسانية الأستاذ عبد الرحيم بنعلي، الكلمة الترحيبية بالفيلسوف الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي القادم من جامعة محمد الخامس بالرباط.