أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، بمراكش، أن اجتماع التحالف الدولي ضد "داعش" كان ناجحا بكل المقاييس.
وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية في ختام أشغال هذا الاجتماع الوزاري، المنظم بمراكش، بدعوة مشتركة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وكاتب الدولة الأمريكي، أنطوني بلينكين، أن هذا النجاح يتجلى من خلال الحضور الوازن لأعضاء التحالف؛ حيث "لبت 79 دولة دعوتنا، بما في ذلك 19 من إفريقيا و8 من آسيا و9 وفود من العالم العربي".
وأشار الوزير إلى أن هذا الحدث الدولي تميز بحضور 47 وزيرا، من بينهم 38 وزير خارجية، شاركوا كلهم بشكل شخصي وفاعل في المناقشات، مبرزا أن أزيد من من 400 مشارك ساهموا في إنجاح أشغال هذا المؤتمر.
علاوة على ذلك، يضيف بوريطة، فقد شهد اجتماع مراكش انضمام جمهورية البنين كعضو جديد في الائتلاف، لتكون بذلك العضو الـ85 للتحالف.
كما شدد الوزير على أن هذه العوامل ليست السبب الوحيد الكامن وراء هذا النجاح، مبرزا أن ذلك يتمثل في ثلاثة محاور أساسية؛ أولها يتمثل في أن إفريقيا، بقضاياها المختلفة، "تشكل أولوية في رؤية الملك محمد السادس؛ حيث يضع قضايا القارة، بما فيها قضايا الأمن والتنمية ومكافحة الإرهاب، في صميم السياسة الخارجية للمملكة".
وأضاف أن العامل الثاني يكمن في "نجاح المغرب في بلورة إجابات وطنية فاعلة ومتفردة في تعامله مع الظاهرة الإرهابية؛ وهو ما يعطيه مصداقية على المستوى الدولي، ويجعل تجربته الوطنية مصدر إلهام للعديد من الدول الصديقة والشريكة، خاصة في القارة الإفريقية".
أما العامل الثالث، يوضح بوريطة، فيتعلق بـ"قناعة المغرب العميقة وإيمانه القوي بأن مكافحة الإرهاب تتطلب جهدا جماعيا شموليا ومنسقا، يعالج مختلف أوجه هذه الظاهرة، في إطار مقاربة منبنية على التعاون والتنسيق الدوليين".
وأعرب الوزير عن سعادته لأن اجتماع مراكش للتحالف الدولي لهزيمة "داعش" عكس هذه المحاور الثلاثة النابعة من الرؤية الملكية؛ حيث تم التركيز بقوة على الوضع في إفريقيا، لافتا إلى أن "هذا التركيز كان ضروريا لأن القارة أصبحت هدفا رئيسيا للإرهاب".
وذكر، في هذا السياق، بأنه يوجد 27 كيانا إرهابيا متمركزا في إفريقيا على قائمة عقوبات مجلس الأمن للأمم المتحدة، باعتبارها جماعات إرهابية، وأن إفريقيا جنوب الصحراء سجلت 48 في المائة من الوفيات بسبب الإرهاب العالمي، سنة 2021؛ حيث وصل عدد الضحايا إلى 3.461 ضحية.
كما أشار إلى أن مجموع القتلى بلغ 30 ألف شخصا في هجمات إرهابية في المنطقة، على مدى الخمسة عشر عاما الماضية، ونزح أكثر من 1.4 مليون شخص داخليا في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، بسبب المواجهات المستمرة، لافتا إلى أنه "لاحظنا تطور التكتيكات الإرهابية من خلال زيادة استخدام الطائرات بدون طيار لأغراض كل من الاستطلاع والهجوم، وكذلك استخدام التكنولوجيات الجديدة للقيام بعمليات التمويل؛ مثل استعمال العملات المشفرة".
وبخصوص تأثير الإرهاب على التنمية، سجل المسؤول الحكومي أن الأثر الاقتصادي للإرهاب على القارة بلغ خلال العقد الماضي، 171 مليار دولار أمريكي؛ مما كان له تأثير مباشر على الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول الإفريقية.
ومضى بقوله: "هذا ما يعني أن تركيز التحالف على مواجهة التهديد الإرهابي جاء في الوقت المناسب أكثر من أي وقت مضى".
وفي سياق متصل أعرب عن سعادته لكون الاجتماع الوزاري قد أعرب عن تضامنه مع الدول الإفريقية، وأعاد التأكيد على العزم الجماعي على مواجهة التهديد المتطور لتنظيم "داعش" في إفريقيا.
كما سجل بارتياح الدعم الوزاري لنتائج مجموعة التركيز المخصصة لإفريقيا، التي عقدت اجتماعها العام الأول هنا في مراكش، قبل يومين، تحت الرئاسة المشتركة للمغرب والولايات المتحدة والنيجر وإيطاليا.
من جهة أخرى، شدد بوريطة على أن الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي شكل فرصة فريدة للتفكير معا في تطور التهديد الذي يشكله "داعش" في مناطق أخرى من العالم، لا سيما ما يسمى داعش خراسان.
وأشار إلى أن مناقشات الاجتماع الوزاري ركزت على استمرار العزم والالتزام بتأمين مكاسب التحالف ضد "داعش" في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال جهود تحقيق الاستقرار، والتأكيد على معالجة التهديد العالمي للتنظيم، من خلال تنسيق كلي وشامل للجهود يمثل سمة مميزة للتحالف.
كما أبرزت هذه المناقشات أهمية الجهود التي يقودها المدنيون، باعتبارها حجر الزاوية للموجة التالية من حملة إلحاق الهزيمة بالتنظيم الإرهابي، والالتزام القوي بمراعاة تطور التهديد الذي يشكله التنظيم في أجزاء أخرى من العالم، لاسيما في إفريقيا.
ومضى الوزير بقوله: "أقررنا بأن أي حل دائم لوقف انتشار داعش في إفريقيا سيعتمد على السلطات الوطنية، وكذلك الجهود والمبادرات دون الإقليمية والإقليمية في القارة، وأن التحالف سيظل مدفوعا بجهود المدنيين من خلال ومع وأعضائه الأفارقة، تماشيا مع مبدأ التملك، وبما يتناسب والاحتياجات الخاصة للدول الإفريقية".
وسجل أيضا أن المشاركين أعربوا عن الالتزام القوي بمراعاة تطور التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" في أجزاء أخرى من العالم، وخاصة في إفريقيا، وأقروا بأن أي حل دائم لوقف انتشاره في إفريقيا سيعتمد على السلطات الوطنية، وكذلك الجهود والمبادرات دون الإقليمية والإقليمية في القارة.
علاوة على ذلك، جددوا التزامهم على المستوى العالمي تجاه الناجين وأسر ضحايا "داعش"، من خلال محاسبة قادة ومرتكبي هذه المجموعة والجماعات التابعة لها.
وحذر بوريطة من أنه "رغم هذا التصميم القوي، لم نهزم بشكل كامل داعش وخطرها في جميع أنحاء العالم، وبحاجة إلى أن نظل يقظين ومتحدين - ونحن بالتأكيد كذلك. نحن بحاجة إلى استباق التهديد الذي يشكله الإرهابيون، وتكييف استجاباتنا مع تطور هذا التهديد".
وفي ختام كلمته، جدد بوريطة شكره للولايات المتحدة الأمريكية على قيادتها، وأعرب عن الامتنان لكل الأعضاء والمراقبين في التحالف الدولي على الثقة التي وضعوها في المغرب لاستضافة هذا الاجتماع الهام وتنظيمه.