أرجع أحمد بيوض، المستشار في مجال الاستهلاك، الارتفاع الكبير لأسعار المواد الاستهلاكية، منذ إصدار قانون مالية 2020، إلى "التوجه الرأسمالي للأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة الحالية، والتي لا تبحث عن شيء سوى الربح".
وأوضح بيوض في تصريح لموقع "تيلكيل عربي" أنّ "إعلان رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن الأحزاب المشكلة للحكومة، كان مؤشرا مهما عما سيحصل فيما بعد. وكأنما قال للموردين افعلوا ما شئتم. فما كان منهم إلا أن طبقوا ذلك بالحرف. طلقوا إيديهم ورجليهم فالأسعار، واستغلوا الأوضاع الراهنة. في بادئ الأمر، كانت هناك زيادات خفيفة، لتليها بعد ذلك، زيادات مرتفعة. بعبارة أكثر وضوحا، ما حصل هو أن خطط الموردين انبثقت من نوعية الأحزاب المشكلة للحكومة".
وتابع: "في العرف السياسي العالمي، أي حكومة في أيامها الـ100 الأولى، تحاول أن تمرر الأمور الأكثر أهمية، حتى تبرهن للمواطنين أنها تعمل لمصلحتهم. لكن ماذا فعلت حكومتنا؟ أولا؛ قامت بزيادة أسعار كل المواد الاستهلاكية بدون استثناء. ثانيا؛ خفضت الضريبة على الأرباح، من 28 في المائة إلى 25 في المائة، وهو الأمر الذي سرّعته، الشيء الذي لم يلحظه كثيرون. وثالثا؛ لم ترفع من الأجور والحد الأدنى للأجر. ببساطة، لم تف بوعودها الانتخابية".
واعتبر بيوض أنه "لا يمكننا الحديث عن إنتاج وطني للحبوب، بسبب قلة الأمطار التي عرفتها البلاد؛ ما يعني أن الأمور ستكون كارثية، وهو الأمر الذي يقابَل بعدم وجود سياسة واضحة بهذا الخصوص، بالإضافة إلى قوانين حماية المستهلك التي يضرب بها عرض الحائط".
وأضاف: "المستهلك العادي غيبقى ياكل العصا، خاصة في ظل الوضعية العالمية. الأسعار ستستمر في الارتفاع، والكل سيختبئ وراء حائط أسعار النفط العالمية التي تجاوزت 90 دولارا للبرميل، وأسعار النقل التي سترتفع هي الأخرى بشكل غير عقلاني، في محاولة لاستدراك الخسائر التي تكبدتها شركات النقل بسبب الأزمة الوبائية".
وأوضح: "بالنسبة للمغرب، أغلب المواد الاستهلاكية مستوردة؛ كالحبوب، والبترول، وزيت المائدة، والقطاني، والسكر، والشاي؛ إذ أننا لا نتوفر على اكتفاء ذاتي فيها. أما عما ينتجه المغرب، فلا شيء تقريبا مقارنة بكل ما سبق. قد يكون هناك محصول من الذرة إذا تساقطت بعض الأمطار في الفترة القليلة اللاحقة. ماذا سيتبقى لنا؟ الخضر، فلتلقوا نظرة على أثمنتها المرتفعة جدا".
وتابع: "وحتى إذا كان هناك إنتاج وطني، فهذا لن يعني انخفاض الأسعار، لأن المغرب بلد المقاولة الحرة، والموردون لا يأخذون من القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، سوى مادة يتيمة هي حرية الأسعار، فيما لا يطبقون بقية المواد".
وانتقل بيوض إلى الصعيد العالمي؛ حيث تطرق إلى النقص الكبير في محاصيل الحبوب، سواء تعلق الأمر بكندا، أو بأمريكا، أو بأوروبا، وهو ما جعل أثمنتها ترتفع ببورصة لندن بـ10 فالمائة، لتصبح الزيادة 20 أو 30 في المائة في المغرب.
وتابع: "الزيادة في الأسعار باتت ككرة الثلج، تكبر خلال تدحرجها من بلد إلى بلد، وهو ما يستغله المصدرون العالميون المعروفون في مجالي الحبوب والبترول. وبالحديث عن البترول، وحتى مبرر ارتفاع ثمنه، هو مبرر واه، لأنها ليست المرة الأولى التي يصل فيها ثمن البرميل الواحد إلى 90 دولار. راه واحد الوقت وصل لـ100، وما كانت لا أزمة كورونا لا والو، ومع ذلك، لم يكن هناك هذا التأثير الذي نراه الآن، بمعنى أن الرأسماليين يستبقون ما سيحصل، برفعهم للأسعار".
وختم بيوض تصريحه لـ"تيلكيل عربي" بالتشديد على أن "الحل الوحيد متمثل في وضع حد أدنى معقول للأجور، بالإضافة إلى تطبيق القوانين لحماية المستهلك بشكل كامل، فضلا عن مراقبة الأسعار، والخروج من الاقتصاد غير المهيكل".