قضت المحكمة الدستورية بنشر النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بشرط بفصل عبارة "الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017" الواردة بالفقرة الثانية من المادة 67 لأنها غير مطابقة للدستور، عن باقي مواد النظام الداخلي.
وأوردت أنه "يجوز بالتالي تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 27 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية نشر هذا النظام الداخلي، بعد حذف العبارة المذكورة منه".
وعند العودة إلى القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، تنص المادة 27: "غير أنه، إذا قضت المحكمة الدستورية بأن قانونا تنظيميا أو قانونا أو نظاما داخليا يتضمن مادة غير مطابقة للدستور ويمكن فصلها من مجموعه، يجوز إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي أو القانون أو العمل بالنظام الداخلي باستثناء المادة المصرح بعدم مطابقتها للدستور".
وصرحت المحكمة الدستورية في قرارها أن المواد 1 (الفقرة الثانية) و4 (الفقرة الثانية) و10 (الفقرة الأخيرة) و30 و33 (الفقرة الرابعة) و42 (الفقرة الأولى) و43 (الفقرتين الأولى والثانية) و58 و62 و64 ليس فيها ما يخالف الدستور والقانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، مع مراعاة الملاحظات المثارة بشأنها.
وأمرت برفع قرارها هذا إلى الملك محمد السادس وبتبليغ نسخة منه إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبنشره في الجريدة الرسمية.
المادة 67 (الفقرة الثانية)
وأشارت المحكمة إن ما تضمنته هذه المادة في فقرتها الثانية من عبارة "الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017" مخالف للقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية في مادته 49 (الفقرة الثانية) التي تنص على أنه: "ينشر النظام الداخلي للمجلس بالجريدة الرسمية."، وأن التنصيص على نشر أحكام هذا النظام وفق الكيفية المذكورة أعلاه، تجاوز منطوق قرار المحكمة الدستورية المشار إليه، والتي ليس من اختصاصها، إلاّ الأمر بنشر القرارات الصادرة عنها، طبقا لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 17 من قانونها التنظيمي؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، تبقى عبارة "الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017" غير مطابقة للدستور؛
تأديب القضاة
ووقف المجلس على المواد 10 (الفقرة الأخيرة) و30 و43 (الفقرة الثانية) التي تنص:
"تدرج الهيكلة التنظيمية للمفتشية العامة ضمن التنظيم الهيكلي للمجلس المشار إليه في الفقرة الخامسة من المادة 50 من القانون التنظيمي."
"تختص لجنة التأديب بدراسة تقارير الأبحاث والتحريات التي تنجزها المفتشية العامة للشؤون القضائية في المادة التأديبية، وتقارير المقررين، وترفع بشأنها اقتراحات إلى الرئيس المنتدب، وفقا لأحكام المادتين 88 و90 من القانون التنظيمي."
"إذا كان الأمر يتعلق بإخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية في حق قاض، يأمر الرئيس المنتدب بإجراء الأبحاث والتحريات اللازمة بواسطة المفتشية العامة للشؤون القضائية."؛
ورأت المحكمة أن الدستور ينص في الفصل 113 في فقرته الأولى على أنه: "يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، ولاسيما فيما يخص...وتأديبهم."؛
ولفتت إلى أن الفصل 116 من الدستور ينص في فقرته الثالثة على أنه: "يساعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في المادة التأديبية، قضاة مفتشون من ذوي الخبرة."، وأناط في الفقرة الرابعة منه، بقانون تنظيمي تحديد مسطرة التأديب، وتطبيقا لذلك، نص القانونان التنظيميان المتعلقان بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة على مقتضيات نظامهم التأديبي؛
وأكدت أن القانونين التنظيميين المذكورين، لم يحددا الجهة المخول لها الأمر بإجراء الأبحاث والتحريات، إذ اكتفت المادة 86 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالنص على أنه: "يتلقى الرئيس المنتدب للمجلس ما قد ينسب إلى القاضي من إخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية." وعلى أنه: "يحدد النظام الداخلي للمجلس كيفية تدبير ومعالجة التظلمات والشكايات.".
وذكر القرار أن "الصلاحيات التي يمارسها الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تتعلق أساسا، بتمثيله أمام القضاء، وبالتدبير الداخلي للمجلس وتسيير جلساته وتنفيذ مقرراته ورفع تقارير موضوعاتية بشأن عمل المجلس وإعداد لائحة الأهلية للترقي، وتلقي الشكايات وكذا تخويل القضاة رخص المرض الطويلة والمتوسطة الأمد وتتبع ثروات القضاة، والعمل القضائي بالمحاكم المندرج في خانة الولوج إلى العدالة وإجراءات التقاضي، وأن صلاحية إلحاق القضاة ووضعهم في حالة استيداع أو رهن إشارة، يمارسها الرئيس المنتدب، بعد استـشـارة اللجنة الخاصة بـذلك، غيـر أن الضمانـات الممنـوحة للقـضاة وحمـاية استقلالهم وتدبير وضعياتهم الفردية، من تعيين وترقية وتقاعد وتأديب، لا تندرج ضمن الصلاحيات المخولة للرئيس المنتدب، بل هي اختصاصات موكولة للمجلس وحده بحكم الدستور والقانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه".
وحيث إنه، "يستفاد من نفس الأحكام أعلاه، أنه إذا كان الرئيس المنتدب هو من يتلقى الشكايات أو التظلمات الموجهة ضد القضاة، ويتخذ بشأنها الإجراءات القانونية الملائمة بعد استجماع المعلومات والمعطيات بخصوصها، بواسطة البنية الإدارية المنصوص عليها في المادة 43 من النظام الداخلي للمجلس، وأن المتابعة التأديبية لا تتم عملا بأحكام المادة 87 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية بمساعدة قضاة مفتشين من ذوي الخبرة تحت إشراف المفتش العام للشؤون القضائية، فمؤدى ذلك، أن الأبحاث والتحريات المذكورة لا يمكن أن تجرى إلا بأمر من الرئيس المنتدب، وأن ذلك لا يمس باستقلال المفتشية العامة في أداء المهام المنوطة بها، على اعتبار أن المجلس المذكوريظل هو الجهة الوحيدة المختصة بالبت في المتابعة التأديبية للقضاة، في إطار الضمانات المكفولة لهم، بموجب أحكام الدستور والقانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه".
وخلصت المحكمة الدستورية أن إسناد الأبحاث والتحريات إلى المفتشية العامة للشؤون القضائية بناء على أمر من الرئيس المنتدب، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
تظلمات القاضي ضد تقييم الأداء
المواد 1 (الفقرة الثانية) و58 و62 (الفقرة الثانية) و64 التي تنص تواليا على ما يلي:
"تطبيقا لمقتضيات المادة 56 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة...يحدد هذا النظام الداخلي ...وكذا مسطرة الاطلاع على تقارير تقييم الأداء الخاص بالقضاة، وتقديم التظلمات بشأنها ومسطرة البت فيها."
"تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 56 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، يحق للقاضي الذي لم يطلع على آخر تقرير تقييم الأداء المتعلق به وفقا للمسطرة المحددة في الفقرة الثالثة من المادة 55 من نفس القانون التنظيمي، أن يتقدم إلى الأمانة العامة للمجلس بطلب كتابي يرمي إلى الاطلاع على التقرير المذكور."
"تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 56 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة يمكن للقاضي المعني بالأمر أن يقدم، داخل أجل خمسة عشر (15) يوما من تاريخ اطلاعه على مقرر تقييم الأداء الخاص به تظلما بشأنه إلى المجلس.
يحدد القاضي بدقة عناصر التقييم موضوع التظلم والمبررات التي يؤسس عليها تظلمه، والوثائق والمستندات المعزرة لذلك عند الاقتضاء."
"تطبيقا للفقرة الرابعة من المادة 56 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، يبت المجلس في التظلم المرفوع إليه من قبل القاضي بشأن تقرير تقييم الأداء داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ توصله بالتظلم أو من تاريخ توصله بالمعطيات والملاحظات المشار إليها في المادة 63 أعلاه، حسب الحالة مع مراعاة الفترة الفاصلة بين دورات المجلس"؛
ونبهت إنه "لئن كان القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، لا يحيلان على النظام الداخلي للمجلس لتنظيم مسطرة تقديم التظلمات من طرف القضاة، بشأن تقارير تقييم الأداء الخاص بهم المنجزة من طرف المسؤولين القضائيين، والتي لم يطلعوا عليها من قبل، فقد تقرر، بموجب المادة 64 المذكورة، تنظيم هذه المسطرة ضمن مشمولات النظام الداخلي، إعمالا لقرار المحكمة الدستورية رقم 17/31 م.د الذي جاء فيه "وحيث إنه، لئن كانت مشمولات النظام الداخلي المعني قد حددت مواضيعها بمقتضى المواد 50 (الفقرة الرابعة) و52 (الفقرة الثالثة) و60 (الفقرة الأولى) و74 (الفقرة الثانية) و77 (الفقرة الأخيرة) و86 (الفقرة الثانية) من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمادة 56 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، فإن ذلك، لا يحول دون تضمين النظام الداخلي أي مقتضى يهم تطبيق أو إعمال المقتضيات الواردة في القانونين التنظيميين المذكورين..."؛
وحيث إنه، يستفاد من الأحكام سالفة الذكر، أن النظام الداخلي للمجلس يضع القواعد والمقتضيات المتعلقة باختصاص المجلس وتنظيمه وكيفية تسييره، كما يجوز له أن يتضمن كل مجال يندرج ضمن مشمولاته، إعمالا لمقتضيات تم التنصيص عليها في القانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه، شريطة ألاّ يتجاوز المواضيع المسندة لقانون تنظيمي، وألاّ يتضمن أي مقتضى من شأنه تقييد الغير، والذي لا يجوز إعماله إلا من خلال التشريع؛
وخلصت المحكمة بشأن المواد المذكورة إنه، بناء على ما سبق بيانه، ومع مراعاة الملاحظات المذكورة، فليس في هذه المواد ما يخالف الدستور.