ترامب في موقف حرج.. يتلقى اليوم تقريرا من المخابرات يتهم ولي عهد السعودية بتدبير قتل خاشفجي

أ.ف.ب / تيلكيل

وضعت جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام معضلة بين التسليم بخلاصة أجهزة الاستخبارات حول هوية مدبر العملية على حساب التحالف مع الرياض، أم الاستمرار في تجنيب ولي العهد السعودي أي مسؤولية في هذه القضية.

وقد امتنع ترامب عن توجيه أي شبهة لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان منذ قتل الصحافي السعودي الذي كان ينشر مقالات منتقدة للرياض في صحيفة "واشنطن بوست" وتقطيع جثته داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 اكتوبر.

وفي ظل الضغوط الدولية التي تتعرض لها الرياض، أعلنت النيابة العامة السعودية توقيف 21 مشتبها بهم وتوجيه اتهامات لـ11 منهم وطلبت الاعدام لخمسة.

وفي الوقت ذاته، أعلنت واشنطن فرض عقوبات على 17 سعوديا يشتبه بضلوعهم في القضية بينهم مسؤولان مقربان من ولي العهد.

لكن الجانبين لم يحددا هوية مدبر العملية، إلا أنه وفقا لصحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، فإن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) متيقنة من أنه الأمير محمد بن سلمان نفسه.

ويضع ذلك الرئيس الأميركي في مأزق إذ عمق التحالف مع السعوديين على أساس العداوة المشتركة لإيران والمصلحة المتبادلة في الحفاظ على استقرار أسعار النفط العالمية.

وتعززت العلاقة بفضل جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي أقام علاقة شخصية وثيقة مع الأمير.

ولهذا السبب، يبدو ترامب غير مستعد حتى الآن لتوجيه أصابع الاتهام للأمير محمد في قضية مقتل خاشقجي، مشيرا إلى أنه لم يطلع على الأدلة. وأفاد الأحد أنه سيتلقى إيجازا بشأن استنتاجات "سي آي ايه" بحلول الثلاثاء على الأرجح.

وقالت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط لدى "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" ميشيل دون إن "لدى ترامب خيارين فقط".

وتابعت "بإمكانه الموافقة على تقييم الاستخبارات ومع ما يرغب الكونغرس القيام به، ما يعني الإشارة علنا أو بشكل خاص بأن الولايات المتحدة لن تتعاون بعد الآن مع الأمير محمد بن سلمان".

وأما الخيار الثاني، فهو أن يواجه ترامب كل ذلك ويحاول حماية علاقة البيت الأبيض مع الأمير، الذي يدير شؤون المملكة بحكم الأمر الواقع.

والمخاطر كبيرة في الحالتين إذا أن قطيعة مع نجل الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود هي خطوة متشددة، لكنها لا تعني بالضرورة قطعا كاملا للعلاقات الثنائية، بحسب دون التي أكدت أن "السعودية ليست محمد بن سلمان ومحمد بن سلمان ليس السعودية".

لكنها خطوة "قد تنطوي على عملية لا يمكن توقع نتائجها يمكن أن تصل الى حد إحداث تغييرات في ترتيب الخلافة في المملكة" بحسب قول المحللة.

في المقابل، فان رفض ترامب توجيه اللوم الى ولي العهد، يمكن أن يؤدي الى "صراع قوة مع الكونغرس الاميركي" الذي سيكون بامكانه الرد بتحرك يضر بالعلاقة كتجميد بيع الأسلحة إلى المملكة.

ولم يحاول السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب من الرئيس، تلطيف حدة هجومه على الأمير السعودي على خلفية مقتل خاشقجي.

وقال لشبكة "ان بي سي" الأحد "اعتقدت من اليوم الأول أن 15 أو 18 شخصا، مهما كان العدد، لم يصعدوا على متن طائرتين ويتوجهوا إلى تركيا لتقطيع شخص في القنصلية ينتقد ولي العهد بدون معرفة ولي العهد بالأمر ومصادقته عليه".

ويبدو البيت الأبيض منقسما حيث التزم كوشنر الصمت حيال القضية وصديقه الأمير.

إلا أن المسؤولة في البيت الأبيض التي طالبت باتخاذ موقف قوي كيرستن فونتنروز استقالت الجمعة من منصبها، وفق ما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".

وأما ترامب، فكانت مواقفه متقلبة حيال القضية. فبعدما ندد بالجريمة واصفا إياها بأنها "إحدى أسوأ عمليات التستر في التاريخ"، شدد في اليوم التالي على أهمية التحالف مع الرياض وكرر أن الأمير محمد نفى شخصيا في حديث معه أن يكون أمر بتنفيذ العملية.

وأشارت سوزان مالوني من معهد "بروكينغز" للأبحاث إلى أن المراوغة التي يبديها ترامب تشكل خطرا على العلاقة.

وقالت الباحثة إنه عبر إعطاء الانطباع بان "العلاقات يمكن أن تستمر كالمعتاد مع القيادة العليا كما وكأن شيئا لم يحصل (...) لا تصل الإشارة للسعوديين بأن أنشطة من هذا النوع مضرة".

لكنها أشارت إلى أن توجيه الاتهام علنا وبشكل مباشر للأمير لن يكون هو الحل كذلك.

وأكدت الباحثة "لا أعتقد أن أي رئيس أميركي سيتحرك ببساطة لزعزعة استقرار علاقة الشراكة القديمة هذه" مع السعودية موضحة أنه "لا يمكن القول علنا إن على ولي العهد مغادرة منصبه".

واعتبرت أن البديل الأمثل يكون عبر إيصال الرسالة من وراء الكواليس والتوضيح للسعوديين بأنهم تمادوا كثيرا مؤكدة أن "هذا ما تفعله إدارة تتمتع بكفاءة حقيقية".