تفاصيل أمسية "تشامبيونز ليغ" التي عبرت بالوداد للمربع الذهب

أمينة مودن

تفاصيل "استثنائية" عاشها فريق الوداد الرياضي بملعب رادس الأولمبي، مساء أمس السبت، وهو يقتنص آخر بطاقة تأهل إلى المربع الذهبي لمسابقة دوري أبطال إفريقيا، على حساب نجم الساحل، الفريق الذي حشد أسلحته في موقعة للثأر، بعد تلقيه للهزيمة قبل أسبوع بالدارالبيضاء، في لقاء الذهاب الذي حسمه ممثل الكرة المغربية لصالحه بثنائية.

كل المؤشرات كانت تؤكد أن مباراة الوداد ونجم الساحل "خاصة"، فالبعثة المغربية ومنذ وصولها إلى أرض الياسمين، اختارت الإقامة بعيداً عن ضغط الشارع التونسي، بمنطقة سياحية تبعد بـ5 كيلومترات عن مدينة الحمامات، كما أن مدرب الفريق ألغى الحصة التدريبية الرسمية "هروبا" من أي مشاكل أو استفزازات يمكنها التأثير على الجانب الذهني لبعثة "الأحمر والأبيض".

"تيلكيل عربي" رافق الوداد في رحلة الـ72 ساعة إلى تونس، ورصد أبرز المشاهد التي ميزت عودة الفريق ببطاقة التأهل إلى نصف النهائي للمرة الرابعة خلال الـ5 سنوات الأخيرة:

رعب "كورونا"

بعد ساعتين وربع من الطيران، من مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، إلى مدينة الحمامات، وجدت بعثة فريق الوداد الرياضي التي ضمت 20 لاعباً، مرفوقين بممثلين عن المكتب المسير، وأيضا أعضاء الطاقمين التقني والطبي، وممثلين عن وسائل الإعلام، في انتظارها طاقماً طبيا خاصا، يتفقد بصرامة حرارة كل الوافدين، والسبب تسجيل حالات إصابة بـ"كورونا" في المغرب وتونس، خلال الأيام القليلة الماضية.

لاعبو الوداد وبتعليمات من طبيب الفريق، سافروا إلى تونس، بـ"كمامات" طبية، وكان أغلبهم حريصين على عدم نزعها حتى وصولهم إلى مقر إقامتهم، كإجراء وقائي في ظل سرعة انتشار "كورونا".

فضلا عن رصد حرارة أجسام الوافدين بالمطار، كان المسؤولون حريصين على تقديم بطاقات معلومات أوصوا بملئها بعناية كبيرة، وتسلمها فيما بعد الجمركيون، تهم الرحلات الأخيرة لكل شخص، ومروره بالدول التي سجلت أعلى حالات إصابة، كالصين وإيطاليا...

"السرية" سلاح الوداد

رفعت إدارة الوداد الرياضي "شعار السرية"، في رحلتها صوب تونس،  فالذكريات التي يحملها الفريق خلال مقامه الأخير لم تكن جيدة، في مباراة لم تكتمل وصاحبتها أحداث لا رياضية واعتداءات على البعثة، في نهائي دوري أبطال إفريقيا.

المسؤولون عن مطار "النفيضة" في الحمامات، بحسب ما أكدوه لـ"تيلكيل عربي"، لم يتم إخبارهم بوصول الطائرة التي تُقل الفريق المغربي إلا قبل ساعات فقط من موعد نزولها، ليلغى بذلك استقبال مسؤولي نجم الساحل لنظرائهم المغاربة، على غرار لقاء الذهاب في مدينة الدار البيضاء.

فرقة أمنية خاصة واكبت وفد الوداد الرياضي إلى مقر إقامته، وأخرى ناوبت طيلة الثلاث أيام أمام بابه، حيث يتم استفسار أي وافد عن غرض زيارته، مع ضرورة الإدلاء بوثائقه، في حال تعلق الأمر بزوار غير مقيمين بالفندق.

 الحرص الكبير على أن تجري الأمور بشكل جيد قبل المباراة بعيدا عن التوتر، دفعت بالمدرب الإسباني، خوان كارلوس غاريدو، إلى إلغاء الحصة التدريبية الرسمية بملعب المنزه، قبل موعد إياب ربع النهائي، واستعان بفندق حديقة الفندق لإقامة مران خفيف، وجولة على الشاطئ.

المدرب تفادى أيضاً أي تواصل مع الصحافة التونسية قبل اللقاء، باعتبار أن مغادرته لنجم الساحل قبل أقل من شهر لم يكن بسبب النتائج المحققة فقط، بل بضغط من عدد من الجهات أدخلته في مشاكل مع الإدارة، بسبب الأزمة المالية الخانقة، وغياب ملعب رسمي، بسبب الإصلاحات التي يعرفها المركب الرياضي بسوسة.

"مروحية" تؤمن وصول الفريق

كان للحادث الإرهابي الذي هز تونس، أول أمس الجمعة، بتفجير شخصين لنفسيهما بمحيط السفارة الأمريكية بالعاصمة، تأثير على المخطط الأمني الخاص بمباريات دوري أبطال إفريقيا، وأبرزها مواجهة الوداد ونجم الساحل.

مروحية خاصة كانت تتابع موكب الوداد فور وصوله إلى رادس، إضافة إلى العشرات من سيارات الشرطة والقوة العمومية، وأيضا دراجات نارية تابعة للأمن التونسي

ومنذ خروجه من الحمامات وصولاً إلى ملعب رادس، الذي يبعد تقريباً بساعة زمن عبر الطريق السيار، ورجال الأمن يحاولون إبعاد كل "مشوش" من أنصار الفريق الغريم، عن حافلة الوداد، وباقي الحافلات والسيارات الخاصة التابعة للبعثة المغربية.

وبالرغم من أن بعض الجماهير التي كانت أيضا في طريقها إلى رادس، حاولت استفزاز الوفد المرافق بمضايقات في الطريق، إلا أن الأمن كان يأمرهم بالابتعاد عن مسار الحافلة وباقي السيارات التي أقلت ممثلين عن المكتب المسير والإعلاميين.

وتفاجأ اللاعبون من التشديدات الأمنية العالية التي رافقت وصولهم إلى أرض "النزال"، خصوصا وأن المجموعة حلت في مناسبات عديدة بتونس لخوض لقاءات قارية أخرى تندرج لحساب البطولة العربية.

سحر رادس

وبوصول ممثل الكرة المغربية إلى ملعب رادس الأولمبي، بدأ العد العكسي لقمة كروية كانت تعد بالكثير، فحناجر المشجعين تصدح بالأهازيج والشعارات من كل ناحية.

ولم تمنع تصريحات وزير الصحة التونسي، بالاكتفاء فقط بحضور الجماهير المحلية والواصلين مبكراً إلى البلاد، من تنقل الآلاف من عشاق وأنصار الفريق، حتى عشية اللقاء الكروي.

الجماهير المغربية تدفقت على رادس إلى حين صافرة بداية المباراة، ورفعت لوحات تشجيعية، وأشعلت المدرجات باحتفالات انبهر بها الحاضرون.

أما الألتراس المساندة لنجم الساحل التونسي، فبدورها كانت في الموعد، ساندت، حمست ووقفت طيلة التسعين دقيقة من أجل فريقها الذي فاز بهدف نظيف، لكنه فشل في التأهل إلى نصف النهائي.

وكانت التصفيقات عنوانا للروح الرياضية، عندما واصل مشجعو النجم دعم فريقهم حتى بعد الإقصاء، فالأداء كان كبيراً، ورغبتهم في التأهل أيضاً، لكن الوداد المستفيد من نتيجة الذهاب، قال كلمته الأخيرة، وانضم إلى كل من الرجاء، الأهلي والزمالك في الدور ما قبل الأخير من المسابقة الأبرز داخل القارة السمراء.

غاريدو "المنقذ"

لم تكن الدقائق التي زادت عن التسعين يسيرة على المدرب الإسباني خوان كارلوس غاريدو، الذي قاد ثاني مباراة له مع الوداد، وساهم في تأهله إلى مربع الكبار.

غاريدو الذي خرج من "الباب الضيق" لنادي نجم الساحل، كسب الرهان أمام فريقه السابق، وحاول إصلاح الأعطاب التي رافقت أداء الوداد بدوري أبطال إفريقيا.

المدرب وفي حديثه أكد أن الخطة الدفاعية التي نهج إياباً فرضت نفسها وكانت طبيعية، مبرزاً ذلك بعامل اللعب خارج الديار، وقوة الخصم، وكذا الضغط الذي يرافق الأدوار المتقدمة من المسابقة القارية.

واعترف المُدرب بأن الوداد لم يكن في أحسن أحواله، وشباكه كانت مهددة بأهداف لولا تصديات الحارس رضا التكناوتي، الذي قدم مباراة كبيرة، حسبه.

ومن بين الكواليس التي رافقت حضور غاريدو إلى الندوة الصحفية بعد التأهل إلى نصف النهائي، رده "الغاضب" بخصوص سؤال حول عصبيته الزائدة في لقاء الوداد ونجم الساحل، وربطها برغبته في الانتقام من ناديه السابق.

غارديو خرج عن هدوء "التأهل" وأكد بأن هذا النوع من الاستفسارات من طرف الصحافة التونسية، هو  فقط ما يغضبه، أم مواجهة النجم كانت كروية، والفريق قدم أداء كبيراً أمام الوداد وكان خصماً شرساً.

عودة "احتفالية" و"منافسة" على اللقب

في حدود الساعة الواحدة والنصف صباحاً، أقلعت الطائرة التي كانت تقل بعثة فريق الوداد الرياضي، من مطار قرطاج الدولي إلى مدينة الدارالبيضاء، في رحلة الساعتين الاحتفالية.

اللاعبون وجدوا عددا من المناصرين الذين تنقلوا من مدن أوروبية بالمطار، احتفلوا ورددوا الأهازيج سوياً، قبل أن يؤكد العميد إبراهيم النقاش على أن المجموعة قادرة على المنافسة على اللقب القاري، شاكراً كل من تكبد عناء السفر لدعم الوداد في مرحلة صعبة من المنافسة.

وفي حديث مع العميد قال "وصولنا إلى مرحلة نصف النهائي ليس بالصدفة، اليوم نحن نؤكد مجدداً على أننا منافس غير سهل على اللقب القاري، سنقدم كل شيء في قادم الأدوار، ولن نتنازل على عصبة الأبطال".

حماس حديث النقاش وصل للاعبين، الذين قضوا رحلة الساعتين والـ15 دقيقة، في الاحتفال بالعبور إلى المربع الذهبي، مسترجعين أبرز اللحظات الخاصة التي طبعت لقاء الإياب في تونس، وكيف تمكن المجموعة الحفاظ على تركيزها، رغم تلقي شباكها لهدف في الشوط الثاني، أشعل حماس الخصم.

الناصيري والسفارة "غائبان"

غاب سعيد الناصيري، رئيس نادي الوداد الرياضي، عن رحلة فريقه صوب تونس، وهو الذي كان مقرراً أن يرافق البعثة الرسمية يوم الخميس الماضي، أو قبل يوم واحد من موعد المباراة.

وفرضت "الالتزامات المهنية" على رئيس الوداد الرياضي الغياب عن الحضور إلى تونس، ليُعوضه الكاتب العام أنور الزين، وبعض أعضاء المكتب المُسير.

سفارة المغرب في تونس، بدورها، لم تزر الوداد ولم تكن حاضرة في ملعب رادس الأولمبي، واكتفى الفريق وبعثته، بلقاء وزير الرياضة التونسي، الذي كان حريصاً على  تفقد أحوال كل من رافقوا الوداد، والاستفسار عن مقامهم، ساعات قبل موعد اللقاء الكروي.

وسيكون الوداد الرياضي في ماي المقبل أمام مواجهة النصف بالسيناريو ذاته، حيث أن الذهاب سيكون بالمغرب أمام نادي الأهلي المصري، والإياب بالقاهرة، معقل "نادي القرن".