شهدت ضاحية بيروت الجنوبية، معقل "حزب الله"، ليل الخميس/الجمعة سلسلة غارات مكثفة تواصلت حتى الصباح وكانت من الأعنف التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ كثف حملة قصفه الجوي على لبنان في 23 شتنبر.
وأفاد مصدر مقرب من الحزب أن إسرائيل شنت "إحدى عشرة ضربة متتالية، أحدثت دويا قويا اهتزت معه الأبنية"، ووصل صداها وفق شهود عيان إلى مناطق تقع خارج نطاق بيروت وضواحيها.
من جهتها أوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أنه "سجلت حتى الساعة أكثر من 10 غارات متتالية، من أقوى الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان".
وأظهرت لقطات لمصوري وكالة "فرانس برس" كرات ضخمة من اللهب ترتفع من أحد المواقع المستهدفة بأعنف الضربات مع تصاعد سحب الدخان الكثيف.
وأورد موقع "أكسيوس" الأمريكي نقلا عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين لم يذكر هوياتهم أن "إحدى الضربات الإسرائيلية استهدفت الأربعاء هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب والذي يرجح أن يعين أمينا عاما جديدا له خلفا للأمين العام السابق المغتال حسن نصرالله".
ولم يؤكد جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه المعلومات حتى الآن ردا على أسئلة "فرانس برس".
وعند الفجر، استهدفت غارة إسرائيلية منطقة المصنع في شرق لبنان عند الحدود مع سوريا، ما أدى إلى قطع الطريق الدولية بين البلدين، وفق الوكالة الوطنية للإعلام وما أفاد وزير النقل علي حمية لوكالة "فرانس برس".
وروى محم د شعيتو (31 عاما)، وهو سائق سيارة أجرة في الشياح بالضاحية الجنوبية للوكالة أنه "خلال الليل، اهتزت بنا الأرض.. وأضيئت السماء" من شدة الغارات، مضيفا أن "الحي تحول إلى ما يشبه مدينة أشباح".
من جهتها، قالت فاطمة صلاح الممرضة البالغة 35 عاما بإحباط "نحن خائفون على أطفالنا... يقولون إن الحرب ستطول".
واستشهد 37 شخصا وأصيب 151 بجروح جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت أمس الخميس، سائر مناطق لبنان، على ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس، أنه استهدف "15 هدفا" لحزب الله في منطقة بيروت، حسب ادعائه، تشمل "مواقع انتاج أسلحة ومستودعات أسلحة وبنى تحتية". ومن الأهداف أيضا "مقر استخبارات عائد للحزب في بيروت".
وكان مصدر مقرب من "حزب الله" أفاد سابقا بأن غارة "استهدفت مكتب العلاقات الإعلامية في الحزب عند الضاحية الجنوبية"، مؤكدا أنه كان "أخلي" قبل مدة.
وطال القصف أيضا مناطق في الجنوب وبيروت وضواحيها، وصولا إلى منطقة عاليه شرق بيروت ومنطقة المعيصرة شمال بيروت، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.
وتوعدت إسرائيل الخميس بمواصلة شن "ضربات قوية على حزب الله في لبنان". في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الميدانية أن الضربات لا تميز بين المواقع التي تقول إنها عسكرية والبنيات السكنية والمدنيين.
وبموازاة حملة القصف الجوي المكثف الذي خلف أكثر من ألف شهيد في أنحاء مختلفة من لبنان منذ حوالى 11 يوما، ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ الاثنين "عمليات برية محدودة ومركزة في نقاط عدة على طول الحدود، أسفرت عن مقتل تسعة من عناصره الأربعاء".
وتترافق الحرب على لبنان مع تصعيد بين إسرائيل وإيران التي أطلقت الثلاثاء حوالى مئتي صاروخ بينها صواريخ بالستية تجاه الأراضي المحتلة، ما أدى إلى تصاعد التهديدات المتبادلة والمخاوف من اشتعال الشرق الأوسط برمته.
وأعلنت إيران أن هذه الضربة الصاروخية جاءت ردا على اغتيال حسن نصرالله في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 شتنبر واسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في 31 يوليوز في طهران في ضربة نسبت إلى إسرائيل.
وفي خطوة نادرة الحدوث، يؤم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي اليوم صلاة الجمعة في الساعة 10,30 (7,00 ت غ)، ويلقي خطبة قد تتطرق إلى الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل والتصعيد المتزايد بين طهران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وتعود آخر مرة أم فيها خامنئي صلاة الجمعة إلى يناير 2020 بعدما أطلقت إيران صواريخ على قاعدة أمريكية في العراق ردا على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في ضربة أمريكية قرب مطار بغداد.
ويصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صباح الجمعة إلى بيروت، حيث يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
ووسط التصعيد المتزايد والمخاوف الدولية، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس "لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب شاملة، أعتقد أن بإمكاننا تجنبها"
وكان سئل في وقت سابق في البيت الابيض إن كان يوافق على "توجيه إسرائيل ضربات تطال منشآت نفطية إيرانية؟" فأجاب أنه يجري "نقاشات بهذا الشأن".
إلى ذلك، أعرب قادة دول مجموعة السبع الخميس عن "قلقهم العميق" جراء "تدهور الوضع" الإقليمي، محذرين في بيان من "دورة خطيرة من الهجمات والردود الانتقامية تهدد بإذكاء تصعيد لا يمكن السيطرة عليه في الشرق الأوسط، وهو ما ليس في مصلحة أحد".
وبحسب الأرقام الرسمية، استشهد أكثر من ألفي شخص في لبنان منذ أكتوبر 2023، بينهم أكثر من ألف منذ بدء القصف الجوي المكثف في 23 شتنبر على جنوب لبنان وشرقه وكذلك ضاحية بيروت الجنوبية.
من بين الشهداء نحو 97 عامل إسعاف وإنقاذ، استشهدوا بنيران إسرائيلية بينهم أربعون قضوا خلال الأيام الثلاثة الماضية، على ما أفاد وزير الصحة فراس الأبيض الخميس.
وقدرت الحكومة اللبنانية الأربعاء عدد النازحين هربا من العمليات العسكرية بحوالى 1,2 مليون يفترش عدد كبير منهم الشوارع في مناطق عدة من بيروت.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ليل الخميس استشهاد 18 فلسطينيا في قصف جوي إسرائيلي طال مخيم طولكرم (شمال)، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي شن غارة على المخيم.
وأكد مسؤول أمني فلسطيني لوكالة "فرانس برس" أن هذا القصف الجوي هو الأول من نوعه منذ العام 2000 في الضفة الغربية.
قال أحد سكان المخيم علاء سروجي إن "القصف استهدف كافيتيريا كانت مليئة بالشبان" متحدثا عن "أطفال وشبان تحولوا إلى أشلاء".
كذلك، تواصل إسرائيل هجومها على قطاع غزة المدمر والمحاصر بصورة محكمة منذ عام.
واستشهد في القطاع 41788 شهيدا على الأقل، وفق آخر حصلية أصدرتها وزارة الصحة التابعة لحماس الخميس.