رصد التقرير الأمريكي السنوي الأخير حول حقوق الإنسان انتهاكات واسعة تطال حرية التعبير والإعلام بالمغرب.
وخصصت وزارة الخارجية الأمريكية حيزا من تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان عبر العالم، للمغرب؛ حيث قيمت وضع البلاد، وفقا لما نشرته المنظمات الحقوقية.
إلى أي مدى الصحافة المغربية حرة في تعبيرها؟
اتهم التقرير المغرب بـ"فرض قيود خطيرة على حرية التعبير، بما في ذلك أعضاء الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى؛ حيث يجرم انتقاد الإسلام، أو شرعية النظام الملكي، أو مؤسسات الدولة، أو المسؤولين مثل المسؤولين العسكريين، أو مواقف الحكومة فيما يتعلق بوحدة الأراضي والصحراء المغربية، رغم نص الدستور والقانون بشكل عام، على حرية التعبير".
وحسب التقرير التفصيلي الخاص بالمغرب، "يمكن أن تؤدي مثل هذه الانتقادات إلى الملاحقة القضائية بموجب قانون العقوبات"، مستعينا بتقارير منظمة العفو الدولية "التي سلطت الضوء على عشرات الحالات التي تم فيها تقييد حرية التعبير".
وتابع أنه "خلال العام، كانت هناك حالات؛ حيث قام أفراد ينتقدون الملك، والسلطات المحلية، والإسلام، بمضايقات من قبل السلطات الحكومية"، مشيرا إلى "أن عدد من وجهت لهم تهم محددة بلغ 359 شخصا، بما في ذلك التشهير، والقذف، والإهانة".
وتابع أنه، "وفقا لتقرير المنظمة الحقوقية "فريدوم هاوس" لعام 2021، تمتعت الصحافة المغربية بدرجة كبيرة من الحرية عند الإبلاغ عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية. لكن السلطات استخدمت مجموعة من الآليات المالية والقانونية لمعاقبة الصحفيين المنتقدين".
وأشار إلى أن "المنظمات غير الحكومية أفادت بأنه وعلى الرغم من قوانين الصحافة التي تهدف إلى منع السجن غير القانوني للأفراد الذين يمارسون حريتهم في التعبير، إلا أن السلطات استخدمت قوانين العقوبات لمعاقبة المعلقين، والنشطاء، والصحفيين، الذين ينتقدون الحكومة".
وسجل التقرير الأمريكي تقديم مؤسسات الأمن الوطني المكلفة بالأمن الداخلي؛ مثل الأمن الخارجي (DGED)، والمديرية العامة للأمن الوطني، شكوى رسمية إلى المدعي العام للمحكمة الابتدائية بالرباط، في دجنبر، ضد ستة مغاربة مقيمين بالخارج، بتهمة "إهانة الموظفين العموميين، والأجهزة الأمنية، والتشهير بهم، واستنكار الجرائم الوهمية، وتقويض الأمن القومي".
ووفقا لتقرير 1 أكتوبر الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة، بموجب تفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية "المينورسو"، يقول التقرير، "ظل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان يشعر بالقلق إزاء التقارير المتعلقة بالقيود غير المبررة التي تفرضها الحكومة على الحق في حرية التعبير، والمراقبة المفرطة للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين في الصحراء المغربية".
وأضاف التقرير أن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان استمرت في تلقي تقارير عن المضايقات والاعتقالات التعسفية للصحفيين، والمدونين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يغطون انتهاكات حقوق الإنسان".
استعمال الإشاعات المؤذية عن الحياة الشخصية من أجل الترهيب
سجل التقرير أن "السلطات عرضت بعض الصحفيين للمضايقة والترهيب، بما في ذلك محاولات تشويه سمعتهم، من خلال إشاعات مؤذية عن حياتهم الشخصية؛ حيث أفاد الصحفيون أن الملاحقات القضائية الانتقائية كانت بمثابة آلية للترهيب".
الرقابة تقف أمام تطوير صحافة استقصائية حرة
اعتبر التقرير أن "الرقابة الذاتية والقيود الحكومية على الموضوعات الحساسة ظلت عقبات خطيرة أمام تطوير صحافة استقصائية حرة ومستقلة بالمغرب"، موضحا أن "المنشورات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة تتطلب اعتمادا من الحكومة، ويجوز للحكومة رفض الاعتماد وإلغائه، بالإضافة إلى تعليق أو مصادرة المنشورات التي تنتهك النظام العام، أو تنتقد الإسلام، أو المؤسسة الملكية، أو مواقف الحكومة بشأن وحدة الأراضي المغربية".
و"في حين أن الحكومة نادرا ما تفرض رقابة على الصحافة المحلية"، يضيف التقرير، "إلا أنها مارست ضغوطا، من خلال التحذيرات الكتابية والشفوية، وملاحقة القضايا القانونية التي أدت إلى فرض غرامات باهظة وإيقاف النشر".
هاجس الأمن القومي
أفاد التقرير أن "قانون مكافحة الإرهاب ينص على اعتقال الأفراد، بمن فيهم الصحفيون، وتصفية المواقع التي يُعتقد أنها تخل بالنظام العام، عن طريق الترهيب، أو الإرهاب، أو العنف".
وتابع أن "القانون يفرض المسؤولية القانونية على المؤلف وأي شخص يساعد المؤلف، بأي شكل من الأشكال، على نشر المعلومات التي تعتبر مبررا لأعمال الإرهاب، والتي قد تشمل مالكي المواقع، ومقدمي خدمات الإنترنت".
وتابع أنه "وبينما كان القانون مصمما لمكافحة الإرهاب، تحتفظ السلطات المغربية بالسلطة التقديرية لتعريف مصطلحات؛ مثل "الأمن القومي"، و"النظام العام"، بموجب قانون العقوبات الذي يمكن الحكومة من طلب غرامات تصل إلى 200000 درهم مغربي (21000 دولار)، ممن ينشر محتوى على الإنترنت يُنظر إليه على أنه يخل بالنظام العام، مع غرامة قصوى تبلغ 500 ألف درهم مغربي (52 ألف دولار)، إذا كان المحتوى يسيء إلى الجيش".
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن "جرائم التعبير على الإنترنت المتعلقة بالملكية، والإسلام، والصحراء المغربية، فضلا عن تهديدات الأمن القومي، يمكن أن تؤدي إلى أحكام بالسجن من سنتين إلى ست سنوات".
حرية الإنترنت
قال التقرير إن "الحكومة المغربية لم تعطل الوصول إلى الإنترنت، لكنها طبقت القوانين التي تحكم وتقيد الخطاب العام والصحافة على الإنترنت".
وحسب نفس المصدر، فإن "قانون الصحافة ينص على أن الصحافة الإلكترونية تعادل الصحافة المطبوعة؛ حيث تسمح قوانين مكافحة الإرهاب للحكومة بفلترة المواقع الإلكترونية".
وتابع أن "الحكومة ذكّرت مرارا وتكرارا صحفيي الإنترنت بطاعة القانون. كما حاكمت الحكومة الأفراد بسبب تعبيرهم عن آراء أيديولوجية معينة على الإنترنت، لا سيما تلك المتعلقة باحتجاجات الريف".
ووفقا لمؤسسة "فريدوم هاوس"، يضيف التقرير أنه "تم إنشاء العديد من الحسابات على "Twitter" و"Facebook"، لغرض واضح، هو مضايقة وترهيب وتهديد النشطاء الذين ينتقدون السلطات؛ حيث يعتقد النشطاء أن المعلقين المؤيدين للحكومة تم تجهيزهم أيضا بوصول مباشر أو غير مباشر إلى أدوات المراقبة؛ إد أنهم غالبا ما يحصلون على معلومات خاصة حول المستخدمين الآخرين".
وتابع أنه "وفقا لمنظمات غير حكومية مختلفة، قامت الحكومة المغربية في كثير من الأحيان، باختراق حسابات المواطنين الصحراويين على وسائل التواصل الاجتماعي للصحفيين والمدونين".
وسجل التقرير "عدم اعتماد العديد من المساهمين العاملين في المنافذ الإخبارية على الإنترنت؛ وبالتالي، ظلوا خاضعين لأحكام قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات التي تسمح للحكومة بالسجن وفرض عقوبات مالية على أي شخص ينتهك القيود المتعلقة بالتشهير والسب".
الحرية الأكاديمية والفعاليات الثقافية
سجل التقرير الأمريكي أن "القانون يسمح للحكومة المغربية بتجريم العروض أو المناظرات التي تشكك في شرعية الإسلام، وشرعية النظام الملكي، ومؤسسات الدولة، ووضع الصحراء المغربية؛ حيث يقيد القانون الأحداث الثقافية والأنشطة الأكاديمية، على الرغم من أن الحكومة بشكل عام، وفرت مجالا أكبر للنشاط السياسي والديني المحصور في حرم الجامعات"، لافتا إلى أن "وزارة الداخلية هي من تصادق على تعيين عمداء الجامعات التي تحتضن مثل هاته الفعاليات الثقافية".