تقرير النيابة العامة.. شكايات ضد التعذيب وأزيد من 4 آلاف معتقل قد يطالبون الدولة بتعويضهم

رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي (تصوير رشيد تنيوني)
الشرقي الحرش

كشف تقرير رئاسة النيابة العامة حول السياسة الجنائية عن تسجيل ثلاث شكايات فقط خلال سنة 2018 بخصوص الاعتقال التعسفي.

وبحسب التقرير، الذي تم تقديمه للملك محمد السادس فإن واحدة من الشكايات تم حفظها لعدم صحة الادعاء، بينما لازالت شكايتان في طور البحث.

التعذيب والعنف

كشف تقرير النيابة العامة عن تسجيل 32 شكاية تتعلق بالتعذيب والعنف وسوء المعاملة خلال سنة 2018 ضد موظفين عموميين.

ويوضح التقرير، أنه بعد البحث في موضوع الشكايات، تم انهاء الأبحاث في 69 في المائة منها، حيث تم حفظ عشرين شكاية لانعدام الاثبات، وعشر شكايات مازالت في طور البحث، فيما فتح بحث بشأن شكايتين، توبع بشأنهما خمسة دركيين من أجل ارتكاب جناية الاعتقال التحكمي واستعمال العنف، ومتابعة ضابط شرطة قضائية من أجل استعمال العنف والتهديد.

وبخصوص 12 شكاية متعلقة بالتعذيب كانت رائجة سنة 2017 فقد تم، خلال سنة 2018 حفظ 6 منها، في حين أرجعت ست شكايات المتبقية بتعليمات محددة من النيابة العامة لتعميق البحث.

الفحوصات الطبية

في هذا الصدد، كشف تقرير النيابة العامة أنه تم اخضاع 143 شخصا من المودعين رهن الحراسة النظرية للتأكد من مدى صحة تعرضهم للتعذيب.

ويشير التقرير، إلى أنه تم حفظ 96 فحصا لانعدام العنصر الجرمي وظلت الأبحاث جارية بخصوص 45 فحصا طبيا، في حين أفضا فحصين طبيين إلى متابعة موظفين مشتكى بهما.

ويشير التقرير إلى أن أحد المشتكى بهما صدر في حقه حكم قضى بإدانته من أجل الضرب والجرح وحكم عليه بسنة حبسا نافذا وغرامة 500 دهم، وبأدائه لفائدة المطالب بالحق المدني تعويضا اجماليا حدد في 20 ألف درهم مع الصائر مجبرا في الأقصى، أما الثاني فقد تقررت متابعته من أجل جنحة الضرب والجرح. وصدر حكم قضائي ببراءته من أجل ما نسب إليه.

وبخصوص الفحوصات الطبية التي لازالت رائجة منذ سنة 2018، فقد أفضى فحص واحد منها إلى متابعة موظف من أجل استعمال العنف ضد الأشخاص أثناء قيامهم بوظيفتهم، لازالت قضيته رائجة أمام القضاء، فيما تراوح مآل باقي القضايا بين الحفظ وتعميق البحث في بعضها.

قلة طلبات الاتصال بالمحامي

رغم أن قانون المسطرة الجنائية يتيح للأشخاص المودعين رهن الحراسة النظرية إمكانية الاتصال بمحام، إلى أن طلبات الاتصال تظل قليلة جدا مقارنة مع عدد الموضوعين رهن الحراسة النظرية.

ويشير التقرير إلى تلقي النيابة العامة 155 طلبا يتعلق بالاتصال بمحام من أصل 408994 تم وضعهم رهن الحراسة النظرية سنة 2018 من بينهم 18488 قاصرا تم الاحتفاظ بهم في الأمكنة المخصصة للأحداث. وقد استجابت النيابة العامة لـ147 طلبا من أصل 155 التي تم التقدم بها.

الاعتقال الاحتياطي

في هذا الصدد، أشار تقرير النيابة العامة إلى أن الاعتقال الاحتياطي ظل منذ سنوات يتجاوز 40 في المائة من مجموع الساكنة السجنية.

وتقول النيابة العامة أنها تسعى لتخفيض الاعتقال الاحتياطي إلى نسبة 35 في المائة، غير أن هذه المهمة لا يمكن تحقيقها دون انخراط باقي فعاليات المؤسسة القضائية، ولا سيما الهيئات القضائية المكلفة بالبت في قضايا المعتقلين، وقضاة التحقيق.

وتعمل النيابة العامة على تشجيع بدائل الاعتقال الاحتياطي من خلال المتابعة في حالة سراح مقابل كفالة مالية أو شخصية والصلح الزجري.

ويشير التقرير إلى استعمال الكفالة المالية في حق 29838 شخصا واجراء مسطرة الصلح الجنائي في 7566 قضية كما تم حفظ 23990 قضية.

ويعتبر التقرير أنه في ظل عدم تدخل تشريعي يمكن النيابة العامة من اعتماد بدائل أخرى للاعتقال الاحتياطي تكون متنوعة وتراعي الخصوصية الثقافية للمجتمع المغربي فإنها تجد صعوبة في تفعيل البدائل المتاحة، حيث أن نظام الكفالة لا يمكن بالنسبة للأشخاص الذين يشكلون تهديدا للأمن العام، وكذلك في القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام، لخطورتها على النظام العام بكل مكوناته.

من جهة أخرى، يتوقف التقرير عند نقطة في غاية الأهمية بشأن الاعتقال الاحتياطي، إذ يشير التقرير إلى أن 4158 من الذين اعتقلوا سنة 2018 حصلوا على البراءة، وتتحمل فيها النيابات العامة القسط الأكبر.

ويذهب التقرير إلى أن "الاعتقال الاحتياطي يتم اللجوء إليه أحيانا دون وجود مبررات كافية، ووسائل اثبات قوية"، مما يطرح سؤالا حول حجم التعويضات التي قد يحصل عليها المعتقلون إذا ما رفعوا دعاوى ضد الدولة من أجل التعويض.

رغم ذلك، يذهب تقرير النيابة العامة إلى أن الدورية التي وجهها رئيس النيابة العامة إلى قضاتها بشأن ترشيد الاعتقال الاحتياطي، وعدم اللجوء إليه، وكذا المجهودات التي قاموا بها إلى جانب رؤساء المحاكم مكنت من تحقيق نتيجة ايجابية، جعلت معدل الاعتقال الاحتياطي ينتهي سنة 2018 في 39,08 في المائة من الساكنة السجنية، مقارنة مع السنوات الفارطة، حيث لم تكن تنزل النسبة عن 40 في المائة.