تقرير رسمي يحذر: التضخم عند أعلى مستوى منذ سنة 2008

بشرى الردادي

من المنتظر أن يعرف الاقتصاد الوطني خلال الفصل الأول من سنة 2022، نموا، بنسبة 1.2%، نتيجة ارتفاع القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية، بنسبة 3.3%، وتراجع الأنشطة الفلاحية، بنسبة 12.1%، حسب موجز الظرفية الاقتصادية خلال الفصل الأول، وتوقعات الفصل الثاني من سنة 2022، للمندوبية السامية للتخطيط.

وووفق نفس المصدر، يتوقع أن تحقق الأنشطة غير الفلاحية نموا بوتيرة أعلى، خلال الفصل الثاني من سنة 2022، مدعومة باستمرار تعافي أنشطة القطاع الثالثي.

وأخذا بعين الاعتبار انخفاض القيمة المضافة للأنشطة الفلاحية، بنسبة 12.9%، سيعرف الاقتصاد الوطني، خلال الفصل الثاني من سنة 2022، نموا، بنسبة 1.8%، عوض 15.2%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية. 

النمو الاقتصادي العالمي تحت تأثير ضغوط تضخمية قوية

أفادت مندوبية التخطيط أن الاقتصاد العالمي سيواجه، في الفصل الأول من سنة 2022، تراجعا جديدا في الوضع الوبائي العالمي سيساهم في استمرار اضطرابات سلاسل التوريد العالمية، خاصة بعد إغلاق بعض المصانع والموانئ في الصين.

وأضافت أن تداعيات الصراع الروسي-الأوكراني، والعقوبات الاقتصادية الناتجة عنه، من شأنها أن تساهم في تفاقم صعوبات الإنتاج، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

ومن المحتمل، وفق نفس المصدر، أن يؤثر هذا الوضع على تطور مستوى التجارة العالمية؛ حيث سيعرف الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب تباطؤا في وثيرة نموه التي ستصل إلى 2.5%، على أساس سنوي في الفصل الأول من سنة 2022، بدلا من 4.7%، خلال نفس الفصل من سنة 2021.

وعلى صعيد أسواق المواد الأولية، من المتوقع أن يساهم الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية الطاقية والغذائية الناجم عن تداعيات الصراع بين روسيا وأوكرانيا، في الرفع من الضغوط التضخمية على المستوى العالمي؛ حيث من المرجح أن تسجل أسعار المواد الطاقية ارتفاعا، بنسبة 79.9%، ​​على أساس سنوي. كما ستعرف أسعار المواد الغذائية ارتفاعا، بنسبة 24.5%، خلال نفس الفترة، نظرا للارتفاع المهم الذي تعرفه الأسعار العالمية للحبوب.

وأشارت المندوبية إلى أنه، في ظل ذلك، ينتظر أن ترتفع معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو إلى 7.7% و6.1%، على التوالي، في الفصل الأول من سنة 2022.

دينامية تجارية مدفوعة بارتفاع الأسعار

وعلى مستوى المبادلات التجارية الخارجية، من المتوقع أن يعرف حجم الصادرات الوطنية من السلع والخدمات نموا، بنسبة 5.6%، خلال الفصل الأول من سنة 2022، في سياق يتسم بارتفاع مهم للأسعار عند التصدير؛ حيث ستشهد قيمة صادرات السلع بالأسعار الجارية على الخصوص، ارتفاعا، بنسبة 29.5%، على أساس سنوي، بدلا من 12.6%، في نفس الفترة من السنة الماضية.

وعزت مندوبية التخطيط هذا التطور بشكل أساسي، إلى ارتفاع المبيعات الخارجية للفوسفاط ومشتقاته، والتي من المتوقع أن تساهم بـ14.5 نقطة في النمو الإجمالي لقيمة صادرات السلع.

وباستثناء الفوسفاط ومشتقاته، وفق نفس المصدر، فمن المرجح أن تسجل الصادرات ارتفاعا، بنسبة 19.3%، مستفيدة من تحسن قيمة المبيعات الخارجية في صناعة الطائرات، بنسبة 61.5%، بدلا من انخفاضها بـ17.3%، في الفصل الأول من سنة 2021، ومن تطور مبيعات قطاع النسيج التي من شأنها أن تسجل زيادة قدرها 28.2%، خلال نفس الفترة.

ومن جانبها، ستسجل واردات السلع بالأسعار الجارية، خلال الفصل الأول من سنة 2022، زيادة، بنسبة 37%، عوض 2.6%، خلال نفس الفترة من سنة 2021.

وتعزى هذه الزيادة بشكل أساسي، إلى ارتفاع واردات منتجات الطاقة، بنسبة 88.8%، تحت تأثير الارتفاع الكبير في أسعار استيراد المنتجات المكررة، لا سيما الغازوال وزيت الوقود. كما سيشمل هذا التطور مشتريات أنصاف المنتجات التي من المنتظر أن تساهم بـ10.9 نقطة في تطور الواردات، والمنتجات الغذائية بمساهمة 5.3 نقطة، ومواد التجهيز التي من المتوقع أن تسجل ارتفاعا، بنسبة 20.3%.

ومن جهة أخرى، من المرجح أن تسجل واردات السلع الاستهلاكية النهائية تباطؤا في معدل نموها، بسبب انخفاض منتظر في واردات السيارات السياحية، بنسبة 15.7%، في بداية سنة 2022.

وسيساهم الارتفاع المهم للواردات مقارنة بوتيرة نمو الصادرات، في الفصل الأول من عام 2022، في تفاقم العجز التجاري، وانخفاض قدره 3.5 نقطة في معدل تغطية الواردات بالصادرات، بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية.

تباطؤ الطلب الداخلي في الفصل الأول من 2022

من المتوقع أن يعرف الطلب الداخلي في الفصل الأول من سنة 2022، تباطؤا ملموسا، مقارنة بسنة 2021. إلا أنه سيبقى الدعامة الأساسية للنشاط الاقتصادي؛ حيث عزت المندوبية نموه بشكل كبير، إلى ارتفاع استهلاك الإدارات العمومية، بنسبة 5.3%، في ظل ارتفاع نفقات التسيير.

في المقابل، من المتوقع أن تعرف وثيرة نمو استهلاك الأسر تباطؤا ملحوظا؛ حيث من المتوقع أن تصل إلى 0.8+%، في الفصل الأول من سنة 2022، بدلا من 1.5%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

ومن المرجح أن يؤثر انخفاض المداخيل الفلاحية على إنفاق الأسر، في سياق الضغوط التضخمية المتزايدة.

ومن جانبه، سيشهد الاستثمار الإنتاجي ارتفاعا، بنسبة 2.9%، على أساس سنوي، في سياق اعتدال مستوى الاستثمار في البناء.

التضخم عند أعلى مستوى منذ سنة 2008

من المرتقب أن يتسارع المنحى التصاعدي في أسعار الاستهلاك، في الفصل الأول من 2022؛ حيث من المنتظر أن ترتفع بـ3,6%، حسب التغير السنوي، عوض 0,1%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

ويعزى هذا التسارع بشكل أساسي، إلى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، بنسبة 5,3%؛ حيث ستعرف أسعار المواد الغذائية غير الطازجة ارتفاعا بـ6,4%، نتيجة تزايد أسعار منتوجات الحبوب والزيوت النباتية الناجم عن ارتفاع أسعار الاستيراد.

كما يرجح أن تشهد أسعار المنتوجات الطازجة تزايدا مطردا، خاصة تلك المتعلقة بلحوم الدواجن؛ حيث ستساهم بـ1,9+ نقطة مئوية في ارتفاع الأسعار.

أما بالنسبة للمواد غير الغذائية، فستعرف أسعارها ارتفاعا بـ2,5%، تحت تأثير الزيادات في أسعار المواد الطاقية والنقل وتسارع أسعار المواد المصنعة، في ظل زخم التوترات المرتبطة بصعوبات التوريد وارتفاع تكاليف الإنتاج الصناعي.

ومن جانبه، يرجح أن يعرف معدل التضخم الكامن الذي يستثني الأسعار المقننة والمواد ذات السعر المتقلب استمرارا في تصاعده. ولكن بوثيرة أقل نسبيا؛ حيت سيسجل ارتفاعا يقدر بـ3,4%، في الفصل الأول من 2022، يعزى بالأساس، إلى دينامية مكوناته، ولا سيما المواد الغذائية والمصنعة.

تحسن الأنشطة غير الفلاحية

توقعت مندوبية التخطيط أن يعرف الاقتصاد الوطني، خلال الفصل الأول من سنة 2022، نموا يقدر بـ1,2%، حسب التغير السنوي، عوض 1%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية، مدعوما، بشكل أساسي، بارتفاع القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية بـ3,3%.

ويعزى هذا التطور بالأساس، إلى استمرار تعافي الأنشطة الثالثية؛ حيث سيساهم قطاع الخدمات بـ1,9+ نقطة في النمو الاقتصادي الوطني، مستفيدا من تحسن الأنشطة السياحية.

كما يرتقب أن تشهد القيمة المضافة لأنشطة الايواء والمطاعم زيادة تناهز 53,4%، على أساس سنوي، في الفصل الأول من 2022، نظرا لتحسن الوضع الوبائي في المغرب، وإعادة فتح الحدود الجوية، بدءا من 7 فبراير 2022.

كما يرجح أن يواصل القطاع الثانوي نموه بوتيرة أعلى نسبيا، بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية؛ حيث ستبلغ مساهمته في النمو الاقتصادي الإجمالي 0,5+ نقطة، عوض 0,4+ نقطة.

ومن المنتظر أن يشهد قطاع المعادن انخفاضا يقدر بنسبة 4,2%، في الفصل الأول من 2022، على أساس سنوي، عوض زيادة، بنسبة 5,2%، خلال نفس الفترة من السنة الفارطة؛ حيث ستعرف الأنشطة الاستخراجية غير المعدنية تراجعا، بنسبة 5,3%، في سياق انخفاض طلب الصناعات التحويلية المحلية.

بخلاف ذلك، سيستمر تحسن نشاط الصناعات التحويلية، بنسبة 2.7%، في الفصل الأول من سنة 2022، بدلا من 1.6% المسجلة، خلال نفس الفترة من سنة 2021.

ورغم ارتفاع تكاليف الإنتاج المرتبطة بارتفاع أسعار المواد الخام ومشاكل التوريد، فإن نشاط الصناعات التحويلية سيحافظ على ديناميته، نظرا للأداء الجيد لصناعات النسيج والصناعات المعدنية، في حين ستشهد الصناعات الكيماوية التي كانت عرفت نموا مهما، خلال 2021، انخفاضا بنسبة 2,2%، وذلك في سياق انخفاض الكميات المصدرة من مشتقات الفوسفاط التي تم تغطيتها بفضل ارتفاع أسعار التصدير.

انخفاض النشاط الفلاحي بعد أربعة فصول من الارتفاعات المتتالية

من المنتظر، حسب المندوبية، أن تسجل القيمة المضافة للفلاحة انكماشا، بنسبة 12,1%، خلال الفصل الأول من 2022، حسب التغير السنوي، بعد أن كانت أكثر ديناميكية في سنة 2021، نظرا للظروف المناخية الصعبة التي ميزت الستة أشهر الأولى من الموسم الفلاحي الحالي؛ حيث سجلت التساقطات المطرية عجزا يقدر بنسبة 65%، مقارنة مع نفس الفترة من سنة عادية.

ومن المتوقع أن تنعكس آثار هذا العجز بشكل خاص، على مستوى الزراعات الخريفية والشتوية، وخاصة الحبوب، التي ستعرف انخفاضا في المساحات المزروعة، بنسبة 21%، مقارنة بمتوسط خمس سنوات الأخيرة.

كما أن الزراعات الأخرى، ولا سيما الخضراوات الشتوية، ستتأثر أيضا بسبب انخفاض مساهمات الري، نظرا لانخفاض معدل ملء السدود الذي بلغ 33%، في نهاية مارس 2022، بدلا من 51%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

ويتوقع أيضا أن تتأثر أنشطة تربية الماشية بندرة المراعي النباتية وارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية، خلال بداية فصل الشتاء. ومع ذلك، فمن المحتمل أن يعرف الإنتاج الحيواني نموا معتدلا، مدفوعا بشكل أساسي، بتحسن أنشطة الدواجن التي شهدت ارتفاعا، بنسبة 10.7% في إنتاج الكتاكيت، بعمر يوم واحد، في نهاية الشهرين الأولين من عام 2022.

تباطؤ النمو النقدي

من المنتظر أن تحقق الكتلة النقدية، خلال الفصل الأول من 2022، زيادة تقدر بـ5,2%، حسب التغير السنوي، عوض 7,6%+، خلال نفس الفترة من السنة الماضية؛ حيث ستستمر حاجيات السيولة البنكية في الانخفاض، وذلك بالموازاة مع تراجع تداول النقود الائتمانية، وتحسن مستوى الموجودات من العملة الصعبة.

وفي ظل ذلك، يتوقع أن يقلص بنك المغرب من تدخلاته في تمويل حاجيات البنوك. كما يتوقع أن ترتفع الأصول الاحتياطية الرسمية من العملة الصعبة، بنسبة 10,8%.

في المقابل، ينتظر أن تشهد القروض الموجهة للإدارة المركزية بعض التسارع في وتيرتها، موازاة مع ارتفاع المديونية النقدية للخزينة، بنسبة تقدر بـ17,2%، حسب التغير السنوي.

ويرجح أن تواصل القروض المقدمة للاقتصاد تطورها لتحقق زيادة تقدر بـ4,3%، خلال الفصل الأول من 2022، عوض 3,8%، في الفصل السابق؛ حيث يعزى هذا التطور إلى التحسن في منح قروض الاستثمار الموجهة للمقاولات.

في المقابل، يرتقب أن تستقر أسعار الفائدة بين البنوك في حدود 1,5%، في الفصل الأول من 2022، وهو نفس مستوى سعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب.

كما يرجح أن ترتفع أسعار فائدة سندات الخزينة؛ حيث ستسجل أسعار فائدة سندات الخزينة، لسنة وخمس وعشر سنوات، زيادة قدرها نقطة 7 و13 و9 نقاط أساس، على التوالي، في حين ستشهد أسعار الفائدة الائتمانية انخفاضا يقدر بـ31 نقطة أساس، في المتوسط.

استمرار تراجع وتيرة نمو مؤشرات البورصة

من المرتقب أن يواصل سوق الأسهم خلال الفصل الأول من سنة 2022، تباطؤه الذي بدأه في نهاية سنة 2021؛ حيث ينتظر أن يشهد مؤشر "مازي" ارتفاعا بنسبة 11,6%، حسب التغير السنوي، بعد زيادة قدرها 18,3%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية، على خلفية التصحيحات التخفيضية في أسهم بعض المقاولات المدرجة.

ويعكس هذا التطور نمو أسهم جزء كبير من القطاعات المدرجة، في ظل تنامي المخاوف من تأثيرات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ولاسيما القطاعات الهندسية، وقطاعات السلع الرأسمالية والصناعية، والأدوية، والغابات والورق، والمواد الكيميائية، والتوزيع، وقطاع الإنعاش العقاري.

كما يرتقب أن يستمر نمو السيولة في سوق الأوراق المالية، في ظل ارتفاع حجم المعاملات ذات الصلة، بنسبة 13,3%، حسب التغير السنوي.

تسارع طفيف في وتيرة النمو الاقتصادي في الفصل الثاني من عام 2022

من المنتظر أن يظل تطور الاقتصاد العالمي، خلال الفصل الثاني، رهينا بتطور الوضعية الوبائية، خاصة في الصين، وبتداعيات الصراع الروسي الأوكراني، على آفاق الاقتصاد العالمي، في سنة 2022.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يساهم ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وخاصة الطاقية والغذائية، إلى جانب الاضطرابات التي تشهدها سلاسل التوريد العالمية في ارتفاع التضخم العالمي، وفي التأثير على منحى انتعاش الاقتصادات المتقدمة.

في ظل ذلك، من المتوقع أن يعرف الطلب الخارجي الموجه للاقتصاد الوطني زيادة، بنسبة 3.1%، في الفصل الثاني من سنة 2022، عوض 20.7%، خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

وبالموازاة مع ذلك، حسب مندوبية التخطيط، ينتظر أن يعرف الطلب الداخلي تسارعا طفيفا، في الفصل الثاني من سنة 2022؛ حيث ستبلغ مساهمته في النمو الاقتصادي 3.3 نقطة، مدفوعا باستمرار تنامي النفقات العمومية، في حين من المتوقع أن يظل إنفاق الأسر متواضعا، في ظل ارتفاع الضغوط التضخمية.

وفي هذا السياق، يرتقب أن تعرف القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية تحسنا، بنسبة 4.1%، في الفصل الثاني من سنة 2022، على أساس سنوي؛ حيث يعزى هذا التطور، بشكل خاص، إلى أداء أنشطة القطاع الثالث التي من المحتمل أن تصل مساهمته في النمو الاقتصادي الإجمالي إلى 2.4 نقطة.

أما بخصوص القطاع الثانوي، فمن المتوقع أن تعود أنشطة التعدين إلى تحقيق نسب نمو إيجابية؛ مما سيدعم تحسن القيمة المضافة للأنشطة الثانوية بـ2,8%، خلال نفس الفترة.

وإجمالا، وباعتبار انخفاض القيمة المضافة الفلاحية، بنسبة تقدر بـ12,9%، يتوقع أن يشهد الاقتصاد الوطني نموا، بنسبة 1,8%، خلال الفصل الثاني من سنة 2022، على أساس سنوي، عوض 15,2%، المسجلة خلال نفس الفترة من السنة الماضية.