أفرزت المناقشات التي همت مضامين مشروع قانون مالية 2025، في إطار لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، تباينا في مواقف النواب بشأن الفرضيات التي بني عليها المشروع وتوقعات نسبة النمو الاقتصادي.
وحسب تقرير اللجنة، الذي تم تقديمه، يوم أمس الخميس، في مستهل جلسة عامة يعقدها مجلس النواب للدراسة والتصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2025، ففي حين رأى مجموعة من النواب أن الفرضيات الخاصة بمشروع القانون المالي "واقعية وعملية في سياقها"، اعتبر نواب آخرون أنها "مفرطة في التفاؤل وغير قابلة للتحقيق".
وسجل المصدر نفسه أن جانبا من النواب أعربوا عن اعتزازهم بالعرض الحكومي الذي حمله مشروع قانون المالية، بما يتميز به من نسقية وترابط مع ما أنجزته الحكومة، خلال النصف الأول من ولايتها، فضلا عما اتسم به من اليقظة والحذر لمواكبة التحديات وتحويلها إلى فرص حقيقية للتنمية الشاملة، بينما اعتبر نواب آخرون أن المشروع "لا يرقى إلى ما يجعل منه عاملا لاستعادة الثقة، كما لا يجيب على الإشكاليات المطروحة سياسيا واقتصاديا".
وتابع التقرير أن مجموعة من النواب البرلمانيين نوهوا بـ"مواصلة الحكومة تعزيز دعائم الدولة الاجتماعية، من خلال تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، والتنزيل التدريجي لنظام الدعم الاجتماعي المباشر"، مؤكدين على "ضرورة مواصلة ترسيخ الآليات المرتبطة بهذا الورش الاجتماعي الكبير".
وفي المقابل، سجل نواب آخرون أن مشروع القانون "يواجه إشكالية إدماج المستفيدين في مسلسل الإنتاج والتنمية، إلى جانب إشكالية الاستدامة المالية والعتبة الإقصائية وسبل مراجعتها".
أما بخصوص التعليم، فأفاد التقرير بأن نوابا برلمانيين أشادوا برفع الاعتمادات المالية المخصصة للقطاع، إلا أنهم لم يخفوا انشغالهم بشأن الإشكاليات التي يعرفها، معبرين عن أملهم في "أن يكون للميزانية المرصودة وقع جيد وآثار ملموسة على القطاع، ولاسيما فيما يخص إنتاج الطاقات الموجهة نحو سوق الشغل".
كما رصد التقرير تباين مواقف النواب فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية الهادفة إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين، موضحا أنه في الوقت الذي أشاد فيه البعض بالإجراءات المتخذة، والتي تشمل، أساسا، تخصيص اعتمادات لفائدة صندوق المقاصة، بغلاف مالي يناهز 16.5 مليار درهم، برسم السنة المالية 2025، أثار آخرون "محدودية وقع إجراءات الدعم ذات الصلة وانعكاساتها على القدرة الشرائية للمواطنين"؛ حيث أعربوا عن "تخوفهم من عدم بلوغ الأهداف المعلنة لسياسة الدعم، في ظل عدم ربط أي دعم عمومي مالي أو ضريبي بالتسقيف الملزم لأسعار المواد المعنية".
أما ما يتعلق بتوطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل، فسجل التقرير أن النواب البرلمانيين ثمنوا رفع الغلاف المالي المرصود للاستثمار العمومي إلى 340 مليار درهم، برسم سنة 2025، وأكدوا على ضرورة رفع نسبة تنفيذ الاستثمارات العمومية ومراعاة التوازن الترابي في توزيعها.
واستدرك المصدر نفسه: "إلا أنهم مع ذلك، دعوا إلى مضاعفة الجهود وتحفيز الاستثمارات المنتجة للشغل، معتبرين أن مبادرات الحكومة في التشغيل محتشمة ومؤقتة، وتفتقر إلى ضمانات الديمومة الاستقرار الاجتماعي".
كما سجلت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، في تقريرها، أن المناقشة العامة لمشروع قانون المالية شملت محور الإصلاحات الهيكلية، "التي قوبلت بالترحيب من النواب البرلمانيين، خصوصا الإصلاحات البنيوية ذات الصلة التي انخرطت فيها بلادنا"، مسجلة أن ذلك لم يمنع النواب من تسجيل بعض الملاحظات؛ منها "بطء وتيرة تنزيل مخطط اللاتركيز الإداري ونقل الاختصاصات إلى البنيات الإدارية الجهوية والإقليمية".
من جهتها، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن المشروع "يسعى إلى ترجمة الإرادة الراسخة للحكومة من أجل مواصلة تنزيل برنامجها الحكومي، تماشيا مع التوجيهات الملكية وتوصيات النموذج التنموي الجديد، مشيرة إلى "أن الفرضيات التي يستند إليها المشروع تبقى حذرة بالنظر إلى تطورات السياق الدولي والوطني".
كما تناولت فتاح "عددا من التدابير التي تندرج في إطار تكريس أسس الدولة الاجتماعية، مع تقديم معطيات رقمية لكل ذلك"، مشددة على "أن تنزيل ورش الحماية الاجتماعية وما يواكبه من إصلاحات يقتضي مواصلة دينامية الاستثمار العمومي وتحفيز الاستثمار الخاص، بالإضافة إلى مواصلة الإصلاحات الهيكلية، وما يتطلبه الأمر، كذلك، من تعزيز الاستدامة المالية العمومية".
وبدوره، قدم الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أجوبة على ما أثاره النواب البرلمانيون من إشكاليات وملاحظات وتناول المجهودات الحكومية في سياقاتها، إن على المستوى الاجتماعي، أو فيما يتعلق بما هو اقتصادي مالي، بالاستناد إلى معطيات رقمية في الموضوع.
كما تضمن التقرير معطيات إحصائية حول التعديلات على مشروع قانون المالية 2025، والتي توصلت بها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية؛ حيث بلغت ما مجموعه 532 تعديلا، من بينها تعديل واحد من الحكومة، و28 تعديلا قدمته فرق الأغلبية النيابية، بالإضافة إلى الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي.
وتوزعت التعديلات الأخرى بين الفريق الاشتراكي - المعارضة الاتحادية (167 تعديلا)، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية (139 تعديلا)، والفريق الحركي (92 تعديلا)، وفريق التقدم والاشتراكية (56 تعديلا)، والنائبة نبيلة منيب (غير منتسبة- 32 تعديلا)، والنائبة فاطمة الثامني (غير منتسبةـ 26 تعديلا).