قال محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إن "المغرب من خلال الإنجاز الناجح لاستراتيجية «المخطط المغرب الأخضر» على مدى العقد الفارط 2008 – 2020، تنزيلا للرؤية الملك محمد السادس، استطاعت أن تنجز طفرة فلاحية خضراء تحقق من خلالها العديد من الإنجازات، حيث شكل القطاع محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية كان لها الوقع الإيجابي المباشر في مسار تعزيز الأمن الغذائي لعموم المغاربة من جهة، وتحسين دخل وظروف عيش ساكنة العالم القروي والتي تمثل % 38 من ساكنة المغرب، من جهة أخرى".
وأوضح صديقي في ندوة عالية المستوى حول موضوع "السيادة الغذائية المستدامة"، صباح اليوم الأربعاء، ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، الذي انطلق يوم أمس الثلاثاء، أن "هذا التطور تكرس بشكل ملموس حيث شكل القطاع محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحقيق عدة مخرجات ومكاسب كبرى نذكر منها، على المستوى الماكرو-اقتصادي، تضاعف الناتج الفلاحي الخام وارتفعت مساهمة الفلاحة في نقاط نمو الناتج المحلي الإجمالي من ٪7 خلال العقد قبل 2008 إلى ٪17 خلال العقد 2008-20، بفضل نسبة نمو سنوية بلغت 5.25٪، فاقت نسبة نمو القطاعات الاقتصادية الاخرى خلال هذه الفترة".
وأورد المتحدث ذاته، أمام وزراء عدد من الدول من أوروبا وإفريقيا، أن "الصادرات الفلاحية تضاعفت، وشهد الاستثمار الفلاحي الذي وضع في قلب استراتيجية المغرب الأخضر ارتفاع قياسي بلغ 132 مليار درهم، منها ٪60 استثمارات خاصة بفضل الرفع من جاذبية القطاع بفعل المجهد العمومي وتحسين مناخ الأعمال في القطاع الفلاحي، وتم خلق ما يعادل 300 ألف منصب شغل فلاحي مع تحسن نوعية العمل وارتفع عدد الأيام لكل منصب شغل، كما أرسى مخطط المغرب الأخضر أسس الأمن الغذائي المستدام بجميع أبعاده، سواء من حيث الموفورات أو الولوج أو الجودة. وبالتالي، أضحى المغرب من بين البلدان الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث تغطية الإنتاج الوطني للاحتياجات الغذائية".
ولفت إلى أن "اقتصاد مياه الري، تعزز حيث بلغت المساحة السقي بالتنقيط حوالي 650 ألف هكتار عند نهاية مخطط المغرب الأخضر، سمحت باقتصاد 1 مليار م3 سنويا؛ كما تعززت مقاومة الفلاحة، وخفض الاعتماد على الزراعات المتوقفة على التساقطات، إضافة إلى إرساء دينامية لإدماج الفلاحة الصغيرة والمتوسطة، حيث بلغ عدد المستفيدين من برامج المغرب الأخضر 2.7 مليون من الفلاحين الصغار والمتوسطين، بميزانية فاقت 44 مليار درهم".
تقييم مخطط المغرب الأخضر
وشدّد الوزير على أن "تقييم مخطط المغرب الأخضر مّكن من إبراز تحديات تهم أوراش لم تتطور بشكل كاف، وتهم على الخصوص، هيكلة قنوات التوزيع، إذ تم تسجيل تأخر في تطوير منظومة أسواق الجملة، والتي تبقى شرطا أساسيا لتطوير الجودة ولتوزيع عادل للقيمة بين المنتجين والموزعين، ومواصلة تحديث المجازر من أجل تحسين جودة منتوجاتها".
وسجل أن التقييم خلص إلى ضرورة "تسريع أوراش التثمين والتحويل للرفع من قيمة المنتوجات الفلاحية. كما ينبغي مواصلة التصدي لمظاهر الهشاشة الاجتماعية في المجال القروي".
في نفس الوقت، أكد أن "أزمة كورونا أظهرت مدى أهمية مخطط المغرب الأخضر ودوره الفعال في إرساء أسس الأمن الغذائي المستدام بجميع أبعاده سواء من حيث الموفورات أو الولوج أو الجودة وقدرة القطاع الفلاحي على الصمود وفي نفس الوقت كشفت مدى هشاشة النظم الغذائية وضرورة الانخراط في مسارات تحول هذه النظم لتصبح أكثر استدامة".
ولفت إلى أن "استراتيجية "الجيل الأخضر" تعتمد على مقاربة جديدة، تتجاوز الإجراءات التقليدية المعتمدة لرفع الإنتاجية والمردودية بالقطاع الفلاحي، تستهدف تحقيق تحول شامل لنظامنا الغذائي لتحقيق الأمن والسيادة الغذائية بالمملكة مع إيلاء أهمية كبرى لتعزيز الدور الأساسي للعنصر البشري ومقاربة النوع وتقوية مرونة القطاع الفلاحي".
ونبه على أن "أحد أهداف الجيل الأخضر "تعزيز سلاسل الإنتاج الفلاحية عبر مواصلة تطويرها بتوجيه جهود الاستثمار لسافلة السلاسل مع الحفاظ وترشيد التحفيزات في عاليتها بهدف مضاعفة الناتج الخام الفلاحي ومضاعفة قيمة الصادرات الفلاحية وتعزيز الاستثمار في التثمين والتحويل ليغطي 70 ٪ من الإنتاج؛ من خلال اعتماد جيل جديد من عقود برامج تنمية سلاسل الإنتاج تتماشى مع التحول المنشود لأنظمة غذائية أكثر صحية واستدامة وشمولية ومرونة".
وتابع: "ما زلنا نمر بمرحلة من عدم اليقين في سياق الأزمة المتعددة العوامل والمصادر، التي لا تزال آثارها تلقي بثقلها على سلاسل القيمة الزراعية وسلاسل التموين، والتي أثرت سلبا على الأنظمة الغذائية العالمية التي أبانت عن هشاشتها. كما أبان هذا السياق أنه لا يمكن أن يوجد أمن غذائي مستدام للمستهلكين بدون أمن اقتصادي مستقر للفلاحين والمنتجين. ولذا وجب تدبير التناقض الذي يظهر أحيانا بين السياسة الفلاحية، التي تصبو إلى أسعار جذابة لتشجيع المنتجين لأجل استدامة الإنتاج وتحسينه، والسياسة الغذائية، التي تنبني على مقاربة الإبقاء على أسعار المواد الغذائية عند أدنى مستوى ممكن للمستهلكين، لأجل المحافظة على القدرة الشرائية".